كارثة تركيا تفتح الملف.. ما العلاقة بين الوميض الأزرق ووقوع الزلازل؟
تناول تقرير نشره موقع نيو ساينتيست بشكل مفصل ما يتردد عن ظهور أضواء زرقاء تنتشر في السماء مباشرة قبل حدوث الزلازل الكبرى.
وكان هذا الأمر قد أثير إبان وقوع زلزال تركيا في فبراير/شباط الماضي، عندما التقطت عدسات المصورين وابلا من الأضواء الزرقاء في السماء ليلة وقوع الهزة المدمرة.
وعاد التقرير إلى حالة المكسيك حيث منتجع أكابولكو الذى تعرض في أوائل سبتمبر/ أيلول 2021 ، لزلزال بلغت قوته 7 درجات على مقياس ريختر وقد هز الشواطئ الرملية في المدينة والمرتفعات الشاهقة على الواجهة البحرية.
الأضواء الزرقاء
ووفقا لروايات الشهود، فقد رأى أولئك الذين حوصروا بسبب الزلزال شيئًا أكثر غرابة إلى حد كبير حيث أضاء وابل من الأضواء الزرقاء ، مثل وميض البرق الأزرق في السماء وقت الليل ، على ما يبدو فوق خط الصدع مباشرة.
كان هذا المشهد الغريب مثالاً لما يُعرف بـ "أضواء الزلزال" ، وهي ظاهرة شبه أسطورية ظهرت في تقارير الهزات الأرضية لعدة قرون.
وغالبًا ما يرفض العلماء فكرة أن هذه الومضات الزرقاء ناتجة عن زلزال وتوقع البعض أن الأضواء الوامضة قد تكون ناتجة عن خطوط الكهرباء التالفة.
لكن مجموعة صغيرة من الباحثين تدعي الآن أن لديها أدلة على فرضية بديلة. ونقل التقرير عن هؤلاء أنه عندما تنفجر الصدوع التكتونية، تنشأ تيارات كهربائية وسواء كانت هذه التيارات تنتج أضواء أم لا، فيجب أن تكون هناك إشارات كهرومغناطيسية منبهة والتي يمكن اكتشافها مسبقًا.
وبناء على ذلك، فإنه يمكن لأضواء الزلازل الغريبة أن تتنبأ بالكوارث الوشيكة، اذ أنه من المحتمل أن تستخدم هذه الإشارات كتحذير من كارثة خاصة، مع تردد هذه الأضواء بشكل متكرر في السماء. وحتى الان، فشل الجميع في البحث عن طرق للتنبؤ بالزلازل لعقود لكن الأدلة الجديدة المرتبطة بهذه الأضواء الخارقة في السماء قد تمثل اختراقا في المجال.
وتقوم هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بتجميع البيانات الزلزالية طويلة المدى التي يمكن أن تخبرنا عن فرصة وقوع زلزال في منطقة معينة، ولكن فقط عبر نافذة زمنية تمتد لسنوات أو عقود وهناك أنظمة تحذير من الهزات الارضية في الولايات المتحدة، والتي تستخدم أجهزة قياس الزلازل لإعطاء الناس تنبيهات عن الزلازل القادمة ولكن قبل ثوانٍ فقط.
توقع الزلازل
وللقيام بعمل أفضل، يجب أن يتم رصد إشارة تسبق الزلزال بشكل موثوق به في وقت مبكر جدًا.
وتشير عالمة الزلازل سوزان هوغ من هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية أن هناك بعض المدارس الفكرية التي ترى أنه لن يكون ممكنًا أبدًا"، وحتى الاعتقاد الأكثر تفاؤلاً بأن هذا سيكون في أحسن الأحوال أقرب إلى توقعات الطقس، مما يعطي احتمالية وقوع زلزال في الأيام والأسابيع المقبلة.
ولكن الأمر يستحق المتابعة ، مهما كانت فرص النجاح ضئيلة، باعتبار الدمار الواسع الذي أحدثته الزلازل القوية في أوائل فبراير/ شباط، عندما ضربت عدة زلازل سوريا وتركيا ، مما أسفر عن مقتل أكثر من 54000 شخص.
فرضية فرويند
وتم طرح فكرة إمكانية إنتاج إشارات كهرومغناطيسية في الفترة التي تسبق حدوث زلزال، من قبل فريدمان فرويند، وهو فيزيائي كان يعمل وقتها في مركز أبحاث أميس التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا.
وتشير فكرته إلي أن العيوب في التركيب الجزيئي للصخور في قشرة الأرض يمكن أن تتعطل أثناء الزلازل، مما يطلق تيارات كهربائية يمكن أن تنتشر عبر الأرض وتخلق شحنة في الغلاف الجوي ويمكن أن تتراكم هذه الشحنات وتسبب ومضات من الكهرباء. ووفقا له أيضا، يجب أن تشير ظواهر أخرى إلى بالنشاط الزلزالي، مثل التغيرات في درجات الحرارة وسلوك الحيوانات غير الطبيعي.
لكن فرضية فرويند لم تحظ مطلقًا بالقبول، اذ يشكك البعض في المبادئ الأساسية لنموذجه إلا أن الفكرة الأوسع حول إمكانية وجود اتصال كهربائي بين الصخور في قشرة الأرض والغلاف الجوي ليست خاطئة ، حتى لو لم تكن التفاصيل مفهومة جيدًا.
وبدأت قصة الإثارة الأخيرة حول كهرباء الزلزال في عام 1985 عندما قرأ مهندس يُدعى توم بليير عن أضواء الزلزال وكان لديه فكرة تتمثل في إنه إذا كانت الزلازل تخلق دفعات من الكهرباء على السطح ، فمن المحتمل أنها تولد أيضًا حقولًا كهرومغناطيسية في أعماق الأرض في مركز الزلزال.
وستحجب قشرة الأرض كل شيء ما عدا أقل الترددات الكهرومغناطيسية إلا أن مقياس المغناطيسية التعريفي الذي يتم ضبطه على تلك الترددات المنخفضة قد يلتقط إشارة وهذه الأجهزة تصل إلي عشرات الآلاف من الأمتار من الأسلاك النحاسية الدقيقة الملفوفة حول قلب معدني وليست صعبة البناء.
وحاول بليير إقناع هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بتمويل البحث في هذه الفكرة. لكن الوكالة لم تكن مهتمة. وبعد ذلك ، في أواخر التسعينيات، بدأ بليير العمل كمهندس أقمار صناعية في شركة مقرها كاليفورنيا وأقنعها بتقديم تمويل خيري لنظام مراقبة الزلازل .
وتم تأسيس شركة تسمى كويك فايندر عام 2000 وبدأ بليير في بناء شبكة من مقاييس المغناطيسية المحسّنة للترددات شديدة الانخفاض في جميع أنحاء كاليفورنيا وتم تثبيت الأجهزة في الساحات الخلفية والمزارع والحقول - في أي مكان يسمح به أصحاب العقارات .
و كان لدى الشركة 125 جهاز كاشف زلازل بحلول عام 2017 مثبتة في كاليفورنيا وقد كان يجمع البيانات عشرات المرات في الثانية لأكثر من عقد، ويلتقط حتى التقلبات الكهرومغناطيسية الطفيفة للغاية.
ويقول سيمون كليمبر، عالم الجيوفيزياء في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا الذي حلل بشكل مستقل بيانات الشركة أنه عمل شاق حقًا لجمع بيانات دقيقة وفعل هذا بنجاح كبير.
وبدأ الباحثون في إحراز تقدم في عام 2019 حيث نشرت في دراسة، تشير إلي أنه يجب النظر في ما إذا كان نطاق الترددات الكهرومغناطيسية التي رأوها قد تغير في الأيام التي سبقت وقوع الزلزال.
وتوضح كابلر أنه باستخدام مجموعة فرعية من البيانات التي كانت تتألف من ما يقرب من 900 زلزال بقوة 4 درجات أو أكثر ، أبلغ الباحثون عن تغيير طفيف في إشارات المجال الكهرومغناطيسي بين أربعة و 12 يومًا قبل هذه الهزات وأظهر تحليلهم أن الإشارات لها دلالة إحصائية تبلغ 3 سيجما ، مما يعني أن هناك فرصة بنسبة 99.7٪ بأنها ليست مجرد صدفة مما يشير أنه كان هناك تأثير حقيقي .
لكن رغم ذلك، فإن استخدام هذه الإشارات للتنبؤ بوقوع الزلزال مقدمًا هو أمر لم تتمكن الشركة من إدارته بعد.
ونشر دي سانتيا وآخرون أبحاثًا تحدد ما يقولون إنها سلسلة موثوقة من الأحداث التي تحدث قبل الزلازل ، بدءًا من التغيرات في درجة حرارة الغلاف الجوي والرطوبة، تليها زيادة في الأشعة تحت الحمراء من سطح الأرض ومستويات مرتفعة من الميثان وأول أكسيد الكربون ، ثم ، أخيرًا ، تشوه في الأيونوسفير للأرض، أعلى شريحة من الغلاف الجوي. قد تمثل هذه الأنواع من التغييرات معًا مؤشرًا موثوقًا به أكثر من أي إشارة بمفردها.
ومع ذلك، لا يزال علم التنبؤ بالزلازل على أرض متذبذبة حيث أوقفت شركة استلر المصدر الرئيسي للتمويل لشركة كويك فايندر، دعمها المالي مؤقتًا في عام 2021.
ويقوم موظفو الشركة الآن بإجراء أبحاث في أوقات فراغهم أثناء عملهم في وظائف أخرى، بينما بدأت أجهزة قياس المغناطيسية في شبكتهم في التوقف عن العمل واحدة تلو الأخرى مع نفاد بطاريتها.
aXA6IDMuMTQyLjE3MS4xMDAg جزيرة ام اند امز