على مدار الأسبوع الماضي، طفا إلى السطح نزاع جوهره ثروة الغاز الكامنة في شرق المتوسط، تخلله تهديدات ومناوشات عسكرية.
أعادت المكاسب الاقتصادية التي حققتها مصر أخيراً، التوترات من جديد مع تركيا، وذلك بعد تطوير العلاقات مع اليونان وقبرص، والتي تزامن معها اكتشافات حقول الغاز شرق البحر المتوسط.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، طفا إلى السطح نزاع جوهره ثروة الغاز الكامنة في شرق المتوسط، تخلله تهديدات ومناوشات عسكرية، بعد اعتراض قطع بحرية تركية سفينة حفر تابعة لشركة "إيني" الإيطالية، كانت في طريقها للتنقيب عن الغاز المكتشف أخيرا في المياه القبرصية.
وكانت أعمال التنقيب خلال السنوات الثلاث الماضية قد أظهرت وجود حقول هائلة للغاز، بينها حقل "ظٌهر" المصري، الذي افتتح الشهر الماضي، ويوصف بالأكبر حول العالم، حيث ينتج 350 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً، وتقدر احتياطاته بنحو 30 تريليون قدم مكعب غاز، فيما يتوقع أن يصل إنتاجه إلى 2.9 مليار قدم مكعب يوميا بحلول منتصف 2019.
ووفقا لدورية "جيولوجيكال سيرفي" الأمريكية، فإن منطقة شرق البحر المتوسط من قبرص إلى مصر ولبنان، من الممكن أن يوجد بها أكثر من 340 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
ووفقا لمراقبين تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، فإنه من المتوقع أن تتصاعد النزاعات بين تلك الدول خلال الفترة القادمة حول أحقية تلك الحقول والحدود المائية للدول المتشاطئة في البحر المتوسط، ولكن لن تخرج عن الإطار القانوني.
قبرص كلمة السر
العميد محمود محيي الدين عضو مجلس النواب المصري الباحث السياسي في شؤون الأمن الإقليمي، قال إن "الخلاف بين دول شرق البحر المتوسط حول حقول الغاز، قانوني بالأساس، فهو يتخطى الحدود الإقليمية إلى الحدود الدولية"، منوها إلى أنه "يدور بالأساس حول توصيف الجزيرة القبرصية، بالنسبة لتركيا".
وتزعم تركيا أن مناطق معينة في المنطقة البحرية قبالة قبرص تقع ضمن المنطقة السيادية لها أو للقبارصة الأتراك، ولا توجد علاقات دبلوماسية بين تركيا وقبرص.
ويشير العميد محيي الدين، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى أن قبرص دولة معتمده في الاتحاد الأوربي وفي الأمم المتحدة، وبالتالي من حقها إبرام الاتفاقيات، وأن تضعها في حافظة مستندات الأمم المتحدة".
واستبعد الخبير السياسي أي مواجهات عسكرية، مشيرا إلى أنه لا توجد أي مؤشرات عن مواجهات عسكرية، رغم مناوشات تركيا مؤخرا، ونوه إلى أن اليونان وتركيا "عضوان في حلف الناتو".
تصعيد إعلامي تركي ضد مصر
الاكتشاف المصري لحقل "ظهر"، والذي جاء عبر اتفاق مصر وقبرص، والتنقيب القبرصي عن الغاز أيضا، أثار غضب تركيا، وهو ما جعلها تلوح بتدخل عسكري لحماية مصالحها، بحسب رجب طيب أردوغان.
أردوغان الذي حذر الثلاثاء الماضي "من يتجاوزون حدودهم في بحر إيجة وقبرص، ويقومون بحسابات خاطئة مستغلين تركيزنا على التطورات عند حدودنا الجنوبية" في إشارة للأحداث في سوريا، والعدوان التركي على مدينة عفرين السورية.
وسبقت تصريحات أوردغان، إعلان وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو في الرابع من فبراير/شباط الجاري رفض بلاده الاعتراف بقانونية اتفاق وقعته مصر وقبرص عام 2013 للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط"، وكشف عن عزم بلاده البدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط.
وبالفعل منعت سفن حربية تركية سفينة الحفر التي تديرها شركة "سابيم"، وهي وحدة تابعة لشركة إيني المملوكة الإيطالية الحكومية، من التوجه للتنقيب في منطقة جنوب غربي قبرص يوم الجمعة الماضي.
رد مصري حاسم
بدوره بدا الموقف المصري واضحاً وحاسماً تجاه هذا التصعيد، حيث ردت الخارجية المصرية، بالتأكيد على قانونية موقف مصر، وحذرت من المساس بسيادتها على المناطق التي أفرزتها اتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص عام 2013.
وعلى مدى الأيام الماضية تعمدت القوات المسلحة المصرية تضمين بياناتها العسكرية المتعلقة بمواجهة الإرهابيين في سيناء، الإشارة إلى "استمرار العمليات العسكرية لحماية الأهداف الاقتصادية في البحر المتوسط".
وعرض المتحدث العسكري مقطع فيديو مصوراً بعنوان "عمالقة البحار" يظهر قدرات "القوات البحرية المصرية" وجاهزيتها.
كذلك، جرى استعراض الأسلحة الحديثة التي انضمت إلى صفوفها، مثل حاملتي المروحيات من طراز "ميسترال" الفرنسيتين اللتين تحملان اسمي "جمال عبدالناصر" و"أنور السادات".
وبالإضافة إلى قوتها على الأرض عبر ترسانتها العسكرية المتنامية مؤخرا، فإن مصر عززت موقفها بإجراءات قانونية قوية.
الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام، قال لـ"العين الإخبارية" إن مصر حرصت على تقنين إجراءاتها بدقة بالغة، فاتفاقية تعيين الحدود بين مصر وقبرص المبرمة عام 2013 تأسست وفقا لقواعد القانون الدولي، ومنها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982، مؤكدا أن الدولتين التزمتا بحقوق كل دول الجوار البحرية في شرق البحر المتوسط؛ تجنبا لأي منازعات مستقبلية.
وأوضح سلامة أن حدود مصر البحرية تم تحديدها وإرسالها لدى الأمم المتحدة، وحتى قبل إبرام الاتفاقية المشار إليها مع قبرص.
قبرص تتفادى التصعيد.. واليونان تشكو
تفادت قبرص على مدار الأيام الماضية، التصعيد مع تركيا، وبدت أكثر ثقة إزاء قدرتها على حماية مصالحها، معتمدة في ذلك على قوة تحالفها الثلاثي مع مصر واليونان.
وقال الرئيس القبرصي، نيكوس اناستاسيادس، ردا على سؤال حول قلق السكان إزاء التوترات الإقليمية، بأنه "ما من سبب يدعو للقلق".
وأضاف اناستاسيادس: "الحكومة تتعامل مع الوضع بوجهة نظر تركز على تجنب أزمة قد تخلق مشاكل للاقتصاد والدولة بشكل عام"، متجنبا بشكل مباشر التعليق على مواقف نظيره التركي.
بدورها، بعثت اليونان بشكوى رسمية إلى تركيا، واستدعت السفير التركي لديها، وذلك بعد أن قامت دورية تركية ببعض المناورات التي وصفتها بـ"الخطيرة" لتصطدم بسفينة خفر سواحل يونانية كانت تقوم بدورية في بحر إيجه وأصابتها بأضرار.
وطالبت الخارجية اليونانية تركيا بالتوقف عن انتهاك القانون الدولي والتصرفات التي لا تساهم في تطوير علاقات البلدين.
aXA6IDE4LjIyNi4yMjIuMTMyIA== جزيرة ام اند امز