ماذا يحدث في البورصة المصرية؟.. خسائر بالمليارات وسوق يبحث عن منقذ
الخبراء يقولون إن السوق افتقد للمحفزات الكافية لإقناع المستثمرين بقيادة الأسهم نحو الصعود
عادت مؤشرات البورصة المصرية إلى مسلسل التراجع بعد أن هجرته لجلسة واحدة أمس، وفقدت الأسهم الثلاثاء نحو نحو 13.8 مليار جنيه (862 مليون دولار) من قيمتها السوقية، وسط ضغوط مبيعات المستثمرين الأجانب، وهو ما أرجعه خبراء إلى غياب المحفزات عن السوق، رغم إعلان مجلس الوزراء المصري اليوم حزمة تعديلات ضخمة تحدث لأول مرة في تاريخ سوق المال بالبلاد.
وفقد المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية EGX30 نحو 1.66% من رصيده ليغلق عند مستوى 10951 نقطة، بالتوازي مع تراجع مؤشر الشركات المتوسطة والصغيرة متساوي الأوزان EGX70 بنسبة 3.27% لينهي التعاملات عند 1792 نقطة
ويأتي هذه الانخفاض على الرغم من وجود تطورات إيجابية في المشهد الاقتصادي المصري، أبرزها إعلان البنك المركزي المصري، أمس الإثنين، ارتفاع رصيد البلاد من الاحتياطي النقدي الأجنبي بنهاية أغسطس 2020 إلى 38.366 مليار دولار، بدلا من مقابل 38.315 مليار دولار في يوليو 2020، بزيادة 51 مليون دولار.
هذا فضلا عن إعلان الهيئة العامة للرقابة المالية المسؤولة عن تنظيم سوق المال المصري، الثلاثاء، عن تعديلات جديدة بسوق رأس المال ولائحته التنفيذية، تقضي بتحسين بيئة العمل لصناديق الملكية الخاصة، ولاسيما العقارية منها.
تعديلات جوهرية
وشملت التعديلات عروض شراء أسهم الشركات بهدف تبسيط المفاهيم، مثل تحديد مفهوم الملكية أو الاستحواذ غير المباشر بما يسهم في تحديد المخاطب لتقديم عروض الشراء، وإيضاح كيفية احتساب سعر السهم محل عرض الشراء للأسهم النشطة، وتحديد سعر الشراء للأسهم غير النشطة من خلال دراسة للقيمة العادلة يحددها مستشار مالى مستقل مقيد بسجلات الهيئة.
كما تناولت التعديلات السماح بتملك ما يزيد عن نسبة 75% من أسهم أو حقوق التصويت الشركة المستهدفة طالما كان تملك تلك النسبة ناتجا عن عرض شراء سابق، وذلك دون الحاجة لتقديم عرض شراء إجباري.
كذلك استحدث التعديلات صيغ تمويلية جديدة في الصكوك لجذب مزيد من الاستثمارات لتلك الأداة، وبما يتيح اختيار صيغة التمويل الأنسب لكل جهة وفقا لسياساتها المالية.
هذا بالتوازي مع تشجيع إتاحة التمويل للمشروعات المتوسطة والصغيرة من خلال إصدار السندات، فقد تضمنت التعديلات تخفيض رأس المال للشركات التي تتولى التصنيف الائتماني لسندات تلك المشروعات.
من جهته، قال الدكتور إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني ببنك الاستثمار نعيم، لـ"العين الإخبارية" إن البورصة المصرية تواجه مؤخرا عدة مواطن ضعف، أهمها مواجهة الأسهم القيادية المدرجة بالمؤشر الرئيسي EGX30 الذي يضم أكبر 30 شركة بالسوق صعوبة في تجاوز منطقة مقاومة هامة عند 11800 نقطة.
وبرأي النمر أن هذه الصعوبة تزامنت مع تحقيق مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة الفترة الماضية قفزات إلى مستويات تاريخية لم يحققها من قبل ليعوض أغلب الخسائر التي تكبدها منذ بداية العام، إلا أن المؤشر في الجلسات الأخيرة بدأ في التراجع وعدم القدرة على مواصلة الصعود، ما انعكس سلبا على أداء البورصة بأكملها.
ومنذ بداية العام حتى جلسة الثلاثاء تراجع المؤشر الرئيسي للسوق بمعدل 21.56%، في حين قفز مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة بمقدار 41.48%.
وأكد رئيس قسم التحليل الفني أن البورصة المصرية بحاجة إلى حزمة محفزات جديدة، أبرزها طرح أسهم جديدة بالسوق لجذب سيولة من المستثمرين الأجانب والمحليين، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال تفعيل برنامج الطروحات الحكومية.
وأطلقت الحكومة فى مارس/آذار 2018 برنامجا يتضمن طرح حصص من 23 شركة حكومية منها 14 شركة تقيد للمرة الأولى و9 شركات مقيدة فى البورصة، ولكن اقتصر التنفيذ على طرح حصة إضافية من أسهم الشرقية للدخان بنسبة 4.5% في نهاية الربع الأول من العام الماضي.
كما طالب النمر بتراجع الحكومة عن فرض ضرائب على أرباح الأسهم لإتاحة فرص عادلة في التنافس مع الأسواق الإقليمية التي تعفي المستثمرين من الضرائب، إلى جانب التوسع في تفعيل أدوات مالية حديثة مثل المشتقات.
وأجلت الحكومة مؤخرا ضريبة الأرباح الرأسمالية، وتخفيض ضريبة توزيعات الأرباح للشركات المقيدة بالبورصة إلى 5%، مع تقليص ضريبة الدمغة من 1.5 فى الألف إلى نصف فى الألف للمصريين، ومن 1.5 فى الألف إلى 1.25 فى الألف لغير المقيمين.
من جانبه، قال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال هولدنج للاستثمارات المالية، لـ "العين الإخبارية" إن المستثمرين لم يقتنعوا بأن الأخبار الحديثة بشأن ارتفاع الاحتياطيات النقدية الأجنبية أو تعديلات سوق رأس المال محفزة بشكل كافٍ حتى تدفع التعاملات البورصة للارتفاع.
وأضاف أن التعاملات شهدت اليوم مبيعات من المؤسسات الأجنبية حتى سجلت مبيعات صافية بأكثر من 40 مليون جنيه ( 2.5 مليون دولار).