رسائل السيسي بشأن ليبيا.. خيارات مفتوحة وطمأنة وردع
خبراء مصريون يؤكدون أن خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حمل عدة رسائل سياسية وعسكرية غير مسبوقة
"خيارات مفتوحة وطمأنة وردع".. تلك ما تضمنته الرسائل التي ووجها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، ضمن خطابه أثناء زيارته المنطقة الغربية العسكرية القريبة من الحدود الليبية، والتي رافقه خلالها قادة الجيش المصري.
تلك الرسائل تلخصت في شقين -وفق خبراء سياسيين ودبلوماسي مصري- هما “التأكيد على أن جميع الخيارات مفتوحة أمام مصر في التعامل مع أي عدوان يهدد أمنها القومي لاسيما التدخل التركي في ليبيا، والآخر طمأنة الداخل بأن قيادته قادرة على الدفاع عن أمن واستقرار البلاد، فضلاً عن رسالة ردع لتركيا التي تريد السيطرة على مدينة سرت الليبية.
وفي خطابه، أكد الرئيس المصري أن جيش بلاده واحد من أقوى جيوش الشرق الأوسط، وقادر على الدفاع عن الأمن القومي المصري داخل وخارج حدود البلاد.
ووجه السيسي حديثه للقوات المسلحة المصرية، قائلاً:" كونوا مستعدين لتنفيذ أي مهمة هنا داخل حدودنا أو إذا تطلب الأمر خارج حدودنا".
خيارات مفتوحة
واعتبر حسن أبو طالب، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، أن خطاب السيسي، حمل رسائل حاسمة ذات شقين، الأول: لأي عدو خارجي، يهدد الأمن القومي، سواء من الغرب أو أقصى الجنوب.
أما الشق الثاني فهو لداخل المصري بهدف الطمأنة من أي تهديدات للحدود الغربية للبلاد.
وأوضح أن الرسائل مفادها أن "لدينا خيارات مفتوحة لمن لا يريد التعامل معنا وفق قاعدة الكسب المشترك ومراعاة الحقوق وعدم التدخل في شؤون الدول.. فنحن قادرون على الدفاع عن مصالحنا بكافة الوسائل خاصة إذا كانت هذه المصالح مرتبطة بالحق في الوجود وأمن واستقرار البلاد، لأن الدفاع عن النفس مشروع وفق مواثيق الأمم المتحدة والأعراف الدولية".
وقال أبوطالب، لـ"العين الإخبارية" إن خطاب الرئيس السيسي كان واضحا، فيما يتعلق باحتمالات التدخل العسكري، فهو على حد تعبيره "قال بشكل واضح نحن لن نبادر بالعدوان لكننا حريصون على حقوق شعبنا ولن نسمح بالتعدي عليها، وبالتالي سوف نستخدم كل ما لدينا من قوات وقدرات وإمكانيات ومهام للدفاع عن حدودنا وحلفاءنا".
وأوضح الخبير المصري أن "الخيارات ليست بالضرورة تعني تدخلا عسكريا لكن هناك أشكال عدة للتدخل منها ما يحمل طابعا عنيفا نسبيا، مثل تنفيذ مهام للحفاظ على الحدود، ومواجهة أي تهديد للأمن القومي المصري، خاصة مع رغبة المليشيات التي ترعاها تركيا تجاوز الحدود المصرية".
وتابع:" أيضا التدخل يكون من خلال تقديم كافة سبل الدعم المشروع للعناصر الجيش الوطني الليبي في حربها ضد الإرهاب".
رسالة ثانية للداخل، بحسب أبوطالب، جاءت لطمأنة الرأي العام المصري وسط المخاطر والتهديدات المختلفة والمتزايدة، فالقائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية ( السيسي) أراد أن يطمئن المصريين بأن قيادته الرشيدة لن تسمح لأحد بالمساس بأمن واستقرار المنطقة وبلاده.
رسائل ردع استباقية
طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، ذهب إلى أن "الرسالة العسكرية لخطاب السيسي،استبقت الرسالة السياسية.
وددل فهمي على قوله بـ3 شواهد وهي، حديث الرئيس المصري عن قدرة الجيش المصري، وأنه أقوى جيوش المنطقة، وتأكيده على أن "جيش مصر رشيد" وهو ما يعني أنه لن ينجر إلى أي شيء غير محسوب، وأخيرا تحميل قادة الجيش المسؤولية بحديثه عن ثقته في قدراتهم وأهمية الاستعداد لتنفيذ أي مهمة.
وأضاف فهمي: هذه رسالة ردع استبقاية موجهة لكل الأطراف، عنوانها أن مصر لديها كافة الخيارات وقادرة على الرد، وهذا الرسالة في تقديري جاءت في سياق حديث غير مسبوق للرئيس المصري منذ وصوله للحكم، وبالتالي يجب التعامل معها بجدية.
ولفت الخبير السياسي إلى أن السيسي أطلق خطابه من قاعدة عسكرية وليس مكانا مدنيا ما يعني أن الرسالة عسكرية بالأساس، وهو ما تفهمه أجهزة مخابرات الدول.
وشدد فهمي، أن خطاب الرئيس المصري جاء لتحديد ثواب التحرك المصري في ملفات عدة مثل الملف الليبي والإثيوبي، موضحا في الوقت نفسه، أن هناك إشارات هامة تتعلق بالملف الليبي مثل تحديد الخط الأحمر لقوات السراح في شرق ليبيا وهو ما يعني أن هناك وعي مصري بعدم استنزاف مقدرات ليبيا وأهمية الحفاظ على مواردها، فضلا عن الإشارة الهامة لوجود القبائل الليبية وهو ما يعني أن مصر تحظى بدعم كل القوى الداخلية، كذلك الحديث عن دعم الأشقاء العرب.
وشدد الرئيس المصري خلال خطابه السبت بالمنطقة العسكرية الغربية، على أنه " لن يتم السماح بتجاوز خط سرت والجفرة"، وأن "صبر بلاده على الوضع في ليبيا ليس ترددا"، معربا عن استعداد مصر لدعم الأشقاء الليبيين عند الطلب.
صدمات عسكرية أم جهود دبلوماسية
بدوره، قال السفير نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري السابق إن ما يحدث حاليا قد تنبأ به في مقال نشره يناير/كانون أول الماضي، تسائل فيه هل ستواجه ليبيا صدمات عسكرية أو بداية جهود دبلوماسية بعد التوتر والتصعيد من قبل تركيا، ذاهبا إلى أن الأسئلة قد تبدو محيرة لكن تحمل خيارات أفضل وواضحة.
وكان فهمي قد أشار في مقالة إلى أنه "عقب نقل تركيا لأعداد من المرتزقة من المشرق إلى ليبيا، من المنتطر استمرارها في توفير الدعم لحكومة السراج، وتطور الأمر تدريجيا، مع العمل على تجنّب تعرض قواتها مباشرة إلى مخاطر كثيرة، إضافة إلى ضبط حساباتها السياسية بعنايةٍ ودقةٍ إزاء الاعتبارات المُختلفة بما ذلك مع الولايات المتحدة وروسيا".
وتوقع الدبلوماسي المصري تصاعد التوترات في ليبيا، وهو ما وصفه بأنه "سيحمل مخاطر جمّة على الأمن الوطني والإقليمي"، مضيفا أنه "ربما تتصاعد أكثر في أي لحظةٍ عن عمد، أو لسوء التقدير أو بالخطأ. وضعٌ لا يمكن إلا التعامل معه بحذرٍ شديدٍ وقلقٍ بالغٍ".