"لا تسخر من الكفيف".. آداب المصري القديم مع ذوي الاحتياجات الخاصة
رسوم المقابر الفرعونية تسجل ما يشهد على احترام المصري القديم لذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع من خلال تعلم الموسيقى.
التزم المصري القديم بتعاليم الرحمة التى علمّها الحكيم "امنموبي" لابنه، ومنها ألا يعامل ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل مهين.
وقال: "حذار من مهاجمة الأعرج، ولا تسخر من أعمى، ولا تتسبب في معاناة لرجل بين يدي الرب (مجنون)"، وتقول التعاليم المصرية القديمة كذلك "لا تسخر من الكفيف، ولا تهزأ بالقزم، ولا تسد الطريق أمام العاجز، ولا تهزأ من رجل مرضها الخالق، ولا يعلو صوتك بالصراخ عندما يخطئ".
ليس فقط بالوصايا، ولكن في الواقع فإن ذوي الإعاقة الجسدية الجزئية وصلوا إلى أعلى مناصب الدولة في مصر القديمة وهو "كرسي العرش"، ومنهم الملك سيبتاح الذي تولى حكم مصر لمدة 7 سنوات (1197 – 1191 ق م) في أواخر الأسرة التاسعة عشر، وكان يعاني من إعاقة في ساقه اليسري إثر مرض شلل الأطفال ما جعله يعرج أثناء المشي.
وترك لنا المصري القديم ما يعبر به عن احتضان أبنائه ذوي الإعاقة، كما ظهر في رسوم المقابر القديمة التي أظهرت أن صاحب الإعاقة البصرية كان يُعامل كفرد عادي في المجتمع.
وأظهرت رسوم المقابر أحد عازفي آلة الهارب وكان ضريرا، وتكررت مشاهد الضرير الذي يعزف على الهارب في مقبرة "انتف" بالدولة الوسطى ومقبرتي "نفر - حتب" و "انحر - خوي" في الدولة الحديثة، وكأن الفلسفة في مصر القديمة كانت تقوم على إدماج صاحب الإعاقة البصرية في المجتمع من خلال تعليمه العزف على الآلات الموسيقية.
وهناك أيضا بردية "ايبرس" الطبية، وهي بردية طبية معروفة تؤرخ بمنتصف القرن السادس عشر قبل الميلاد، وسجلت فيها محاولات معالجة صاحب الإعاقة السمعية، واسمت هذه الحالة باسم "الأذن التي لا تسمع جيدا" ووضعت له علاجا شعبيا، ووصفت حالات مرضية في الإعاقة الذهنية ووضعت لها علاجا.
وعلى مستوى قصر القامة أو "الأقزام" سجل التاريخ المصري تولي واحد من أشهر الأقزام في التاريخ المصري القديم، وكان يدعى"سنب" وعاش في عصر الأسرة الخامسة، وكان موظفا كبيرا يتمتع بكثير من الألقاب الاجتماعية والدينية والشرفية، وتزوج من امرأة ذات بنية طبيعية، وهى إحدى وصيفات القصر، ودفن في قبر فخم قريب من هرم خوفو بجبانة الجيزة.