مؤرخ مصري لـ"العين الإخبارية": عطر كليوباترا مرتبط بأسطورة السفينة الذهبية
كليوباترا إحدى أشهر ملكات مصر القديمة، تولت الحكم بعد وفاة والدها مع أخيها بطليموس الـ13 في العام 51 قبل الميلاد
نجح فريق من علماء الآثار وخبراء العطور في إعادة تركيب العطر الخاص بالملكة كليوبترا الـ7، أشهر فاتنات التاريخ قبل ألفي عام، وفق صحيفة "التايمز" البريطانية.
وتوصل العلماء إلى سر تركيب عطر آخر ملكات مصر بعد العثور على وصفته عقب عقد كامل من الحفريات التي نفذتها بعثة أثرية من جامعة "هاواي" في موقع شمال العاصمة المصرية القاهرة يدعى تل التيماي، وهو موقع مدينة تيموس الفرعونية، التي بنيت عام 4500 قبل الميلاد.
أثار الخبر الكثير من التساؤلات حول إمكانية إعادة تصنيع عطور كليوباترا، وحقيقة الكشف الذي أعلنت عنه البعثة الأثرية، وسر اهتمام العلماء والأثريين بإعادة اكتشاف حياة المصريين القدماء مؤخراً.
اتجاه جديد في الاكتشافات
يقول الدكتور بسام الشماع، المؤرخ والباحث في علم المصريات وعضو الجمعية التاريخية المصرية، إن الفترة الماضية شهدت اهتماماً ملحوظاً من العلماء الأجانب للكشف عن تفاصيل جديدة في حياة المصريين القدماء، بداية من سر الخميرة الفرعونية المستخدمة في إنتاج الخبز وصولاً إلى عطور الملكات، معتبراً أن هذا الاهتمام يدعم التاريخ المصري القديم بجانب الاكتشافات الأثرية وتشييد المتاحف.
ويضيف الشماع لـ"العين الإخبارية" أن أسرار الحضارة المصرية القديمة لا تقتصر على تشييد المعابد والأهرامات والتماثيل فحسب، ما يدفع العلماء للبحث في تاريخ الفراعنة والتركيز على تفاصيل أهم الملوك والملكات والأدوات التي استخدموها في الطعام والطهي والتجميل.
وقبل أسابيع من إعلان إعادة تركيب عطر كليوبترا، استخدم الأمريكي شيموس بلاكلي، أحد المهتمين بعلم المصريات، ميكروبات خميرة فرعونية خاملة لأكثر من 5000 عام ومدفونة داخل أوانٍ خزفية من الفخار المصري في صناعة الخبز، وبالفعل تمَّ إنتاج رغيف باستخدام الخميرة الفرعونية.
ويرى الباحث في علم المصريات أن هناك العديد من الشخصيات والأماكن في التاريخ القديم تثير الكثير من الجدل، من بينهم كليوباترا السابعة، ورمسيس الثاني، وأبوالهول، وفنار الإسكندرية، وأهرامات الجيزة، كونها تحمل الكثير من الأسرار التي يسعى علماء لكشفها حالياً.
أسرار كليوباترا
"هي تسير والموت يسير بجانبها" هكذا وصف بسام الشماع حياة كليوباترا الـ7، التي عاشت حياة درامية للغاية منذ صغرها، ما جعلها شخصية مثيرة للجدل وهي آخر حكام البطالمة الذين حكموا مصر.
وتعد كليوباترا أشهر ملكات مصر القديمة، وهي ابنة بطليموس الـ12، ووالدة بطليموس الـ15 (قيصرون)، وتولت الحكم بعد وفاة والدها مع أخيها بطليموس الـ13 في العام 51 قبل الميلاد.
ويسرد الشماع تاريخ كليوباترا قائلاً "تميزت كليوباترا بشخصيتها القوية العسكرية القيادية، التي سعت للبقاء في الحكم، لذا تزوجت من يوليوس قيصر وأنجبت منه قيصرون، وبعد اغتيال قيصر في روما تزوجت من ماركوس أنطونيوس، ظناً منها أنه قد يحكم الإمبراطورية الرومانية، التي قسمت إلى الشرق والغرب واشتد الصراع بينهما وخسر أنطونيوس سفنه في معركة أكتيوم، وبعدها انتحر عقب وصول خبر كاذب عن وفاة كليوباترا، ما يشير إلى حنكتها السياسية".
وتميزت كليوباترا بكونها فارسة وكيميائية ما جعلها تتقن صناعة العطور، إضافة إلى هوايتها في قراءة الشعر والتحدث بلغات عدة، وهي البطلمية الوحيدة التي حكمت مصر وتحدثت باللغة المصرية القديمة، ما يؤكد مستواها العالي في العلم والثقافة، حسب الشماع.
وعن سر عطر كليوباترا، أشار الباحث في علم المصريات إلى أن هناك أسطورة متداولة بشأن غمس كليوباترا أشرعة مركبها الذهبية في العطر الذي تصنعه بنفسها، عند إبحارها في الطريق إلى طرطوس للقاء أنطونيوس، كرسالة تنبيه أنها قادمة عبر رائحة العطر التي كانت تصل إلى طرطوس قبل وصول السفن.
ويقول الشماع "إذا صحت الأسطورة فهذا يؤكد براعة كليوباترا في تصنيع العطور والكميات المنتجة منه التي كانت تكفي لتغطية أشرعة المركب، إضافة إلى ذكائها في تحديد اتجاه الشراع وخط سير المركب إلى طرطوس، حتى تصل رائحة العطر إلى أنطونيوس".
كيف يعاد تركيب العطر؟
ويؤكد الشماع أن عملية إعادة استنساخ عطر كليوباترا ممكنة، مشيراً إلى المراحل بداية من دراسة القطع وتحليل المواد الموجودة بها وإعادة استنساخ عجينة العطر من جديد، عبر ورش المستنسخات الأثرية في وزارة الآثار المصرية.
ويشير إلى قطع أثرية اكتشفت في مقبرة الملك توت عنخ آمون في البر الغربي بمحافظة الأقصر تحتوي على مادة بنية اللون، يرجح أن تكون أصلاً لعجينة عطور استخدمت في هذه الفترة، ما يعني أن القطع النادرة بها الكثير من الأسرار التي يتطلب إعادة اكتشافها.
ويعتبر الشماع أن استنساخ العطور وسيلة ترويج لحضارة مصر القديمة ولها عوائد كبيرة ثقافياً وسياحياً واقتصادياً، خصوصاً أن العاملين في مراحل استخراج المادة وإنتاجها من جديد وتسويقها هم مصريون، ما يجعله بوابة جديدة تدعم قطاعي الآثار والسياحة في مصر.
ورغم الضجة الإعلامية حول عطر كليوباترا لم يصدر تعليق رسمي من وزارة الآثار المصرية، بشأن فترة عمل البعثة الأثرية في مصر والكشف عن نتائج أعمال الحفر، الأمر الذي اعتبره الشماع المهمة الرئيسية للوزارة، خصوصاً أن الجمعية الجغرافية الوطنية الأمريكية افتتحت معرضاً لقارورات عطر تعود لملكات مصر.
aXA6IDMuMTQyLjEzMS41MSA= جزيرة ام اند امز