ساندرا نشأت "محاورة السيسي".. روح مصر الجميلة
المخرجة ساندرا نشأت أجرت حوارًا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أثار الفضول لدى البعض لاختيارها لهذه المهمة.. هل هناك سبب بالفعل؟
"إنتي مصرية؟".. بادرها مواطن بالسؤال أثناء تسجيلها لقاءات مع عدد من المواطنين في الشارع المصري، وقبل أن تهم بالإجابة، وبضحكة مصرية خالصة أضاف: "معلش أصل شكلك أجنبي".
كان هدف المخرجة المصرية ساندرا نشأت، من تنفيذ فيلم تسجيلي مع عدد من المواطنين المصريين هو نقل صوتهم إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والقيام بعرضه عليه خلال الحوار الذي أجرته معه منذ أيام، وأذيع مساء الثلاثاء على عدد كبير من الفضائيات المصرية، تحت عنوان "شعب ورئيس 2018"، بمناسبة الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها أيام 26 و27 و28 مارس/آذار المقبل.
لم يكن سؤال هذا المواطن المصري البسيط غريبًا على أذن ساندرا نشأت، إذ سبق وأجابت عليه من قبل مئات المرات، فملامحها الأوروبية بعض الشيء، واسمها، قد يوحيان- أحيانا- لمن لا يعرفها بأنها غير مصرية.
الغريب أن تلك الملامح لا تعكس أبدًا ما يشغل دائمًا خلد ساندرا المهتمة دائمًا بالمواطن المصري البسيط، لكن المتابع لأفلامها السينمائية أو التسجيلية منذ بداية مشوارها الفني، سيتأكد دون شك أن معظم أعمالها تدور في فلك مشاكل الفئات البسيطة في المجتمع المصري.
المصادفة الغريبة، أن ساندرا نشأت في فيلمها التسجيلي "شارك – خليك فاكر" الذي أخرجته في العام 2014، لحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات الرئاسية المصرية، استعانت بعدد من أغنيات أقطاب الغناء في مصر، كخلفية غنائية موسيقية، وكان من ضمن تلك الأغنيات موال "مصر جميلة" لأسطورة الغناء الشعبي المصري الفنان محمد طه، وهي الأغنية التي ساعدتها على إبراز جمال مصر خلال الفيلم.
لعل سبب اختيار المخرجة ساندرا نشأت المولودة في 2 فبرير/شباط في العام 1970، لإجراء حوار مع الرئيس السيسي، شغل بال الكثيرين، خاصة وأن مجال عملها بعيد كل البعد عن السياسة، لكن الإعلامي المصري تامر أمين مقدم برنامج برنامج "الحياة اليوم" على فضائية "الحياة المصرية"، كان له وجهة نظر لهذا الاختيار، عندما أكد أن "عدم الوقوع في حرج الانتقاء بين المذيعين"، كان سبب اختيار ساندرا لهذه المهمة: "عشان مثلًا محدش يقول إشمعنا جابوا وائل الإبراشي مش عماد أديب أو ليه جابوا تامر أمين مش أسامة كمال".
واعتبر "أمين" أن عمل ساندرا كمخرجة سينمائية، سهل عليها إجراء الحوار وإخراجه بشكل مختلف عن الطريقة المعتادة لإخراج اللقاءات الحوارية مع الرئيس: "كان المطلوب حوارا إنسانيا، والمذيع مش هايقدر يخرج من عباءة القواعد الإعلامية المعتادة".
شغف ساندرا بالكاميرا قد يكون بدأ قبل التحاقها وتخرجها في المعهد العالي للسينما في العام 1992، وحسب تصريحات تليفزيونية سابقة لها، فقد كانت مولعة بالتصوير بقدر أكبر من الوقوف أمام الكاميرا،
"ده حوار بعين مختلفة، مش بعين صحفية، ساندرا نشأت ولأنها مش صحفية قدرت تخترق وتتسرب إلى مساحات كتيرة، وتكشف الغطاء عن تفاصيل كثيرة في الإنسان وتكشف أيضًا تفاصيل كثيرة عن الرئيس"، هكذا علقت الإعلامية المصرية لميس الحديدي، مقدمة برنامج "هنا العاصمة" على فضائية cbc المصرية، على حوار المخرجة ساندرا نشأت مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهي وجهة النظر التي تعزز رأي الإعلامي تامر أمين أيضًا.
بعد تخرجها في المعهد العالي للسينما، حصلت ساندرا على ليسانس الآداب، قسم لغة فرنسية، في العام 1993، قبل أن تفوز بمنحة لدراسة الإخراج في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1994.
الأسئلة التي وجهتها ساندرا إلى الرئيس السيسي، تؤكد عفويتها في الحوار، وأن الأسئلة لم تكن مسبقة التحضير، خاصة أنها كانت تسأل بعفوية، وكانت تأتي إجابات الرئيس بعفوية موازية، ومن الأسئلة الهامة التي وجهتها خلال الحوار "هل ممكن تاخد قرارات على حساب شعبيتك"، وهنا شرح الرئيس وجهة نظره في الفرق بين الشعبية، وحب الذات.
قد يكون "مبروك وبلبل" أول أفلام ساندار نشأت الروائية الطويلة، والذي قام ببطولته الفنان المصري يحيى الفخراني، في العام 1998، وجسد خلاله شخصية شاب من ذوي الهمم، هو ما يدفع ساندرا دائمًا للنزول إلى الشارع والتسجيل مع المواطنين لسماع آرائهم، ولعل هذا أيضًا هو ما دفعها لتنفيذ طلب الرئيس بتسجيل تقرير من رأي مواطنين من الشارع وعرضه عليه لمشاهدته، وحين ترددت قال مؤكدًا: "أشوفها، ووالله ما هازعل، وبحلف".
نستطيع أن نطلق على ثاني تجارب ساندرا نشأت الإخراجية اسم "ثلاثية سينمائية"، تعاونت خلالها مع الفنان المصري كريم عبدالعزيز، وكان الفيلم الأول يحمل اسم "ليه خلتني أحبك" في العام 2000، وكانت منى زكي، الوجه النسائي أمام كريم عبدالعزيز في العمل.
التعاون الثاني بينهما جاء في فيلم "حرامية في كي جي تو"، في العام 2001، لكن البطولة النسائية ذهبت إلى الفنانة المصرية المعتزلة حنان ترك، وعزز نجاح العمل حينها، فكرة إخراج جزء ثان للعمل نفسه، يحمل اسم "حرامية في تايلاند": في العام 2003، لتكتمل بذلك الثلاثية السينمائية بين كريم وساندرا، وتبدأ رحلة سينمائية جديدة.
حوار الرئيس السيسي، لم يكن التجربة الأولى للمخرجة ساندرا نشأت على كرسي المذيع، بل سبق ذلك برنامج قدمته بنفسها في العام 2009، وتم عرضه خلال شهر رمضان، على التليفزيون المصري، وحمل حينها عنوان "المخرج"، وكانت فكرته تقوم على استضافة شخصيات عامة لتتبادل معهم الأدوار، ويتطرق الحديث مع الضيوف إلى أهم المحطات في حياتهم التي قد يستعينون بها في فيلم من إخراجهم.
قبل خوض ساندرا لتجربة تقديم البرامج بـ 4 سنوات، تعاونت للمرة الأولى مع الفنان المصري أحمد عز، في فيلم حمل اسم "ملاكي إسكندرية"، وشاركت غادة عادل في العمل الذي أثار جدلًا كبيرًا عند عرضه، نظرًا لتكنيك الكتابة غير المعتاد على السينما المصرية في ذلك الوقت، والذي اعتمد على التشويق من بداية الأحداث حتى المشهد الأخير في الفيلم، وما ساعد أيضًا على نجاح العمل، هو أسلوب الإخراج الجديد- حينها- الذي اتبعته ساندرا سواء في كادرات التصوير أو الزوايا.
نجاح "ملاكي إسكندرية" دفع الثنائي "ساندرا – عز" إلى التعاون مجددًا في فيلم "الرهينة" في العام التالي مباشرة، واعتمدت حبكته الدرامية على التشويق، من خلال شاب مصري بسيط يقرر الهجرة إلى أوروبا بحثًا عن حلمه، قبل أن يفاجأ بوقوعه في مشاكل مع عصابة دولية تعمل لصالح دول معادية، وكانت البطولة النسائية حينها للفنانة المصرية ياسمين عبدالعزيز.
توقفت ساندرا نشأت عن العمل لمدة عامين، حتى جاء العام 2008، لتعلن خروج مشروع فيلم "مسجون ترانزيت" إلى النور، وهو العمل الذي تعاونت خلاله مع الفنان المصري الراحل نور الشريف، وأحمد عز أيضًا، لتتساوى حينها أعمال "عز" بكريم عبدالعزيز.
ظل حلم الجمع بين قطبي السينما المصرية "عز – السقا" يغازل أحلام ساندرا كثيرًا، إلى أن نجحت في تحقيق حلمها بجمع الفنان المصري أحمد السقا، والفنان أحمد عز، في تجربة فيلم حمل اسم "المصلحة"، ويعد ختام المسك في الرباعية التي جمعتها بـ"عز"، كما كان أيضًا آخر أفلامها الروائية الطويلة، والتي توقفت من حينها حتى الآن في إخراج أي أعمال سينمائية.
المثير أن ملامح ساندرا نشأت الأوروبية، و"حلاوة شكلها" كما وصفتها الإعلامية المصرية هالة سرحان قبل سنوات طويلة أثناء استضافتها في برنامج "الليلة"، على قناة ART، هي نفسها سبب ابتعادها عن التمثيل، وتفضيلها العمل خلف الكاميرات، لأنها وكما أكدت لم تفضل التمثيل وأحبت الإخراج: "أخاف يجي وقت يقولوا دي كبرت ومابقتش تنفع تمثل، شكلها بقى وحش وعجزت، فقلت من دلوقتي أعمل اسم ليا وخليني ورا الكاميرا".