مصر.. زعماء وخبراء يناقشون التوازن بين الديمقراطية والأمن
السؤال الذي يشغل الكثير من الزعماء السياسيين هو كيف يمكن إقامة توازن بين الحرب على الإرهاب وبين الحفاظ على حزمة الحريات الأساسية.
فيما ينتشر التطرف والعنف وما يترتب عليهما من إرهاب في مناطق كثيرة من العالم مشكلاً خطراً عالمياً بدأ كثير من المراقبين والخبراء يشعرون بالقلق على مستقبل الديمقراطية في العالم.
وبات السؤال الذي يشغل الكثير من الزعماء السياسيين هو كيف يمكن إقامة توازن بين الحرب على الإرهاب ومكافحة التطرف والعنف من ناحية وبين الحفاظ على حزمة الحريات الأساسية التي تكفلها الديمقراطية من ناحية أخرى؟
وهذا السؤال كان محور المناقشات في مؤتمر (الأمن الديمقراطي في زمن التطرف والعنف) الذي نظمته مكتبة الإسكندرية وبدأت فعالياته أمس السبت في القاهرة بمشاركة رئيس مقدونيا الحالي جورج إيفانوف و14 رئيس دولة وحكومة سابقين من أبرزهم رئيس نيجيريا السابق اولوسيجون اوباسانجو ورئيس صربيا السابق بوريس تاديتش والرئيس اللبناني السابق أمين الجميل ورئيس وزراء الأردن السابق طاهر المصري.
وكان موعد افتتاح المؤتمر تأجل من صباح السبت إلى بعد الظهر، نظراً لاستقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس مقدونيا ومبعوثة نيجيريا والزعماء المشاركين في المؤتمر.
وأشار إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية في كلمته الافتتاحية إلى أن المؤتمر يحظى بدعم الرئيس المصري والرئيس المقدوني وعدد من زعماء الدول والمراكز والهيئات الدولية لا سيما مركز "نظامي جانجافي الدولي" في أذربيجان.
وفيما أكد الرئيس المصري خلال اللقاء مع الزعماء أن الإرهاب خطر عالمي وأن محاربته مسؤولية مشتركة للمجتمع الدولي كان الاقتناع السائد بين المشاركين هو ما عبر عنه رئيس نيجيريا السابق أوباسانجو الذي ربط بين الديمقراطية والتنمية وتحقيق الأمن ومواجهة الإرهاب.
وأوضح اوباسانجو في كلمته أن الأمن بجميع جوانبه يقوي ركائز الديمقراطية. وقال "إذا أردنا أن نؤكد علي ازدهار الديمقراطية فلابد أن يكون هناك أمن". ونوه إلى ضرورة الحوار حول إيجاد حلول مستدامة وليست مؤقتة من أجل الحفاظ على تواجد الحرية والأمن اللذين يشكلان الركيزة الأساسية لتنمية المجتمعات السوية.
فيما أكد رئيس صربيا السابق بوريس تاديتش أن "مفهوم التطرف الديني دائماً ما يمثل تهديداً عالمياً ولهذا يجب أن نتطرق للأسباب التي دفعت لتلك الظاهرة. وقال "هناك مجموعة من الأسئلة المطروحة.. ما هو السبب في تلك المشكلات وما الذي حدث في الأعوام السابقة؟ وماذا عن الثقافات المختلفة؟ وما هو دور الديمقراطية في الحل؟".
وأكد تاديتش أن الحكومات ليس لديها إجابات واضحة في مواجهة تلك الظاهرة لأن طبيعة كل دولة تختلف. وأوضح أن ضمن الأسباب التي تواجه الدول هي نقص الفهم والتفاهم بين الأفراد المجتمع. ويظهر هذا الأمر بقوة عندما يتعلق الأمر بالاختلافات بين الدول. ولهذا يجب أن نبذل قصارى الجهود لمواجهة اختلاف الفهم والثقافات وكذلك مشكلة المعالجات الأمور السياسية.
وشدد الرئيس المقدوني إيفانوف في كلمته على أهمية حماية الحرية والديمقراطية وحريات الأفراد أثناء العمل على حماية أمن المجتمعات وتأمين المواطنين. وقال إنه "بغض النظر عما يحدث في البلدان الآن إلا أن حكومته تسعى لحماية الحرية والأفراد وخلق أجواء من الديمقراطية وإذا تحدثنا عن توافر الحرية فلابد أن نذكر أن توافر الأمن هو السبيل الوحيد لهذا".
وأضاف أن العالم الآن أمام وضع حرج في الحفاظ على الحرية والديمقراطية من أجل العيش بسلام، مشيراً إلى أن "مفهوم الديمقراطية يختلف من بلد لآخر لأن هناك العديد من الإشكاليات السياسية والأمنية التي تضع حداً للديمقراطية وهذا ما يجعلنا نتطرق لفكرة حماية القانون لأننا نجد الآن العديد من التهديدات الإرهابية".
وأشار إلى أن البلدان تتجه الآن نحو وضع آليات محددة للديمقراطية لمواجهة الفكر المتطرف قبل أي شيء آخر بتنظيم حملات موجهة للفكر، مؤكداً أن هذا لا يتعارض مع حرية الأفراد التي يجب أن تكون مكفولة للجميع داخل مجتمعاتهم.
لكن المشاركين أكدوا أن مواجهة التطرف والإرهاب لا تقتصر فقط على الإجراءات السياسية، وأكد كل من أوباسانجو وإيفانوف أهمية التنمية الاجتماعية.
وقال رئيس نيجيريا السابق، إن التطرف والعنف عرض لمشكلة أكثر عمقاً. وأوضح أن الجماعات الإرهابية غالباً ما تتخذ الصراعات الدولية لخلق فرص لتواجدها، ولهذا يجب التخلي عن تلك الصراعات والتضحية من أجل مكافحة التطرف. يجب مناقشة كيفية وضع وظائف للشباب لمنع غضبهم وإنهاء مشكلاتهم وخلق تنمية وسياسات اقتصادية شاملة وتطوير التنمية والتعليم وكذلك تمكين النساء من الأمور التي تمنع توغل الفكر المتطرف.
ولفت اوباسانجو إلى أنه على مدى السنوات الخمس الماضية كانت هناك مجموعة من الأفعال التي أدت إلي التوتر في الدول الإفريقية، لذا فالبلدان جميعها يجب أن تتخذ إجراءات واضحة للحد من ظاهرة التطرف ووضع تسهيلات لمواجهة العنف.
وأكدت السفيرة مشيرة خطاب مرشحة مصر والاتحاد الإفريقي لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أهمية السياسات التعليمية والوقائية من أجل مكافحة الإرهاب. وقالت في كلمتها "إن الحكومات غالباً ما تجد نفسها فريسة للدفاع عن الديمقراطية والأمن والإرهاب. ولهذا يجب أن نؤكد أن الديمقراطية والأمن علاقة مترابطة".
وأوضحت أن "الأمن الديمقراطي" يشير إلى القرار الذي يتم اتخاذه عن طريق عملية ديمقراطية بالتشاور بين المواطنين وحكوماتهم مؤكدة أهمية التأكد من وجود الدعم الشعبي للإجراءات التي تبدو حادة في مواجهة التطرف والعنف.
لكن الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل أشار إلى أن الإرهاب اليوم أصبح يعتمد على الاحترافية والتقنية. وأضاف أن مواجهة الإرهاب تتطلب وجود برنامج شامل لإصلاح التعليم وبرنامج للتنمية الاقتصادية ووجود مساءلة للحكومة والتعامل مع الإعلام من أجل توضيح المبادئ الديمقراطية.
فيما قال أيفو جوزيبوفيتش رئيس كرواتيا السابق، إن الإرهاب بوضعه الحالي خلق تغيراً ملحوظاً في العالم بأسره حتى أن المجتمعات الحديثة بدأت تحاول مواجهة الإرهاب بشكل جديد يعتمد على التقنيات الحديثة. وأوضح أنه يجب علينا جميعاً أن نفكر في كيفية تطبيق مبادئ حقوق الإنسان لتطبيق الحريات من أجل مكافحة الإرهاب.
وأضاف الرئيس السابق من واقع تجربته أن التحديات التي "نواجهها الآن تتمثل في قوانين حماية قيم الديمقراطية وكيفية الحفاظ عليها حتى لا نسير في مسار العنف بدعوى حماية الدول من الإرهاب".
ونوه إلى ضرورة مواجهة الإرهاب بإجراءات مناسبة مع مراعاة حقوق الإنسان وتطبيق القانون الدولي، وأنه يجب مراعاة المعايير الديمقراطية متى أمكن ذلك.
وأضاف أنه يصبح من الصعب جداً على قادة العالم في ظل مواجهة الإرهاب حل هذه المعضلة، مضيفاً أنه يجب أن يكون هناك تعاون بين الدول وليس فقط من جانب الجهات القضائية بل من جانب المخابرات، لذا فجميع الدول عليها أن تتعاون وهي تواجه الإرهاب.
ويختتم المؤتمر أعماله غد الإثنين.