"العين الإخبارية" تحاور مصريا أنقذ إيطاليا من كارثة.. شجاعة استثنائية
الطفل المصري رامي شحاتة ووالده يشرحان لـ"العين الإخبارية" التفاصيل الكاملة للحادث وكيف أخفى رامي هاتفه من السائق للاتصال بالشرطة.
شجاعة لافتة تمتع بها الطفل المصري رامي شحاتة الذي يكمل في يوليو/تموز المقبل عامه الـ14، وهو ما أهله للحصول على لقب "البطل" أو "أوروي" كما أطلق عليه وزير داخلية إيطاليا، بعدما أنقذ مدينة ميلانو الإيطالية من كارثة محققة.
وعلى الرغم من عدم بلوغ رامي السن القانونية للحصول على الجنسية الإيطالية، إلا أنَّ الحكومة الإيطالية قررت منحه جنسيتها مكافأة على شجاعته الاستثنائية في حادث كاد يودي بحياة 51 طفلاً قادهم القدر للوقوع فريسة محاولة اختطاف لحافلتهم المدرسية قبل يومين.
- سائق يُشعِل حافلة مدرسيّة في إيطاليا احتجاجاً على غرق مهاجرين
- والد الطالبة المصرية ضحية الاعتداء في بريطانيا يتعهد بانتزاع حق ابنته
عن التكريم ولحظات الرعب، تحدث رامي لـ"العين الإخبارية" شارحًا تفاصيل مغامرته التي انحنت لها السلطات الإيطالية ورفعت القبعة، فيقول: "الحادث وقع يوم الأربعاء الماضي 20 مارس/آذار الجاري، كنّا في رحلة ألعاب كالعادة وفي طريق عودتنا إلى المدرسة بمنطقة (كريمه) فوجئنا بالسائق يصرخ فينا: (اسكتوا) على غير العادة فظنناه يمازحنا، إلا أنَّه أخرج مسدساً وسكيناً.. ودب الرعب في قلوبنا".
ويكمل رامي: "جمع السائق الهواتف المحمولة من زملائي واستطعت إخفاء هاتفي، وبينما كان يسكب البنزين الذي كان أعده سلفاً لهذه المهمة كما بدا لنا، طلبت من زملائي أن يرفعوا أصواتهم ويحدثوا أي ضجيج حتى أتمكن من مهاتفة الشرطة، وفعلت ذلك بالفعل".
ويتابع: "هاتفت الشرطة التي من الطبيعي أن نكون على دراية بأرقامها، وأغلقت الخط معهم واتصلت بأبي وأخبرته سريعًا بما حدث وأننا في عداد المخطوفين وربما تزهق أرواحنا بعد قليل، وبعدها تنبه السائق فسلّمته هاتفي المحمول حتى لا يشعر بالقلق، وكان الهاتف مغلقاً ببصمة خاصة فلم يستطع مشاهدة آخر المكالمات".
ويضيف رامي: "الشرطة حضرت إلى الموقع الذي كنا فيه بعد اتصالي بـ20 دقيقة، قبل أن ينفذ السائق جريمته، واستطاعت تحريرنا".
بعد الحادث، يقول رامي إنَّ المسؤولين في إيطاليا وعلى رأسهم رئيس الوزراء ووزير الداخلية فضلًا عن السفير المصري والقنصل العام، كلهم حدثوه شخصيًا وأخبروه أنَّه بطل وتصرَّف كشاب وطني.
أما والد رامي السيد شحاتة قوشة، فأعرب خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" عن سعادته وفخره بتربيته لابنه الذي تصرف كمسؤول قبل أي شيء، وفكّر في الآخرين قبل نفسه.
ويقول قوشة: "عندما تحدَّثت مع ابني بعد الحادث سألته كيف آتتك الفكرة وغامرت بعدم تسليم الهاتف الخاص بك ولم تتوتر، فقال له (كل ما فكرت به في هذه اللحظة هو مدرستي وزملائي وكيف أنقذهم من هذا الكابوس)".
ويضيف: "إذا وضِع أحدنا بهذا العمر الكبير في الموقف نفسه ربما كنا سنتصرف بسلبية، إلا أن الله سخّر رامي وتفكيره في هذه اللحظة وألهمه التصرف السليم حتى لا تحدث كارثة".
وعن دوره في إحباط هذا العمل الإرهابي، يقول والد رامي: "عندما حدَّثني رامي قال لي إنَّه هاتف الشرطة لكنه كان قلقاً من ألا يؤخذ بلاغه على محمل الجد لأن مقدم البلاغ طفل صغير السن ويظهر ذلك على صوته بوضوح".
ويتابع: "على الفور حدَّثني وقال (يا أبي نحن مخطوفون افعل شيئًا)، وبالفعل كنت أتصرف وأنا في قمة الخوف والانفعال لأن ابني مهدد ومخطوف ومصيره الموت إن لم أفعل شيئاً، ومعه 50 زميلاً له، وفورًا أبلغت الشرطة وتركت لهم رقم الهاتف الخاص برامي لمتابعة موقع تحركهم من خلال تقنية الجي بي إس، وتحركت أنا بسيارتي إلى الموقع الذي أخبرني به ابني وكان على بعد 4 كيلومترات من المنزل، إلا أن المجرم السائق كان قد تحرك من المكان بنحو 35 كيلومتراً قرب أحد مطارات ميلانو".
ويكمل الأب أنَّ السائق ذهب بالأطفال إلى ذلك الموقع لقتلهم على منطقة حدودية انتقامًا لأولاده الذين هاجروا إليه من السنغال عبر البحر في هجرة غير شرعية ومنعتهم السلطات من دخول البلاد خاصة بعد تصريحات سابقة لوزير الداخلية بتشديد الرقابة وعدم إدخال المهاجرين غير الشرعيين، وهم بالأساس يهاجرون على مراكب متهالكة كثيراً ما تتعرض للغرق، وكان هذا مصير أبنائه إذ غرقوا على الحدود، وانحسر تفكير السائق في الانتقام لأبنائه بقتل 51 طفلاً لا ذنب لهم عن طريق حرقهم في حافلة المدرسة بمنطقة حدودية.
وعن مصير السائق، يقول قوشة إنَّ السائق ستتم محاكمته وترحيله خارج البلاد وربما يتطور الوضع لسحب الجنسية الإيطالية منه، لا سيما أن وزير الداخلية الإيطالي في لقائه بي وابني وأمام وسائل الإعلام وصف ابني بالبطل وأنَّه هو مَن يستحق الجنسية الإيطالية وليس نموذجاً مثل هذا السائق الذي كاد أن ينفذ حادثًا عنصريًا بشعًا.
وعن الجنسية الإيطالية يقول والد رامي إن ابنه مولود في إيطاليا وعلى كل حال كان يستحق الجنسية بإتمامه 18 عامًا إلا أن المعلومة المؤكدة أن السلطات وافقت على منحه الجنسية من الآن، ووصفته بالبطل، وسيحظى بالتكريم بعد أيام أمام العالم من جانب السلطات الإيطالية والسفارة المصرية والقنصل المصري، فضلًا عن أن الجميع يشكرني على حسن التربية التي يتمتع بها ابني الصغير رامي، ويؤكدون أن ما فعله في السجل الإيطالي يسمى (معجزة) بكل المقاييس.
أما عن المكافأة التي ترددت أحاديث كثيرة عنها، فيؤكد والد رامي أنَّه يتمنى أن يكون الأمر حقيقيًا إلّا أن أحدًا لم يخبره بصحة ذلك بعد.