كيف تؤدي بعض أنواع بكتيريا «الإيكولاي» إلى الإصابة بسرطان القولون؟ (حوار)
يُعتبر سرطان القولون ثالث أكثر أنواع السرطان انتشارا وأخطرها من حيث معدلات الوفيات، وتزداد نسبة الإصابة به، خاصة بين الشباب.
وتشير أدلة حديثة إلى أن بعض البكتيريا الموجودة في الميكروبيوم (مجموع البكتيريا المفيدة في أمعائنا) قد تسهم في تطوير سرطان القولون من خلال آليات لم تكن مفهومة بالكامل حتى الآن.
ومن بين البكتيريا التي يُشتبه في تعزيزها للسرطان هي بكتيريا الإيكولاي "الإشريكية القولونية"، الحاملة لجينات "pks+"، التي تنتج سموما جينية تسمى "كوليباكتين"، تستطيع الارتباط بالحمض النووي البشري وتتسبب في تلفه، مما يزيد من خطر حدوث طفرات تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
وخلال دراسة نشرتها دورية "نيتشر"، اكتشف فريق بحثي يقوده لارس فيريك من معهد أبحاث السرطان في غينت ببلجيكا، أن بكتيريا الإيكولاي، الحاملة لجينات "pks+"، يمكنها الالتصاق بجدار الأمعاء باستخدام ألياف بروتينية تُسمى الأهداب، مما يسمح لها بإنتاج السم القادر على إتلاف الحمض النووي وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون.
وأظهرت تجاربهم أن هذا الالتصاق يعزز حجم وعدوانية الأورام، ولكن عند منع هذه البكتيريا من الالتصاق يمكن تقليل تلف الحمض النووي وتطور السرطان بشكل كبير، كما حددوا البروتينات الموجودة بالبكتيريا، والمسؤولة عن هذا الالتصاق وهي "FimH" و"FmlH"، مما يفتح المجال لتطوير علاجات تستهدف هذه الآلية.
فكيف توصل الباحثون لهذا الاختراق المهم؟ وما تطبيقاته في مجال الأدوية؟ هذه الأسئلة وغيرها يجيبب عنها "لارس فيريك" في حوار خاص مع "العين الإخبارية".
كيف يمكن تطبيق نتائج دراستكم لتطوير أدوية أو استراتيجيات علاجية جديدة للوقاية من سرطان القولون؟
أثبتنا أن تثبيط بروتين (FimH) الموجود بهذه هذه البكتيريا كافٍ لمنع التصاقها بالخلايا الطلائية في الأمعاء، ومنع تأثيرها الجيني السام وتطور السرطان في النماذج المعملية، وبالتالي فإن العلاجات القائمة على منع هذا الالتصاق قد تكون فعالة جدا في الوقاية من سرطان القولون لدى الأفراد المصابين بهذه البكتيريا.
ما العوامل أو الظروف التي قد تجعل جدار الأمعاء أكثر عرضة لتأثيرات هذه البكتيريا؟
كل العوامل التي تضعف حاجز الأمعاء، سواء كانت الطبقة المخاطية أو النسيج الطلائي المعوي يمكن أن تعزز التفاعلات البكتيريا وتسهم في تطور سرطان القولون والمستقيم وتشمل هذه العوامل استخدام المضادات الحيوية والنظام الغذائي الغربي.
والأهم من ذلك أن الالتهاب يضعف سلامة الحاجز ويزيد من عدد المستقبلات التي تلتصق بها هذه البكتيريا، مما يعزز آلية التغذية الراجعة الإيجابية.
هل توجد حالات صحية معينة قد تزيد من تأثير هذه البكتيريا الضارة على الأمعاء؟
نعم، مرض التهاب الأمعاء مرتبط بضعف حاجز الأمعاء وتكاثر بكتيريا الإيكولاي، الحاملة لجينات "pks+"، مما يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون الناتج عن السموم الجينية (كوليباكتين).
هل يمكن تطبيق هذه النتائج على أنواع أخرى من السرطان؟
يمكن أن يتطور سرطان المثانة بآليات مشابهة، حيث إن عدة سلالات من البكتيريا البولية الممرضة (UPEC) تحتوي على جين (pks+).
بعض سلالات الإيكولاي تُستخدم كـ"بروبيوتيك" (بكتيريا حية يُعتقد أنها تعزز الصحة)، فهل هناك خطورة من هذا العلاج؟
بعض سلالات الإيكولاي تُستخدم كـ"بروبيوتيك" (بكتيريا حية يُعتقد أنها تعزز الصحة) ، ووجدنا أن هذه السلالات تحتوي على نسخة من البروتين (FimH) غير فعالة بشكل كبير في الارتباط بالخلايا، مما يمنع السم من الوصول إلى هدفه، لكن ذلك لا يمنع من التحذير، أن بعض الطفرات البسيطة قد تُعيد قوة هذا الارتباط وتفعيل النشاط المسبب للسرطان في هذه السلالات، مما يستدعي إعادة النظر في اعتبارها "بروبيوتيك" آمنة.
aXA6IDMuMTQyLjI1MC44NiA= جزيرة ام اند امز