قمة مصر والسودان.. آفاق جديدة لتعاون اقتصادي مثمر
قمة مصرية سودانية، تعقد في القاهرة، تسعي لفك الجمود بين البلدين في العديد من الملفات وعلى رأسها العلاقات الاقتصادية.
تفتح زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى مصر، اليوم الإثنين، آفاقا جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين الشقيقين اللذين تجمعهما حدود جغرافية وسمات ديموغرافية ومصالح مشتركة على مر التاريخ.
وأكد الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، خلال المؤتمر الصحفي المشترك، على تعظيم مساحات التعاون المشترك، بما يليق بأهمية العلاقات بين البلدين ويرتقي إلى طموحات الشعبين، ويتسق مع ما يجمعهما من تاريخ وعلاقات وطيدة، اجتماعية وثقافية وأيضاً سياسية وأمنية واقتصادية.
كما أشار إلى اعتزام البلدين على المضي في طريق تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والربط الكهربائي، والنقل البري والجوي والبحري، ومشروعات البنية التحتية، والاستفادة من الخبرات الاستشارية والتنفيذية المتوافرة لدى البلدين.
ومن جانبه، أكد الرئيس السوداني، خلال كلمته في المؤتمر الصحفي المشترك، على أن هناك إرادة سياسية قوية للتعاون لحل أي قضايا إشكالية بين البلدين.
وكان الرئيسان المصري والسوداني قد التقيا مؤخرا على هامش اجتماعات القمة الأفريقية في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، وأكدا على خصوصية وقوة العلاقات المصرية السودانية، والروابط التاريخية التي تجمع البلدين.
وصرح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بأن الرئيس السوداني يقوم بزيارة لمصر في إطار مواصلة التشاور بين الرئيسين، وبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات.
ويتوقع محللون أن تتناول الزيارة بحث التعاون الثنائي في مجالات اقتصادية أهمها زيادة التبادل التجاري بين البلدين وملف سد النهضة وتحقيق الأمن المائي للبلدين وتنشيط لجنة التجارة المشتركة، والهيئة الفنية العليا المشتركة لمياه النيل، وهيئة وادي النيل للملاحة النهرية، ولجنة المنافذ الحدودية.
ويثمن السفير جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب من تلك الزيارة، قائلا إن الاتحاد يروج للاستثمار في السودان في كافة الأقطار العربية للقضاء على المشاكل الداخلية أو نزعات الحركات الانفصالية التي قد تنشأ بسبب مشاكل اقتصادية.
وقال بيومي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن استقرار الأحوال في المنطقة العربية، وخاصة مصر يبدأ من استقرار السودان، الذي يضمن لمصر الأمن المائي باعتبارها الامتداد الجنوبي الأول لنهر النيل.
وأضاف أن بعض التصريحات مؤخرا كانت خارج سياق العلاقات الوطيدة بين البلدين، الأمر الذي أثر سلبا على حركة التجارة البينية.
وكانت العلاقات العلاقات التجارية بين السودان ومصر شهدت توتراً كبيراً منذ منتصف العام الماضي، حين منعت السودان دخول الفواكه والصادرات المصرية الصناعية، وقابلت مصر ذلك بمنع دخول الكثير من السلع التي كانت تعبر إلى سوقها المحلية دون تصريح.
ويستطرد مساعد وزير الخارجية الأسبق: "السودان يمتلك أكبر مساحة خصبة للأراضي الزراعية التي تمكن مصر والدول العربية من زراعتها، فقد تصبح سلة غذاء العرب".
وقال: "لكن مع النزاعات يظل الأمر صعبا، وأعرف مستثمرين كثيرين واجهوا صعوبة في الاستثمار في السودان خلال الفترة الماضية وخسروا كثيرا، لكن الأحوال ستؤول إلى الأفضل مستقبلا".
وشهد التبادل التجاري بين البلدين نموا مستطردا منذ 2011 ليصل إلى نحو مليار دولار حاليا.
واحتلت السودان المرتبة الأولى للصادرات المصرية إلى دول حوض النيل خلال عام 2016 بقيمة 5.6 مليار جنيه مقابل 4.2 مليار جنيه عام 2015 بزيادة قدرها 33.9٪، بحسب بيانات الجهاز المركزي المصري للإحصاء.
ويصل حجم الاستثمارات المصرية في السودان إلى نحو 2.3 مليار دولار، بعدد مشروعات يصل إلى 273 مشروعا، وفقا لوزير الاستثمار السوداني في يوليو/ تموز 2016.
ويقول بيومي إن مصر دائما تشجع السودان على الاستقرار، لأهمية السوق السوداني لمصر على المستوى الاستراتيجي والاقتصادي، لافتا إلى إن السودان قد يكون لديه ميزات تنافسية في التصنيع الزراعي، وتصدير السلع المتعلقة به كالزيوت النباتية والسكر.
ويرى السفير محمد المنيسي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هناك فرصا كبيرة لتعاون تجاري اقتصادي، بين مصر والسودان خاصة أن الطرفين في حاجة لتحقيق التكامل فيما بينهما، وعلى سبيل المثال يمكن استغلال مساحات الأراضي الشاسعة في السودان في الزراعة لسد العجز في بعض السلع الغذائية، فضلا عن التعاون في مجالات الصناعة.
ونقلت صحيفة الأهرام المصرية عن المنيسي أن تجديد وتفعيل اتفاقية الحريات الأربع - والتي تشمل التنقل والعمل والتملك والإقامة- الموقعة بين مصر والسودان منذ 20 عامًا، أمر في غاية الأهمية لخدمة مجالات التعاون والاستثمار بين الدولتين، مشيرا إلى أن الاتفاقية تجدد كل خمس سنوات، ولم تجدد منذ عام 2014.
وتجمع مصر بالسودان اتفاقية التجارة الحرة "الكوميسا"، إضافة إلى اتفاقية الحريات الأربع بين البلدين، التي يترتب بناءً عليها حرية حركة الأفراد والسلع والأموال.