مترو دبي.. مسار حضاري نحو ريادة المستقبل المستدام
في 9 سبتمبر/أيلول 2009 أطلقت دبي مشروعاً حيوياً ومميزاً، حقق نقلة نوعية للمدينة في مجال النقل والمواصلات، وهو "مترو دبي".
ويُعد "مترو دبي" أول نظام قطارات للمواصلات الحضرية ليس في الإمارات فقط، بل في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً، وأول نظام قطار آلي بالكامل، والأطول من نوعه على مستوى العالم، حيث يبلغ طول شبكته 90 كيلومتراً، وتربط 53 محطة.
قرار استراتيجي.. وإنجازات نوعية بالنقل المستدام
واليوم، ومع اقترابه من إكمال 14 عاما يواصل "مترو دبي" تحقيق إنجازات نوعية في النقل المستدام، حيث استقبل في هذه الفترة أكثر من 2 مليار راكب بمعدل يومي يتجاوز 600 ألف راكب، كما بلغ عدد قطاراته 129 قطارا، ووصلت نسبة الالتزام بمواعيده 99.7%.
هذا في حد ذاته إنجاز ضخم، يفسّر ويوضح أهمية هذا المشروع، فهو لم يكن يوماً خياراً ترفيهياً، بل هو قرار استراتيجي مهم أثبت صحته وجدارته.
وقد قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تغريدة له على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" الأحد 23 أبريل/نيسان 2023، "لم تكن فكرة مترو دبي مألوفة في المنطقة.. ولم تكن ثقافته مقبولة.. ولم يكن قراره متفقاً عليه من أغلب المسؤولين.. لكن المسؤولية تطلبت منا اتخاذ قرار غير مألوف وغير مقبول.. وأنجزنا ما وعدنا.. وفعلنا ما قلنا".
وأضاف "في لحظات اتخاذ القرارات الصعبة.. أسوأ خيار هو عدم اتخاذ قرار.. لأنه في هذه اللحظات تُصنع أقدار الدول والمجتمعات".
وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد دشن "مترو دبي" في التاسع من شهر سبتمبر/أيلول عام 2009، كأطول مشروع مترو في العالم دون سائق، وأحد أهم مشروعات هيئة الطرق والمواصلات في دبي ومنظومة النقل الجماعي في المدينة، التي تترجم رؤيته لمستقبل القطاع، وتلبي متطلبات النمو العمراني، وتدعم تطور مكانة دبي مركزاً عالمياً للمال والأعمال، في ضوء العمل على تعزيز أسس الاقتصاد الأخضر، ومضاعفة جهود التنمية المستدامة، واتباع الحلول الفعّالة الصديقة للبيئة، ليحقق المترو خلال تلك الفترة مؤشرات نجاح عالية وفق أرفع معايير السلامة العالمية، والكفاءة التشغيلية في الالتزام بدقة مواعيد الرحلات.
واجهة حضارية لحياة عصرية
"مترو دبي" لم يكن مجرد مشروع نقل ناجح، ولا يمكن حصر فوائده في جانب المواصلات فقط، بل تعدى ذلك ليصبح واجهة حضارية لأسلوب حياة ناجحة في دبي، وتشعب ليحقق نجاحات في قطاعات أخرى، كنا نظنها غير مرتبطة بوجود المترو، حيث حقق منافع اقتصادية واجتماعية وبيئية عديدة، واستطاع أن يحقق تغييرات هيكلية ضخمة في قطاعات اقتصادية أخرى أسهمت في رفع وتحسين مستوى معيشة الكثير من البشر.
لقد فعل "مترو دبي" ذلك، حيث أسهم في ارتفاع قيمة العقارات في المناطق التجارية حول محطاته وبنسبة تراوح بين 20% و30%، كما بلغ العائد الاقتصادي لإمارة دبي على كل درهم أُنفق في «مترو دبي»، 2.5 درهم عام 2020، وسيصل إلى 4.3 دراهم عام 2030.
وقد سجل المترو رقماً قياسياً في موسوعة غينيس للأرقام القياسية في عام 2011 كأطول قطار في العالم بدون سائق.
وأسهم "مترو دبي" كذلك في تحسين البيئة المعيشية للسكان، من خلال تحسين حركة التنقل داخل المدينة، وفي المناطق السياحية والاقتصادية، والمساهمة في تعزيز منظومة النقل الجماعي المتكامل، وتوفير أسلوب تنقل سهل ومريح وذي كفاءة عالية، إضافة إلى دعم وتعزيز بنية الأعمال والتجارة والسياحة بمدينة دبي، ودعم القاعدة الاقتصادية للإمارة.
لقد أسهم المترو وبشكل لافت في تخفيف الازدحام المروري في المحاور التي يخدمها، وحسب أرقام هيئة الطرق والمواصلات في دبي، فإن نسب تخفيف الازدحام تراوح بين 15% و25%، كما أسهم في الحد من الانبعاثات الكربونية والحوادث المرورية.
وكانت هيئة الطرق والمواصلات ممثلة في مركز التحكم الموحد قد فازت بجائزة "أفضل الأعمال 2022" عن فئة أفضل استخدام مبتكر وإبداعي للتكنولوجيا.
جاء تحقيق "طرق دبي" لهذا الإنجاز الجديد من خلال مشاركتها في الجائزة عن مركز التحكم الموحد الذي يعد من أكبر وأحدث مراكز التحكم في العالم من حيث توظيف التقنيات الذكية وقدرته على تحقيق التكامل والتحكم في جميع وسائل النقل الجماعي التي تشمل مترو دبي.
وإلى جانب دور مترو دبي في تسهيل حركة تنقل السكان والزوار في إمارة دبي، فقد أسهم في تعزيز القوة التنافسية لدبي في تنظيم الفعاليات الدولية، وأهمها الاستضافة الناجحة لمعرض إكسبو 2020 دبي، الذي شهد تنفيذ مسار 2020 لمترو دبي، بطول 15 كيلومتراً، متضمناً سبع محطات.
كما أسهم المترو في تعزيز الحركة الاقتصادية التنموية للإمارة، وكذلك الأنشطة السياحية، فيما كان لمترو دبي أيضا أثر واضح في رفع قيمة العقارات القريبة من محطاته وبنسبة وصلت إلى 12%.