تحرك مصر ضد إسرائيل بـ«العدل الدولية».. ماذا يعني ذلك؟
تصعيد مصري جديد ضد إسرائيل بإعلانها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد تل أبيب، أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها باتفاقية منع جريمة "الإبادة الجماعية" على خلفية حرب غزة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، رفعت جنوب أفريقيا دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، أكدت خلالها أن "الحصار الذي تفرضه تل أبيب على غزة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية".
وحول تأثير تدخل مصر دعماً لدعوى جنوب أفريقيا، قال محللون إنه "يزيد من زخم القضية ويعطي ثقة لمزيد من الدول العربية للانضمام والدعم".
واعتبروا أن "القاهرة لديها من الخبرات والكفاءات ما يمكنها من تقديم دلائل قوية تعزز من موقف جنوب أفريقيا في الدعوى".
وجاء القرار غداة تأكيد مصدر مصري رفيع المستوى، لقناة "القاهرة الإخبارية"، شبه الرسمية، أن "مصر رفضت التنسيق مع إسرائيل بشأن معبر رفح بسبب التصعيد غير المقبول".
ثقل كبير
ووفق أستاذ القانون الدولي وعميد كلية الحقوق الأسبق، نبيل حلمي، فإن "إعلان مصر التدخل في هذه القضية جاء استنادًا للمادة 63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، التي تتيح لأي دولة طرف في اتفاقية تكون محل نزاع الحق في التدخل لإبداء وجهة نظرها حول تفسير الاتفاقية".
وأضاف حلمي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن مصر طرف في النزاع نظرا لتضررها من الأحداث في غزة وكذلك حدوث بعض الآثار على حدودها مع الجانب الفلسطيني.
كما أن مصر بوصفها طرفًا في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، "لها مصلحة قانونية مباشرة في ضمان احترام أحكامها وتفسيرها بما ينسجم مع الغرض الإنساني منها، لا سيما الالتزامات الواردة في المادة الأولى بمنع الإبادة والمعاقبة عليها، والأفعال المحظورة المنصوص عليها في المادة الثانية والتي تشكل الأركان المادية لهذه الجريمة، كقتل أفراد الجماعة المستهدفة".
وبحسب المحلل المصري فإن "القضية ما زالت أمام محكمة العدل الدولية في المرحلة الأولى وأصدرت تقريرها الأول وانتقلت إلى الجزء الثاني وهو الموضوعي"، مؤكدا أن انضمام مصر الآن طبيعي ويأتي بعد صبر طويل وجهود دبلوماسية مضنية لوقف تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين".
وشدد على أن "انضمام مصر بعد بدء المحاكمة يعطي ثقلا كبيرا للقضية نظرا لدورها المحوري في الأزمة ويزيد التأييد الدولي في هذا الشأن".
ضغوط لوقف الحرب
واتفق مع حلمي، رئيس محكمة الاستئناف الأسبق وخبير القانون الدولي، حسن أحمد عمر، على أن "انضمام مصر للقضية المرفوعة من دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل سوف يعطيها زخما كبيرا".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أكد المحلل المصري أن "مشاركة مصر سوف تعطي ثقة وتفتح الباب على مصراعيه لانضمام العديد من الدول للقضية سواء عربية أو إسلامية مما يضغط على المجتمع الدولي وقضاة المحكمة لإصدار قرار فوري بوقف إطلاق النار"، مشيرا إلى أن "مصر لديها من القدرات والكفاءة الكبيرة لتقديم أدلة يقينية في حجتها القضائية مما قد يسهل مهمة جنوب أفريقيا".
وأوضح أن "مصر لديها الأدلة والاعتبارات القانونية التي تثبت مصلحة حيوية في رفع الدعوى لأن القرار القضائي للمحكمة الذي من الممكن أن يأخذ سنوات من الممكن أن يؤثر بشكل مباشر إيجابا أو سلبًا على مصير الفلسطينيين".
"غضب شديد"
وسياسيا، قال البرلماني المصري مصطفى بكري إن تدخل مصر لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل يعبر عن غضب القاهرة من تصرفات تل أبيب.
وفي تغريدة عبر منصة "إكس"، أضاف بكري أنه "عندما تعلن مصر اعتزامها التدخل لدعم الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، فهذا موقف قومي يعبر عن ثوابت الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية".
وأشار إلى أن "الحيثيات التي تضمنتها مذكرة الخارجية المصرية تؤكد غضب مصر الشديد تجاه السياسة العدوانية الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني".
وتابع: "مواقف مصر ليست عرضة للمزايدة، فالقضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية، وما يجري على أرض فلسطين من جرائم هدفه تصفية القضية وتهجير الفلسطينيين ودفعهم قسرا باتجاه الحدود المصرية".
وعن أسباب تحرك القاهرة لدعم دعوى جنوب أفريقيا، قالت الخارجية المصرية إنه يأتي "في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والإمعان في اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطيني من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير البنية التحتية في القطاع، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم، مما أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة أدت إلى خلق ظروف غير قابلة للحياة في قطاع غزة، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب".