إيبولا يهاجم أفريقيا من جديد.. شبح كارثة 2013 يلوح في الأفق
هاجم وباء إيبولا دول غرب أفريقيا، التي تجاهد باستمانة لكبح فيروس كورونا، وحصد أرواحا وهدد آلافا بعد سنوات من جهود القضاء على الفاشية.
وخاضت دول أفريقيا على مدار 8 سنوات حربا شرسة للقضاء على إيبولا، ومع كل اقتراب من إعلان القارة السمراء خالية من الفاشية يباغت الفيروس الجهات الصحية بظهور مفاجئ وقتلى جدد، مهددا بعودة شبح كارثة التفشى الأكبر بين عامي 2013 و2016 من جديد.
وباء إيبولا القاتل انتشر في بعض بلدان غرب أفريقيا منتصف العقد الماضي بالتحديد في 2013. البداية كانت في غينيا ثم انطلق إلى ليبيريا وسيراليون ونيجيريا والكونغو، ووصل في النهاية إلى 10 دول بينها إسبانيا والولايات المتحدة.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) في 8 أغسطس/آب 2014، إيبولا جائحة تشكل حالة طوارئ صحية عامة تسترعي الاهتمام الدولي على مستوى العالم.
انتهى الوباء في غرب إفريقيا في 2016 بعد أن حصد نحو 11 ألفا و300 شخص من أصل 28 ألفا و600 إصابة سجل أكثر من 99% في غينيا (2500 وفاة) وليبيريا وسيراليون.
فيروس إيبولا رصد للمرة الأولى في 1976 في زائير السابقة، جمهورية الكونغو الديموقراطية حاليا. ومنذ ذلك الحين زرع هذا الفيروس الذي وضع لقاحان تجريبيان ضده لكن لا يوجد علاج له، الرعب في إفريقيا مرات عدة.
سنوات من الاختفاء
باغت فيروس إيبولا دولة غينيا الإفريقية وحصد 4 أرواح وأصاب 3 آخرين بعد 5 سنوات من الاختفاء وإعلان الدولة خالية من الوباء في 2016، في أول ظهور للمرض مجددا في غرب القارة السمراء.
البداية بإعلان وفاة ممرضة مصابة بفيروس إيبولا نهاية يناير/كانون الثاني في منطقة غابة غينيا بالقرب من الحدود مع ليبيريا، وبعد أيام ظهرت أعراض المرض على 8 أشخاص من الذين شاركوا في جنازتها، مثل الإسهال والقيء والنزيف والحمى.
العينات الأولى التي تم تحليلها في مختبر أنشأه الاتحاد الأوروبي في منطقة غيكيدو بالمنطقة، كشفت وجود فيروس إيبولا في بعضها.
التوقعات تشير إلى أن سبب ظهور الفيروس مريضًا تعافى ثم انتكس مجددا، أو انتقل عن طريق الحيوانات البرية لا سيما الخفافيش.
في المجموع، كانت هناك 7 إصابات بينها 3 وفيات، وجرى عزل المرضى ووضعت غينيا في وضع تفش لوباء إيبولا.
حاليا، تجرى هذه الدولة الأفريقية تحقيقا لتحديد مناطق إقامة المشاركين في الدفن لتعقب المخالطين، وتحديد أصل تفشي المرض.
الكونغو موبوءة
أعلنت جمهورية الكونغو الديموقراطية، في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، انتهاء الموجة الـ11 من فيروس إيبولا في ولاية إكواتور شمال غربي البلاد، التي أسفرت عن وفاة 55 شخصا من أصل 130 إصابة، بعد عدم تسجيل حالات إصابة لأكثر من شهر.
وساعد الانتشار الواسع للقاحات التي أُعطيت لأكثر من 40 ألف شخص في الحد من المرض، الذي تفشى لأكثر من 6 أشهر.
الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر قال آنذاك إن "هذه الإنجازات تعد الأولى منذ نحو عامين ونصف العام منذ الإعلان عن خلو جمهورية الكونغو الديمقراطية من إيبولا".
لكن قبل مرور 3 أشهر، باغت الفيروس شرقي الكونغو وأودى بحياة امرأة في مدينة بوتيمبو يوم 7 فبراير/شباط 2021، وكانت زوجة رجل أصيب بالفيروس في بؤرة سابقة، وفقاً لوكالة "رويترز".
أعقب ذلك، تسجيل الكونغو 4 حالات مؤكدة بفيروس الإيبولا في بوتيمبو التي كانت بؤرة تفش سابق أُعلن عنه في يونيو/حزيران الماضي.
وهذا يمثل بداية التفشي الـ12 للإيبولا في الكونغو منذ اكتشاف الفيروس بالقرب من نهر إيبولا عام 1976، وبذلك يتجاوز عدد مرات تفشي الفيروس في البلاد مثلي نظيره في أي دولة أخرى.
منظمة الصحة العالمية حاولت احتواء الموقف وأطلقت حملة تطعيم من الإيبولا بدأت في مدينة بوتيمبو بشرقي الكونغو الديمقراطية يوم 15 فبراير/شباط 2021.
ووصلت 1200 جرعة من لقاحات الإيبولا ومعدات تبريد مرفقة بها إلى المدينة. وقالت المنظمة إن العاملين بمركز ماتاندا الصحي، حيث عولج أول مصاب بالإيبولا، كانوا في مقدمة من تلقوا التطعيم.
تأهب أفريقي
دولة ليبيريا أعلنت أن السلطات الصحية وضعت في حالة تأهب قصوى مع ظهور إيبولا مجددا، رغم أن البلاد لم تسجل أي إصابة بالمرض حتى الآن.
الإعلان جاء نتيجة رصد أول وفاة في غينيا بمنطقة قريبة من الحدود مع ليبيريا، لذا كلفت السلطات الصحية الليبيرية زيادة المراقبة والأنشطة الوقائية في البلاد.
وتهدف تلك التعليمات إلى ضمان أن تعمل ليبيريا بشكل استباقي لتجنب أي وضع وبائي مثل الذي سجل في 2014، وإشراك المجتمعات المحلية في البلدات والقرى المتاخمة لغينيا وزيادة تدابير مكافحة فيروس إيبولا.
بدورها، تراقب نيجيريا عن كثب تطورات تفشي فيروس إيبولا في دول غرب أفريقيا من جديد، وقررت توسيع نطاق الفحص للأشخاص وإجراء تقييم للمخاطر.
وقال مدير المركز النيجيري لمكافحة الأمراض شيكوي إيكويزو، إن بلاده تتابع تفشي فيروس إيبولا وتراقب الوضع عن كثب في غينيا التي أعلنت ظهور الفيروس بعد 5 سنوات من آخر موجة.
وأضاف إيكويزو أنه سيتم اتخاذ تدابير أخرى في حالة تصاعد الأوضاع في الدول المجاورة، وإصدار استشارات الصحة العامة للنيجيريين.
وكشف عن إنشاء منظمة الصحة العالمية مخزون لقاح، بحيث يمكن للبلدان التي تعاني من تفشي إيبولا الوصول إلى اللقاح، وهو آلية مهمة للسيطرة على تفشي المرض متاحة الآن.
بينما أطلقت سيراليون استجابة طارئة ضد فيروس إيبولا بعد تفشي المرض في غينيا المجاورة، مع تأكيدها عدم وجود حالات إصابة لديها.
وعملت هذه الدولة الأفريقية على تنشيط نظام الاستجابة للطوارئ الصحية إلى المستوى الثاني المتضمن تعزيز المراقبة، واكتشاف الحالات النشط والمشاركة المجتمعية القوية.
جهود المنظمات الدولية
تنظر منظمة الصحة العالمية بقلق بالغ إلى كل حالة تفشٍ جديدة لإيبولا منذ عام 2016، كما أنها تعاملت مع أحدث تفشٍ في جمهورية الكونغو وغينيا على أنه حالة طوارئ صحية دولية.
أكد البروفسور ألفريد جورج زيربو، ممثل منظمة الصحة العالمية في كوناكري الغينية، الأحد، أن الهيئة الدولية ستنشر فورا وسائل الحد من انتشار المرض بما في ذلك جرعات من لقاحات، لمساعدة البلاد على التعامل مع الوضع.
ووفقا لتحالف اللقاحات "غافي"، فإن التفشي الذي حدث بين عامي 2013 و2016 سرّع تطوير لقاح ضد الإيبولا، مع وجود مخزون عالمي للطوارئ يبلغ 500 ألف جرعة للاستجابة بسرعة لأي حالة انتشار للمرض في المستقبل.
منظمة الصحة العالمية أكدت تطعيم 40 ألف شخص ضد إيبولا في الكونغو خلال موجة التفشي الأخيرة في عام 2020.
وصرحت المديرة الإقليمية للمنظمة في أفريقيا، ماتشيديسو مويتي، بأن "التغلب على واحد من أكثر الأمراض خطورة في المناطق النائية والتي يصعب الوصول إليها يظهر ما هو الممكن عندما يتحد العلم والتضامن سويا".
الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (IFRC) في أفريقيا كشف عن تفعيل شبكة تضم أكثر من 700 متطوع مدرب كجزء من الموجة الأولى من الاستجابة لتفشي فيروس إيبولا الجديد في المجتمع الريفي في غينيا.
وقال المدير الإقليمي للاتحاد محمد مخير: "يأتي عودة ظهور الفيروس في غينيا في أسوأ وقت ممكن عندما تواجه البلاد بالفعل جائحة كورونا. هناك أسباب للخوف لكن هناك أيضًا أسباب للأمل".
وأضاف: "بينما نشعر بقلق بالغ نشعر بالاطمئنان أيضًا من الدروس التي تعلمناها من الفاشيات السابقة والتطورات الطبية الحديثة، لكن نحن بحاجة إلى استجابة أسرع من الفيروس نفسه".
ورأى مخير أنه "ما لم تكن الاستجابة سريعة فمن المرجح أن تكون الآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية هائلة بالنسبة لملايين الأشخاص في بلد به نظام صحي ضعيف نسبيًا ويعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر".
aXA6IDMuMTMzLjE1Ny4yMzEg جزيرة ام اند امز