خطوات مصرية جادة نحو "ديمقراطية" الخدمات المالية
بدأت مصر مرحلة جديدة نحو تطبيق معايير "الشمول المالي" وهو وما يعرف بـ"ديمقراطية الخدمات المالية"
تؤكد المؤشرات أن مصر بدأت مرحلة جديدة نحو تطبيق معايير "الشمول المالي" وهو وما يعرف بـ"ديمقراطية الخدمات المالية" والتي تتيح لمختلف فئات وشرائح المجتمع الاستفادة من مختلف التسهيلات والخدمات التي تقدمها البنوك للمستثمرين، والمساهمة في تعزيز قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في إطار توسيع قاعدة المساهمة في التنمية الشاملة للاقتصاد الوطني.
الدكتور عثمان محمد الأستاذ بمعهد التخطيط القومي يقول لبوابة العين الإخبارية إن "الحكومة المصرية جادة جداً في تحقيق المعادلة بشأن الخدمات المصرفية للبنوك خصوصاً في الجزء المتعلق بالتمويلات لأصحاب المشروعات الصغيرة، وفتح الباب أمامهم في الحصول على التمويلات الكفيلة بتنمية مشروعاتهم، والتوسع في قاعدة المستثمرين".
ولفت إلى أن الشمول المالي "ديمقراطية الخدمات المالية" خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والقطاع الاقتصادي غير الرسمي، والمشروعات متناهية الصغر، والتي تمثل في مجملها أكثر من 90% من المكون الاقتصادي الوطني في مصر والعديد من دول العالم، منوها بنجاح العديد من دول العالم، بما فيها دول عربية خليجية في تعزيز دور هذا القطاع والذي من شأنه أن يسهم في استيعاب طالبي العمل بالأسواق.
وشهدت مصر مؤخراً فعاليات مؤتمر "الشمول المالى"، والذى نظمه التحالف الدولى للشمول المالى ( (Global Policy Forum بالتعاون مع البنك المركزى المصرى، وجرت أعماله في مدينة شرم الشيخ، وبحضور ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السياسي، وهو ما وصفه متخصصون بأنه خطوة باتجاه دعم صغار المستثمرين، والمساواة في التسهيلات والخدمات المالية، وفق المعايير الدولية للشمول المالي.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أكد أن الحكومة أصدرت قانوناً موحداً يوفر أفضل حزمة مزايا جاذبة لكل مجالات ومستويات الاستثمار، وأطلقت مبادرات لدعم المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، من أجل تعزيز تنمية الاقتصاد والقدرة الإنتاجية وتوفير فرص العمل للشباب.
وقال: تتطلع مصر لأن تكون دولة رائدة في مجال الشمول المالي، بالبدء في مرحلة جديدة يتم خلالها تضمين المواطنين مالياً، بما يسهم في تقليص الاقتصاد غير الرسمي، مع العناية الكبيرة بتذليل العقبات التي تحول دون وصول الخدمات المالية الرسمية لجميع شراح الشعب والفئات المستبعدة مالياً، خاصة المرأة والشباب.
مصطفى أحمد الديب الخبير بمجلس الوزراء المصري يؤكد لبوابة العين الإخبارية أن الشمول المالي يعتبر الآن من أهم أولويات الحكومة المصرية، حيث تعمل على إرساء مبادئ شمول الخدمات المالية وصولا إلى تحقيق العدالة الاجتماعية مع تعزيز معدلات نمو اقتصادي مستدام.
ويوضح أن مجلس الوزراء وبالتعاون مع البنك المركزي يعكفان على صياغة آليات تكفل تحقيق مختلف معايير الشمول المالي، حتى تصل الخدمات المصرفية بمختلف أنواعها إلى مختلف شرائح المجتمع، وصولاً إلى القطاعات غير الرسمية، وشرائح المستثمرين الصغار وأصحاب المشروعات متناهية الصغر، وفي القلب من ذلك دعم الشباب ومشروعات النساء، وفق قواعد مرنة، مع تنقية القوانين واللوائح الخاصة بالتمويل المصرفي من التعقيدات.
أما أحمد على، الخبير الاقتصادي المصري فيرى أن استضافة مصر لمؤتمر الشمول المالي بمثابة اعتراف عالمي بجهود وتوجهات مصر في هذا القطاع، مشيرا إلى الشمول المالي يعمل على تحقيق معدلات عالية للنمو، وإضافة أفراد جديدة ومؤسسات لمنظومة الاقتصاد الرسمي لم تكن موجودة ضمن المنظومة الاقتصادية والإنتاجية والخدمية.
ونوه بأن هناك قطاعا واسعا من الأفراد والمؤسسات لا تخضع للتعامل المالي الرسمى بالبنوك وغيرها من المؤسسات المالية، وهو ما يمكن التعامل معها عبر الشمول المالي، بما يؤدي إلى حصول كل فرد أو مؤسسة في المجتمع على ما يريد من منتجات احتياجاته المالية، من حسابات في البنوك أو خدمات مالية وبنكية مختلفة.
من جهته، يشدد الخبير الاقتصادي الدكتور شريف الدمرداش على أن دخول مصر بقوة لمنظومة الشمول المالي خطوة جديدة وقوية نحو عدالة الخدمات المالية، خصوصاً أن مفهوم الشمول المالي هو إتاحة الأدوات المالية لجميع فئات المجتمع، وجميع الأنشطة، دون تمييز، ودون معوقات وقيود.
ويشير إلى أن توفير مثل هذه الأدوات ستدفع القطاع غير الرسمي وصغار المدخرين للتعامل مع البنوك بحرية وثقة عالية، وذلك مع توافر تشكيلة من الأدوات التمويلية للاستثمار، والتعامل بشفافية عالية في ظل تطبيق المعايير العالمية للخدمات المالية، وفق قواعد الشمول المالي.
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور مختار الشريف لبوابة العين الإخبارية إن "الشمول المالي" من أهم المفاهيم المرتبطة بتحقيق النمو الاقتصادي للدول، من خلال توجه البنوك بمختلف أنحاء العالم للوصول إلى الشرائح المجتمعية التي لا يوجد لها تعاملات بنكية، خاصة الشرائح منخفضة الدخل، بتقديم خدمات بنكية تتناسب مع احتياجاتهم.
و"الشمول المالى" يعني إتاحة فرص مناسبة لجميع فئات المجتمع، سواء المؤسسات أو الأفراد، لإدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل سليم وآمن، عن طريق توفير خدمات مالية مختلفة من خلال المصارف والبنوك بأسعار مناسبة للجميع ويكون سهل الحصول عليها، بما يضمن عدم لجوء الأغلبية للوسائل غير الرسمية التى لا تخضع لأية رقابة وإشراف، والتي من الممكن أن تعرضهم لحالات نصب أو تفرض عليهم رسوما مبالغا فيها.
ويشدد الشريف على ضرورة وجود توجه عام من الدولة للوصول إلى تطبيق مفاهيم "الشمول المالي" والتوسع في الدراسات حول الخدمات المالية المتاحة فعلياً، ومدى تناسبها مع احتياجات مختلف فئات المجتمع، وكذلك الخدمات التى يجب تطبيقها مستقبلا، وذلك من خلال البنك المركزي المنوط به تطبيق هذا المفهوم.
ويلفت إلى أن "الشمول المالي" عامل مهم في حماية المتعاملين مع البنوك والمصارف بحصولهم على معاملة عادلة وشفافة وعلى الخدمات والمنتجات المالية بكل سهولة وبتكلفة مناسبة، وتزويد العميل بكل المعلومات اللازمة فى كل مراحل تعامله مع مقدمى الخدمات المالية، وتوفير خدمات استشارية إذا احتاج العميل، والاهتمام بشكاوى العملاء والتعامل معها بكل حيادية، بما يحمي العملاء من التعرض لحالات نصب أو استغلال من الجهات المالية غير الرسمية.
ويشير إلى أن البنوك لها دور محوري في تحقيق مبادئ الشمول المالي بقيامها بجذب الفئات التى لا يوجد لديها تعاملات بنكية، عبر ابتكار منتجات مالية جديدة قائمة على فكرة الادخار والتأمين ووسائل الدفع وليس فقط على الإقراض والتمويل، وتخفيض الرسوم والعمولات مع تعزيز الثقة في تعاملاتها.
من جانبه، أكد اللواء يونس الجاحر، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، أن الشمول المالي سيساهم بشكل كبير في الحد من استخدام الأساليب غير الرسمية للمعاملات المالية، ما يسرع من وتيرة الاستفادة من الإجراءات الاقتصادية التى تتخذها الدولة للنهوض بالاقتصاد، بخلاف دوره في النمو الاقتصادي للدولة والاستقرار المالي، واهتمام المؤسسات المالية بشرائح المجتمع المختلفة.
aXA6IDE4LjExOC4xMTkuNzcg جزيرة ام اند امز