مؤتمر السودان الاقتصادي.. هل تكفي 72 ساعة لإصلاح ما أفسده الإخوان؟
يعكف الخبراء على مدار 3 أيام للخروج بتوصيات تتضمن حلولا عاجلة وطويلة الأجل للضائقة الاقتصادية التي يشهدها السودان
وسط مصاعب وتحديات جمة، انطلقت فعاليات مؤتمر السودان الاقتصادي في العاصمة الخرطوم، السبت، بمشاركة واسعة من الخبراء والمختصين ومسؤولي الجهاز التنفيذي بالسلطة الانتقالية.
ويعكف الخبراء على مدار ثلاثة أيام للخروج بتوصيات تتضمن حلولا عاجلة وطويلة الأجل للضائقة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، والتي كانت إحدى تجليات فشل نظام الإخوان المعزول في إدارة شؤون السودان.
وبحسب مراقبين، فإن المؤتمر يكتسب أهميته، كونه الأول من نوعه عقب عملية التغيير السياسي في السودان، فضلا عن أنه تأسيس علمي لمسيرة الإصلاح الاقتصادي التي تقودها السلطة الانتقالية بمكوناتها المختلفة.
ويأتي المؤتمر في وقت يواجه فيه الاقتصاد السوداني تدهورا غير مسبوق، تجلى في انخفاض قيمة العملة الوطنية، إذ بلغ الدولار الأمريكي 250 جنيها في السوق السوداء، وارتفاع معدل التضخم لأكثر من 166%، وارتفاع أسعار السلع ونقص في الخبز والوقود.
سياسات اقتصادية موحدة
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير أن أهم ما يجب أن يخرج به هذا المؤتمر، توافق حول سياسات اقتصادية موحدة بين حكومة الفترة الانتقالية والحاضنة السياسية (تحالف قوى الحرية والتغيير)، حيث كانت التباينات واضحة بينهما في الأيام الماضية خاصة حول مسألة إلغاء الدعم الحكومي للوقود والقمح والدواء، وتحرير سعر الصرف.
ويتوقف نجاح المؤتمر بالنسبة للناير الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" على مدى قدرة الأطراف لوضع سياسات اقتصادية متوافق عليها، بجانب توفر الإرادة لدى مكونات السلطة الانتقالية لتنفيذ التوصيات التي يعتمدها الخبراء خلال الأيام الثلاثة المقبلة.
وشدد على ضرورة أن تتضمن توصيات المؤتمر الاقتصادي إلغاء السياسات التي جرى اعتمادها في الميزانية المعدلة مؤخرا، والتي أقرت تحرير سعر صرف الجنيه بشكل متدرج، ورفع الدعم الحكومي عن الوقود، وهي كانت إنفاذ لروشتة الإصلاح التي وضعها صندوق النقد الدولي.
ووفق تقديره، فإن الاستمرار في سياسات تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود سيلقي بمزيد من الأعباء على المواطنين، لكونه يقود لمزيد من التصاعد في أسعار كافة السلع والخدمات في البلاد.
وقال "من الأمور المتفق عليها أن السودان مليء بالخيرات والموارد الطبيعية لعل أبرزها الذهب والزراعة، فهذه كفيلة بحل الأزمة الاقتصادية، إذا ما تم التوافق على سياسات اقتصادية خلال هذا المؤتمر".
وكان من المفترض عقد المؤتمر الاقتصادي منذ مطلع العام الجاري، للفصل بين الحكومة الانتقالية التي تصر على إنفاذ برنامج الإصلاح الصادر عن صندوق النقد الدولي، وتحالف الحرية والتغيير الذي يتمسك برفضه لمسألة تحرير سعر الصرف وإلغاء الدعم الحكومي للسلع الاستراتيجية "وقود، قمح، دواء، كهرباء".
الحكومة حسمت الخيارات
أما الخبير الاقتصادي حسن بشير فيرى أن القضية محسومة تماما بعد أن حددت الحكومة خياراتها ووقعت اتفاقا مع صندوق النقد الدولي خاص ببرنامج الإصلاح الاقتصادي يتضمن تحرير سعر الصرف وإلغاء الدعم الحكومي للسلع الاستراتيجية.
وقال بشير الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" "هذا مؤتمر حكومي وهو خلاصة لورش عمل انعقدت بالقطاعات القاعدية خلال الفترة الماضية، ولم يكن ذات المؤتمر الاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه مع قوى الحرية والتغيير لإقامته بغرض الخروج بسياسات اقتصادية متفق عليها".
مضيفا "الحكومة حسمت الخيارات ونأمل في أن يقود ذلك إلى استقرار الاقتصاد وإزالة التشوهات وتحسين الميزان التجاري والقطاع الخارجي".
وتابع "الحرية والتغيير تدعم حكومة حمدوك لكن لها وجهة نظر مختلفة بشأن السياسات الاقتصادية، لذلك يجب أن يحصل نقاش لخطة الحكومة الانتقالية لأجل حل الأزمة المعيشية".
وأظهرت السلطة الانتقالية اهتماما كبيرا بالمؤتمر الاقتصادي، مع إطلاق تعهدات بتنفيذ التوصيات التي ستخرج عنه.
وقال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، إنهم ملتزمون بتنفيذ التوصيات الذي ستخرج من المؤتمر، مؤكدا وجود فرص لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي سببتها سياسات نظام الإخوان المعزول".
من جانبه، قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إن المؤتمر الاقتصادي الأوّل يمثّل واحدة من أهم محطات تحوّل الاقتصاد السوداني في اتّجاه استعادة الدولة لدورها في البناء وإحداث التنمية وتقديم الخدمات.
وأشار إلى أنّ ذلك يأتي من خلال حوار وعملٍ تشاركي بين المعنيين من المسؤولين والخبراء ومؤسسات المجتمع المدني وحركات الكفاح المسلّح.
وأضاف "تاريخ السودان الجديد يصنع حينما يبدأ وينتهي الصراع السياسي والاجتماعي عند سؤال التنمية وتحرير ممكنات إنسان بلادي".
ويأتي المؤتمر الأول من نوعه تحت شعار "نحو الإصلاح الشامل والتنمية الاقتصادية المستدامة"، ويستمر لمدة ثلاثة أيام بمشاركة عدد من الخبراء الاقتصاديين والأكاديميين وقوى الحرية والتغيير واتحاد أصحاب العمل ولجان المقاومة.