دماء الأبرياء بمعهد الأورام تكتب نهاية الإخوان الإرهابية
خبراء ومنشقون عن الإخوان الإرهابية يؤكدون لـ"العين الإخبارية" أن تفجير معهد الأورام تسبب في موجة انشقاقات كبيرة بصفوف التنظيم
لم يكن التفجير الإرهابي الذي نفذته جماعة الإخوان بمحيط معهد علاج الأورام بمصر مجرد عملية دموية تضاف إلى تاريخ طويل من قتل الأبرياء، لكنها كانت عملية انتحار معلنة لهذا التنظيم الذي كتب شهادة وفاته على مرأى ومسمع العالم أجمع.
- الداخلية المصرية تنشر اعترافات أحد منفذي تفجير معهد الأورام
- الأمن المصري يكشف تفاصيل وهوية منفذ تفجير محيط معهد الأورام
فشل العملية التي كانت تستهدف مؤسسات حكومية بوسط القاهرة؛ حسب ما أظهرته التحقيقات حول الحادث، بسبب ضعف الإمكانات البشرية للإرهابيين القائمين عليها وانتهت بكارثة انفجار سيارة محملة بمتفجرات أمام معهد علاج مرضى السرطان؛ ما أسفر عن استشهاد ٢٢ وإصابة العشرات ودمار لا يحصى.
هذا الفشل أشعل أزمة قوية زلزلت بقايا التنظيم الإرهابي من الداخل وأدت لانشقاق المئات من عناصر التنظيم في مصر، وفقا لما أكده مصدر قريب من التنظيم لـ"العين الإخبارية".
زلزال يضرب التنظيم الإرهابي
تواصلت "العين الإخبارية" مع عدد من المنشقين عن التنظيم خلال الأيام الماضية، قالوا: "إنهم قرروا الخروج من الجماعة وإعلان التوبة اعتراضا على الفشل المتواصل في تحقيق أي حل للأزمة الداخلية في التنظيم التي يمر بها منذ يونيو/حزيران ٢٠١٣".
وقال أحد المنشقين: "إن قيادة الجماعة فاشلة، ولم تفِ بوعودها في إقرار حل يسمح بعودة التنظيم للحياة السياسية في مصر سواء من خلال المبادرات والمناقشات أو حتى عن طريق الضغط على الدولة بتنفيذ عمليات إرهابية في مناحٍ شتى تستهدف الأمن والقضاء باعتبارهما أعداء التنظيم الأصليين"، على حد وصفه.
وتابع العضو السابق بالتنظيم الذي تحدث مع "العين الإخبارية" شريطة عدم ذكر اسمه أن قيادات التنظيم الدولي وضعوا مسارين للضغط على مصر من أجل العودة للسياسة والإفراج عن المعتقلين، الأول هو طرح مبادرات للصلح من خلال وسطاء، والآخر هو الضغط من خلال الجناح المسلح أو ما يطلق عليه جناح "الكماليون" نسبة لمؤسسه الإرهابي محمد كمال الذي قتل في مواجهات مع الأمن المصري في وقت سابق.
وأشار إلى أن الانقسام الداخلي وضعف التخطيط والتكالب على التمويل أفشل المسارين، وأخيرا وقع تفجير معهد الأورام الذي وصفه العضو المنشق بأنه "كان رصاصة الرحمة على الجسد المريض."
وأوضح أن مئات من محافظات عدة بمصر أعلنوا انشقاقهم عن التنظيم بعد الحادث اعتراضا على الفشل، مشيرا إلى أن قيادات التنظيم يحاولون السيطرة على الموقف وأرسلوا خطابات توضيح لقواعد الجماعة يفسرون فيها الموقف ويعتذرون عن الفشل، إلا أنها استقبلت بمزيد من السخرية والإصرار على ترك الجماعة والقفز من السفينة الغارقة.
العضو السابق بتنظيم الإخوان الإرهابي قال: "إنها ليست الموجة الأولى من الانشقاقات التي تضرب التنظيم ولكنها الأعنف"، مؤكدا أن عددا كبيرا أعلن بالفعل انشقاقه عن الجماعة عقب الأزمات المتتالية منذ سقوطهم في مصر.
ويرى الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية والإرهاب أحمد بان أن "الجماعة الإرهابية ورطت نفسها في حادث نسف أي مساحة من التعاطف معها أو مع مظلوميتها المصنوعة."
وقال في تصريح لـ"العين الإخبارية": "إن الأزمة الداخلية سابقة على هذه العملية إثر خلفيات أخرى كخلافات مالية وتنظيمية، وفي كل الأحوال الجماعة في مأزق تاريخي ولن تتمكن من تجاوزه".
بريطانيا في مأزق
وضعت جماعة الإخوان الإرهابية الحكومة البريطانية في مأزق، وذلك لأن الحادث المأساوي وقع بعد أسبوعين من تحذيرات أصدرتها لندن لرعاياها في مصر من احتمال وقوع حوادث إرهابية، وتعليق شركة الطيران البريطانية رحلاتها للقاهرة لمدة أسبوع، وهو ما قد يشير لعلم بريطانيا المسبق بالحادث وهي التي تؤوي عناصر وقياديين بالتنظيم الدولي من الجماعة الإرهابية ومنهم هاربون ومطلوبون في قضايا وجرائم عنف.
مراقبون قالوا: "الحكومة البريطانية وضعت نفسها في حرج وكشفت بتحذيرها الأخير غير المفهوم تقصيرا كبيرا يتعلق بإيواء وتوفير الحماية لعناصر إرهابية وعلاقة مشبوهة بالتنظيم الإرهابي وبات أمامها حل واحد لحفظ ماء الوجه أمام العالم وهو إعلان حظر تنظيم الإخوان ووقف الدعم المقدم له".
ويرى العميد خالد عكاشة مدير المركز المصري للدراسات وعضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب أن بريطانيا توفر غطاء ودعما ماليا وسياسيا لجماعة الإخوان، لولاه ما استمر التنظيم الإرهابي على مدار تسعة عقود.
وأورد عكاشة في تقرير نشره المركز المصري للدراسات أن علاقة بريطانيا بالإخوان مرت بمراحل عديدة شهدت حالات مد وجزر حتى وصل رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون للسلطة وشكل لجنة رسمية لدراسة أنشطة الحركة التي خرجت بنتائج توصف الجماعة بالعنف، وإن لم توصِ بالحظر الكامل للجماعة، وفي وقت تتخذ فيه كثير من الدول خطوات سواء كانت جدية أو لا لحظر أنشطة تلك الجماعة، يبدو الطريق إلى حظرها حتميا في آخر النفق، ولكن الخطوة وإن بعدت فلا بد لها أن تكون.
وقال التقرير: "إنه على الرغم من إدراج الحكومة البريطانية حركتي "حسم" و"لواء الثورة" الإرهابيتين المنبثقتين عن جماعة الإخوان على قوائم المنظمات الإرهابية في عام 2017، بعد أن "استوفت معايير الحظر"، وهو ما عدّه بعض الباحثين بأنه خطوة نحو تصنيف الجماعة الأم كجماعة إرهابية داخل بريطانيا، إلا أن آخرين رأوها محاولة من قبل لندن لتبييض وجه الجماعة أمام العالم، وإظهارها بمظهر الجماعة السلمية التي لا علاقة لها بالإرهاب".
من جانبه أكد أحمد بان أن علاقة بريطانيا بالتنظيم الإرهابي ستتأثر سلبا بالحادث الأخير، وستبحث الحكومة البريطانية حتما عن حلول لإخراج نفسها من مأزق دعم الإخوان، متوقعا تقويض الدعم المقدم للتنظيم.
aXA6IDMuMTI5LjY5LjEzNCA= جزيرة ام اند امز