"النسر المصري": السادات نجح في قراري الحرب والسلام
"بوابة العين" الإخبارية تلتقي بطل حرب أكتوبر اللواء سمير عزيز الملقب بـ"النسر المصري" بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر.
اللواء سمير عزيز «النسر المصري» واحد من أشهر طياري القوات الجوية المصرية في حرب أكتوبر المجيدة، وأفضل طيار غير روسي يطير على الميج 21. عرف بشجاعته وجرأته الشديدة، وكان يطير على ارتفاعات منخفضه جداً حتى أنه كان يطير على ارتفاع متر واحد من الأرض. شهد له زملاؤه وقادته بأنه يستطيع تطويع طائرته لتلبي له ما يريد.
"بوابة العين" التقته وأجرت معه الحوار التالي حول ذكرى حرب أكتوبر، ورؤيته السياسية الحالية.
لماذا تم تصنيفك كأفضل طيار في العالم على الطائرة MIG-21 بعد الروسيين؟
أجزم أن الطيار المصري أكفأ طيار في العالم، وسبب التسمية أنني كنت أنزل بالطائرة الميج على مسافات قريبة جداً من الأرض، على عكس محاذير السلامة الدولية، والطبيعي في هذا الموقف أن الطائرة تنفجر، ولكني بفضل الله نجحت في الهبوط والصعود عدة مرات دون مشاكل.
كيف استطاع الجيش المصري أن يعبر أزمة الهزيمة في 67 إلى أكتوبر؟
الجيش المصري لم يحارب في 1967، ولكن صدرت أوامر بالانسحاب قبل أن تبدأ الحرب بسبب الخسائر التي لحقت بنا، وقرار الحرب أصلاً كان خطأ كبيراً من الرئيس جمال عبد الناصر، ولا أعلم كيف دخلنا الحرب وأكثر من ثلث الجيش في اليمن ولم يكن لدينا أية استعدادات. الرئيس عبد الناصر كان رجلاً وطنياً وله إنجازات عظيمة وله أخطاء لا تغتفر أيضاً.
وما حدث في 1967 أثر علي الجيش بشكل كبير، ولكن بدأنا نعيد ترتيب نفسنا، وكانت هناك عدة نقاط مضيئة بدأت تعطي لنا الأمل أهمها معركة «رأس العش» شرق بورسعيد، التي قام بها أبطال الجيش ضد قوات الاحتلال التي كانت تريد السيطرة على منطقة بورفؤاد وكانت آخر منطقة متبقية على وجهة القناة لم يسيطر عليها الإسرائيليون، ولكن بأعداد وعتاد قليلة استطعنا قهر جيش العدو.
وكيف استعدت القوات الجوية لحرب أكتوبر 1973؟
القوات الجوية لم تحارب في 67، وبالتالي كان الطيارون لديهم عزيمة وإصرار على الدخول في الحرب مهما كان الثمن.
كانت البداية ببناء «دشم» للطائرات في جميع المطارات، واشترك في بنائها شركات مدنية، وبالفعل وفرت الدشم حماية كاملة للطائرات المصرية ولم تدمر طائرة واحدة على الأرض خلال حرب أكتوبر.
ووصلت إلى مصر بعد ذلك طائرة جديدة تسمى Mig-21 FL واختاروا أفضل الطيارين للعمل عليها وكنت منهم، وكانت هذه الطائرة مزودة بصاروخين فقط ولا يوجد بها مدفع وكانت تعتمد على الرادار في الكشف عن الهدف.
كيف علمتم بقرار الحرب ومتى؟
القوات الجوية علمت قبلها بحوالي 4 ساعات، ولكن كانت هناك استعدادات قبلها تؤكد اقتراب موعد المعركة؛ مثلاً الطائرات كانت محملة بالوقود وجاهزة وتم تكثيف التدريبات في الفترة الأخيرة، وأعتقد أننا أول من علم به نظراً لفكرة الخداع الاستراتيجي.
وماذا كانت تفاصيل الضربة الجوية الأولى؟
بدأت طائرات حربية بعمل طلعات روتينية تدريبية للتمويه، قبل موعد إقلاع الطائرات لتنفيذ الهجوم يوم 6 أكتوبر.
وفي مطار المنصورة أقلع عدد من تشكيلات الميج 21 وقاموا بدورة طيران عادية وعند الانخفاض للهبوط فوق المطار، استمرت الطائرات على ارتفاعها المنخفض، وبعيداً عن أعين الرادارات الإسرائيلية لتهبط في مطار بلبيس كما تم من قبل عشرات المرات في التدريبات.
وفي التوقيت المحدد نفذ الهجوم الجوي الساحق، وكان النسق الأول وفقاً لخطة الهجوم 90 لتدمير وشل فاعلية مواقع الدفاع الجوي الهوك وتدمير محطات الرادار ومراكز القيادة، والنسق الثاني بقوة 90 طائرة لضرب وشل المطارات والإرسال ومواقع كتائب المدفعية بعيدة المدى وضرب النقطة الحصينة شرق منطقة بورفؤاد، في حين ضم النسق الثالث 40 طائرة مقاتلة لتعزيز النسق الأول والثاني في أعمال القتال الجوي ومنع طائرات العدو من التدخل أثناء أداء المهام القتالية.
ونجحت الضربة الجوية في تحقيق أهدافها بنسبة 90% ولم تزد الخسائر على 5 طائرات مصرية، وكان من المقرر القيام بضربة جوية ثانية ضد العدو في نفس اليوم قبل الغروب، ولكن ألغيت نتيجة نجاح الضربة الأولى.
بعد 25 يناير ظهرت بعض التصريحات تلمح أن مبارك لم يكن صاحب الضربة الجوية الأولى.. ما هي شهادتك باعتبارك أحد أبناء القوات الجوية وما طبيعة علاقتك بالرئيس الأسبق؟
مبارك لم يَقد أي طائرة حربية وقت الحرب نهائياً؛ لأنه كان قائد القوات الجوية وكان يتابع العمليات من غرفة المتابعة، ومن أعد خطة الضربة الجوية الأولى هو اللواء محمد علي فهمي، قائد عمليات القوات الجوية، ومبارك وافق عليها فقط، وكان يقود العمليات ويتابع سير العمل لأنها طبيعة عمل قائد القوات الجوية، وشهادة حق هو لم يكن سيئاً خلال العشرين عاماً الأولى من حكمه لكن المشكلة كانت في العشر سنوات الأخيرة ومشكلة مبارك أنه كان بطيئاً جداً في قرارته، ولكن يكفي أنه قام بدور كبير أثناء حرب أكتوبر ليكرمه التاريخ على ذلك.
هل التقيت الرئيس السادات وقت الحرب؟
التقيته قبل الحرب عندما زار قاعدة القوات الجوية وسألنا هل أنتم مستعدون للحرب فقلنا نعم، ولكن لدينا طلبات وهي أننا نحتاج إلى طائرات تحمل صواريخ وزيادة عدد قواعد الصواريخ، وكان رده سنحارب بما نملك، وقد كان وفعلاً حاربنا بما نملك وانتصرنا رغم تفوق القوة التكنولوجية للإسرائيليين، وبشكل عام السادات كان رجلاً عظيماً وقاد حرب أكتوبر وهو بطل الحرب والسلام، ولكن خطأه الكبير أنه أخرج الإسلاميين من السجون وقتلوه بعدها.
هل كنت تؤيد قرار الرئيس السادات بتحرك الفرقة الرابعة نحو قوات العدو ما تسبب في حدوث الثغرة؟
الثغرة كانت قراراً خاطئاً كبيراً للسادات وكان قراراً سياسياً بسبب الأمريكان، والفريق سعد الدين الشاذلي اتظلم بسبب موقفه من هذا القرار، وكان على حق؛ لأن السادات قرر تحرك قواتنا لتخفيف العبء عن السوريين في هضبة الجولان وبالفعل حدث ذلك ولكن إسرائيل ركزت كل قواتها في منطقة الدفرسوار وسيطرت عليها، وللأسف أصبح النصر ناقصاً واستغلت إسرائيل الموقف لإجبارنا على التفاوض.
هل كان قراره بالذهاب إلى تل أبيب قرار صحيح؟
طبعاً كان صح مائة في المائة، السادات كان يعرف حجم الجيش الحقيقي بعد الحرب، كنا منهكين تماماً، وإسرائيل كانت لديها دعم كبير من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، السادات ذهب وتفاوض على أساس أننا منتصرون.
كيف دعمت الدول العربية مصر في حرب أكتوبر؟
الدول العربية كان لها دور كبير فى نصر أكتوبر المجيد سواء فى مرحلة ما قبل الحرب أو خلالها، وكان على رأس الدعم العربى استخدام سلاح البترول وهو دعم لا يمكن وصف تأثيره على سير العمليات العسكرية أو المفاوضات.
وبالنسبة للدعم "الجزائري" بالطائرات فقد بدأ منذ اللحظات الأولى لنكسة 67، فبعد ضرب المطارات بيوم أو اثنين طلبت قيادة الجوات الجوية منا الذهاب إلى الجزائر لإحضار طائرات نحارب بها، وفور وصولنا وجدنا 6 طائرات ميج-21 فقط جاهزة للطيران، وعاد الطيارون الأعلى في الرتبة بتلك الطائرات، ثم دخلنا إلى "هنجر" وجدنا به طائرات ميج-17 عبارة عن جسم الطائرة والجناحين مفككين، وعدنا بها من الجزائر فور تجهيزها.
ما رأيك في طائرات الرافال وحاملة الطائرات الميسترال التي اشتراها الجيش المصري مؤخراً وكيف ترى فائدتها؟
كانت ضرورة ملحة جداً وخطوة تأخرت كثيراً، وطائرات الرافال صفقة عظيمة جداً لأنها متعددة المهام تسطيع حمل كمية أطنان من الصواريخ، وتسطيع استطلاع أماكن تواجد العدو وأجهزته اللاسلكية والتشويش عليها وتدميرها، لذلك يمكن أن تغني عن سرب من طائرات الميج.
والرئيس السيسي حكيم جداً ولا يَقدُم على أي خطوة على سبيل الرفاهية أبداً وسيشهد له التاريخ على جهودة لحفظ هذا البلد والحفاظ على وحدتها، وأرى أنه قام بإنجازات عظيمة خلال 3 سنوات لم يفعلها نظام مبارك في الـ30 عاماً.
هل انتصرنا على الحرب الأخيرة ضد الإرهاب؟
قطعاً انتصرنا ولا ننكر أنها كانت حرب شرسة وقوية ولكن مصر لا تهزم أبداً ومستحيل أن تهزم جماعة دولة بجيشها وأهلها.