اقتصاد تونس في 2021.. "قيس" يصلح ما أفسده "الإخوان"
تعرض الاقتصاد التونسي خلال عام 2021، لأزمات عدة ليست وليدة اللحظة، بل نتاج تراكمات 10 سنوات من حكم الإخوان للبلاد.
وأصيب الاقتصاد التونسي بحالة من الركود خلال السنوات العشر من تولى الإخوان مقاليد السلطة في البلاد، وسط فساد وخراب ضرب مفاصل الدولة.
وكان المواطن التونسي، أول من تأثر في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية المتردية، وما صاحبها من مستويات معيشية متدنية.
ولم يكن أمام الرئيس التونسي قيس سعيد سوى الوقوف أمام حكومة الإخوان، والبدء في عملية إصلاحية لإنقاذ اقتصاد تونس من قبضة الإخوان.
وأول قرار نفذه الرئيس قيس سعيد بعد قرارات 25 يوليو/تموز بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة على النواب وإعفاء رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، هو الاهتمام بالمواطن التونسي، من خلال توفير احتياجات الشعب بأسعار مخفضة، وقاد حملة واسعة لمكافحة الفساد والغلاء والاحتكار.
وفي عام 2021، انكمش الاقتصاد التونسي بنسبة 3%، وارتفعت البطالة إلأى 17.3%، وانهارت عائدات السياحة، متأثرة بجائحة كورونا.
وفي عام 2020، كانت الأوضاع أسوأ، حيث أصيب الاقتصاد التونسي بانتكاسة شديدة، حيث انكمش بنسبة 8.8%، ليكون العام الأسوأ اقتصاديا للبلاد منذ عام 1966، وفق بيانات صندوق النقد الدولي.
تركة الإخوان
منذ ثورة 2011، والتي أطاحت بالرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، بدأ منحنى ومؤشرات الاقتصاد التونسي في التراجع.
فخلال حكم الرئيس زين العابدين بن علي، كان الوضع الاقتصادي التونسي في مستوى جيد، حيث كان متوقعا أن يصل النمو الاقتصادي في تونس لعام 2011 إلى 5.4%، وأن لا يتجاوز العجز في الموازنة العامة للبلاد 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن تظل نسبة الدين العام دون 40%.
في 2010 و2011، نما إجمالي الناتج المحلي بمتوسط 9%، لكنه بدأ رحلة التراجع اعتبارا من 2012 وتحديدا مع سيطرة جماعة الإخوان على مفاصل الدولة التونسية، حيث بدأت رحلة خراب الاقتصاد.
وتشير تقارير اقتصادية صادرة عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد في تونس شهد تراجعا ملحوظاً منذ بداية عام 2011، بالتزامن مع وصول حركة النهضة الإخوانية للحكم.
وكان الاقتصاد التونسي متنوعا قبل 10 سنوات أي قبل وصول الإخوان للحكم، من حيث الزراعة وصناعة الأنسجة والملابس والصناعات التحويلية إضافة للسياحة.
تحديات
وتعمل تونس حاليا على استعادة ثقة صندوق النقد الدولي، الذي كان مترددا خلال الأسابيع الماضية في الدخول في مفاوضات برنامج إصلاحي جديد لتونس.
ويواجه اقتصاد البلاد صعوبات منذ 2011 ولم يتجاوز معدل النمو الاقتصادي 0,6 % خلال السنوات العشر الماضية.
ويعوّل الرئيس قيس سعيد على مشروع قانون جديد هدفه عقد صلح جزائي مع رجال الأعمال المتورطين في قضايا نهب المال مقابل إطلاقهم لمشاريع تنموية وتشغيل الشباب المعطل عن العمل وذلك في مسعى منه لعودة ما يعرف بالأموال المنهوبة التي تقدر حسب دوائر تونسية بنحو 4,8 مليار دولار.
ارتفاع الدين
ويتوقع البنك المركزي ارتفاع الدين إلى 35 مليار دولار بنهاية 2021، أو ما يزيد على 100% من إجمالي الناتج المحلي، في حال نجحت المساعي تونس في الحصول على قروض خارجية جديدة، الجزء الأكبر منها من صندوق النقد الدولي.
خطة إصلاحية
في يوليو/تموز الماضي، تبدت ملامح خطة إنقاذ واسعة للرئيس التونسي قيس سعيد للإسراع في اللحاق بوضع بلاده اقتصاديا بعد أن أثقلتها صراعات السياسيين.
والمحاور الرئيسية لتلك الخطة مرتكزة على الإسراع بإنتاج الفوسفات في البلاد لتصديره وتوفير النقد الأجنبي، فضلا عن اتخاذ سياسيات نقدية تخفف الأعباء عن المواطنين.
كما ترتكز الخطة على رؤية حازمة لضرب الفساد والفاسدين من لصوص المال العام، وفي ذات الوقت طمأنة المستثمرين ورجال الأعمال الشرفاء والجادين.
وفي جزء منها، يبدو أن خطة قيس سعيد تعتمد على جهوده الدبلوماسية وما يكنه له العالم من احترام، من أجل توفير حزم تمويل ومساعدات خارجية للإسراع بوضع تونس على الطريق الصحيح اقتصاديا.
من المسؤول؟
وحمل معز الجودي، الخبير الاقتصادي التونسي، مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد للحكومات المتعاقبة بعد عام 2011 وعلى رأسهم حركة النهضة الإخوانية التي حكمت البلاد طيلة العشرية الأخيرة.
وأكد الجودي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه في حين أن العالم يعمل على استرجاع عافيته فإن تونس مازالت لم تسترجع عافيتها الاقتصادية ولم تسترجع مواردها الأساسية من الإنتاج المنجمي والزراعي والنفطي.
بدوره،قال رابح بوراوي أستاذ الاقتصاد التونسي، إن الأسباب التي أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي هو حالة الفساد المتفشية في البلاد بقيادة منظومة الحكم السابقة ومنذ صعود الإخوان للحكم.
وتابع في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن عجز الموازنة المسجل خلال السنة الحالية كان متوقعا وليس وليد اللحظة بل هو نتيجة تراكمات الحكومات المتعاقبة بقيادة الإخوان.
وأضاف أن محاسبة قيادات الأحزاب الإخوانية ومن ساهم معهم في تفشي الفساد أصبح مطلوبا لأن الأشهر المقبلة ستكون صعبة في ظل المطالب الشعبية والاحتجاجات بسبب تردي مستوى العيش في البلاد .
وفي 3 ديسمبر/كانون الأول 2021 أقر وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي سمير سعيّد، بصعوبة الأوضاع الاقتصادية في تونس ، قائلا "نحن في مرحلة انتقالية وبعد الثورة النمو الاقتصادي لم يكن في المستوى وتونس اليوم في حاجة إلى إصلاحات عميقة حتى تتمكن من تحقيق نسب النمو التي تمكّن من خلق فرص عمل حقيقية".
وأشار في هذا الصدد إلى أنه "في ظل عدم قدرة المالية العمومية على استيعاب مزيد من الانتدابات في الوظيفة العمومية، لم يبق سوى طريق الريادة وبعث المشاريع الخاصة".
aXA6IDMuMTQzLjI0MS4yNTMg جزيرة ام اند امز