استهداف الإرهاب للمسيحيين في سيناء.. إفلاس ويأس
استهدف الإرهاب 7 مواطنين مصريين مسيحيين بالقرب من منازلهم ومقرات عملهم، بطرق مختلفة بين ذبح بالسكين، وحرق، وإطلاق رصاص حي.
عشرات المواطنين المسيحين فروا، صباح الجمعة، من مدينة العريش، بمحافظة شمال سيناء (شمال شرق)، متجهين لمدينة الإسماعلية مصر، بعد استمرار الاعتداءات الإرهابية الموجهة ضد أقباط مصر خلال الأيام الماضية.
يوستينا كامل.. مواطنة مصرية مسيحية لاقت حتفها، فجر الجمعة، بالقرب من منزلها بمدينة العريش، على يد عناصر من أنصار بيت المقدس، لتكون الضحية السابعة التي ذبحت على يد عناصر إرهابية خلال 20 يومًا، وألقي بجثتها خلف قسم ثالث العريش، والضحية الثانية من أسرتها بعد أن ذبح الأب "كامل رءوف كامل" بالسكين في منزله على يد مجهولين.
واستهدفت العناصر الإرهابية المتطرفة 7 مواطنين مصريين مسيحيين بالقرب من منازلهم ومقرات عملهم، بطرق مختلفة بين ذبح بالسكين، وحرق، وإطلاق رصاص حي، وتزامنت هذه العمليات الإرهابية مع إعادة بث الرسالة الأخيرة للانتحاري للمسؤول عن تنفيذ تفجير الكنيسة البطرسية (وسط القاهرة) الملاصقة لمبنى الكاتدرائية المرقسية في 11 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الذي وجه فيها تهديدا لمسيحيى مصر.
نقلة نوعية.. هدف خفي
وحول طبيعة العمليات الإرهابية الممنهجة التي وجهتها كيانات إرهابية مثل (ولاية سيناء) الموالي لداعش، ومسلحين تابعين لتنظيمات إرهابية، نحو مسيحيي سيناء، اعتبر طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن هناك نقلة نوعية واضحة في هذه العمليات وفي سلوك هؤلاء الإرهابين يجب الانتباه لها، دون النظر أو الانشغال بالصبغة الدينية التي يسعى هؤلاء تصديرها للرأي العام، منوهًا ان الأمر غير مرتبط بدين محدد، إنما هي قضية مصرية خالصة.
ودائمًا تسعى الجماعات والكيانات الإرهابية لتسيير الأمر في اتجاه آخر بعيدًا تمامًا عن الحقيقة.
وفي هذا السياق يوضح فهمي في تصريحات لبوابة "العين" الإخبارية، أن حصر الوضع الحالي بالعريش في الدين ونقله من عباءة السياسة غير مطلوب، ومنافيًا للحقيقة، مشيرًا إلى أن الممارسات الإرهابية الأخيرة تتسم بطابع مختلف يتجاوز الاعتماد على الحل والدعم الأمني فقط.
واتفق سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، مع الرأي السابق، مؤكدًا أن الهدف الرئيسي من وراء استهداف وتوجيه الضربات لمسيحيي العريش، إثارة الفتنة الطائفية بين فئات المجتمع المصري، وإشغال الرأي العام المصري والدولي بمشكلات داخلية، وتعطيل مسيرة التقدم ومحاولات النهوض بأركان الاقتصاد وعلى رأسهم قطاع السياحة.
وانتقل اللاوندي في تحليله، إلي أن توقيت تنفيذ العمليات يتزامن مع اقتراب موعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للولايات المتحدة الأمريكية ولقائه الأول المرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومحاولة تغيير مسار الحوار الثنائي المتوقع بين الرئيسين من الحديث عن سبل مكافحة الإرهاب وطرق التعاون والتنمية المشتركة، إلى مناقشة أزمات مفتعلة خاصة باستهداف المسيحين وفرارهم من العريش.
رسالة تهديد.. فشل التنظيمات الإرهابية
وفي يوم 20 فبراير/ شباط الجاري، قام تنظيم داعش الإرهابي بإعادة بث الفيديو الأخير للانتحاري المسؤول عن تفجير الكنيسة البطرسية، والذي هدد فيه مسيحيي مصر وتوعدهم، موجهًا رسالة للمسلحين بتحرير الإرهابين المتواجدين داخل السجون، وفي نفس التوقيت تصاعدت سلسلة الاعتداءات الإرهابية ضد مسيحيي العريش.
يجد طارق فهمي، رابطا قويا بين الرسالة والهجمات الأخيرة، كمحاولة للتشويش على إنجازات القوات المسلحة ضد العناصر الإرهابية في شمال ووسط سيناء، مؤكدًا أن التفوق الأمني المصري في توجيه ضربات قاصمة للتنظيمات الإرهابية، وانتقال العمليات الأمنية لـ منطقة جبل الحلال بهدف تجفيف منابع الإرهاب هناك، زاد من مخاوف أنصار بيت المقدس والعناصر الموالية لداعش، ليعيدون بث الفيديو كـ رسالة تهديد للدولة المصرية.
اللواء حسام سويلم، الخبير العسكري، أرجع هذه العمليات الإرهابية، إلى تأكد العناصر الإرهابية من الخسارة المتوقعة أمام الجيش المصري، وتقلص تواجدهم على أرض الواقع وتراجع نشاطهم لغياب نسبة كبيرة من المعلومات عنهم.
دلالات الهجمات.. استدعاء تجارب سابقة
ورأى اللاوندي أن استغلال الملف القبطي بمصر من قبل الجماعات الإرهابية، يؤكد على أن الإرهاب لا دين له، وأن توقيت وأسلوب استهداف الضحايا بإختلاف أعمارهم وطبقاتهم الاجتماعي، يعنى فشل الإرهاب مع استمرار العمليات الأمنية، ومحاولته للنيل من صورة مصر وأمنها واستقرارها.
كما حذر فهمي من دلالات توقيت وطبيعة الهجمات، قائلًا "فشل الإرهابين أدى لاستدعائهم تجارب ونماذج سابقة نفذت في بعض الدول العربية"، مؤكدًا أن الوضع يستدعي اليقظة المجتمعية والأمنية معًا، خاصة ومع انتقال العمليات الإرهابية لضرب الطبيعة السكانية لـ سيناء بالترهيب والقتل والذبح.
وتابع أستاذ العلوم السياسية قوله، "طبق هذا النموذج في العراق وسوريا، وتمكن داعش من تهجير المسيحيين هناك بعد عام 2014، ودائمًا يستهدفون تغيير التركيبة السكانية والديموغرافية السياسية في الدول الأكثر استقرارًا وتنوعًا من حيث السكان، وتوظيفها لأهدافهم الإجرامية"، منوهًا أن هذا النموذج هدف داعش والكيانات الإرهابية الرئيسي في جميع دول العالم.
جمع معلومات وجهود مجتمعية
وبشأن الحل الأمني لمواجهة هذا الوضع في سيناء، أثنى سويلم على دور الأجهزة الأمنية خلال الفترة الماضية بمنطقة جبل الحلال، وقدرتهم على تحجيم عمليات استهداف الكمائن وزرع القنابل في بعض التجمعات الأمنية، مشددًا على دورهم المهم حاليًا لغلق منافذ الدعم المالي المقدم لهذه العناصر من الخارج.
وأوضح أن وجود تصور أمني واضح، وتوافر معلومات جيدة، وثبات العزيمة والإرادة المصرية ستسهم في حل هذه الأزمة الأخيرة، وتشجع قوات الأمن على استكمال الحرب ضد الإرهاب.
وفي نفس الاتجاه، أكد فهمي أن الوضع الحالي مختلف، ويحتاج لتضافر الجهود المجتمعية مع الدعم الأمني، ولأهمية دور القبائل السيناوية وقوى المجتمع لتقديم الدعم المعلوماتي للأجهزة الأمنية دون تردد، مستشهدًا بدور الأسر بـ سيناء في مساندة الجيش المصري الفترة الماضية.
كما أشار بدور المجتمع المدني ووسائل الإعلام لدعم الأسر التى تركت منازلها هربًا من يد الإرهاب، ومهمتهم لتصحيح المفاهيم بشأن الحرب القائمة ضد التنظيمات الإرهابية في سيناء، من أجل مساندة الجيش المصري.
aXA6IDE4LjIyMy4yMDkuMTI5IA==
جزيرة ام اند امز