هجوم محطة المياه بمصر.. رد فعل على دراما رمضان؟
أثار الهجوم الإرهابي الذي استهدف إحدى محطات رفع المياه بمنطقة شرق القناة بمصر، تساؤلات حول ارتباطه بالأعمال الدرامية في رمضان الماضي.
وأعلن الجيش المصري في بيان، أمس، أن قوات الجيش أحبطت هجوما إرهابيا استهدف إحدى محطات رفع المياه بمنطقة شرق القناة.
وأوضح: "قامت مجموعة من العناصر التكفيرية بالهجوم على نقطة رفع مياه غرب سيناء وتم الاشتباك والتصدى لها من العناصر المكلفة بالعمل فى النقطة، مما أسفر عن مقتل ضابط و10 جنود، وإصابة 5 أفراد".
وأضاف أن "قوات من الجيش تقوم بمطاردة العناصر الإرهابية ومحاصرتهم فى إحدى المناطق المنعزلة فى سيناء"، كما أكد على أن القوات المسلحة مستمرة في جهودها للقضاء على الإرهاب واقتلاع جذوره.
لكن العمل الإرهابي في سيناء أثار الكثير من التساؤلات حول الجهة المنفذة للعملية؛ فعلى الرغم من عدم صدور بيان من "داعش"، إلا أن كل الدلائل تشير إلى تورط التنظيم (فرع سيناء) في تلك العملية.
كما أثارت العملية تساؤلات حول دلالات التوقيت، وهل جاءت كرد فعل على دراما رمضان، مثل مسلسلات (العائدون/ والاختيار 3، وبطلوع روح) التي كشفت إلى حد كبير حياة المنخرطين في التنظيمات الإرهابية.
ويتميز شهر رمضان في مصر بتقديم أعمال درامية تلفزيونية تحظى عادة بمشاهدة واسعة في البلاد والعالم العربي.
وخلال الشهور الماضية استعادت سيناء التي كانت بؤرة للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش الكثير من أمنها، ما دفع السلطات المصرية لتنظيم جولة للصحفيين قبل أسابيع في مدن شمال سيناء التي ظلت لسنوات تحت حالة الطوارئ.
وحول الاشتباك الأخير ودلالاته ورسائله، يؤكد الأستاذ عمرو فاروق، الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، أن هذه العملية "لا تأتي كرد فعل للدراما الرمضانية على أهميتها، بل هي رد فعل على تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي في إفطار الأسرة المصرية الذي أكد فيها أن الدولة المصرية تتجه قريبا إلى إعلان سيناء خالية من الإرهاب".
وأوضح الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية والمتطرفة، لـ"العين الإخبارية" أن عملية "محطة المياه"، وكمين "الطاسة" الهدف منه الضغط على الدولة المصرية سياسيًا، بعد نجاح تحركاتها وملفاتها الخارجية، وهي رسالة واضحة للقيادة المصرية، مضيفا "من الممكن استهداف هدف أكبر وهو خط الغاز العربي".
كما أشار فاروق، أن ثمة رسالة جانبية من العملية تستهدف صناعة دعاية إعلامية ربما تمنح التنظيم "القوة الوهمية" لروافده وأتباعه، من خلال العمليات الخاطفة المدروسة، تحت مسمى "الجهاد منخفض التكاليف"، والإيحاء الشكلي بقدرته على البقاء والمواجهة.
وأضاف "بالنظر لطبيعة العملية، نجد أنها استهدفت تمركزا حيويا استراتيجيا في الجانب الغربي من الوسط السيناوي، بعيدًا عن عمليات التمشيط المخولة إلى اتحاد قبائل سيناء بالتنسيق مع القوات المسلحة المصرية في مناطق الاتجاه الشرقي":
وتشارك قبائل سيناء بالتنسيق مع السلطات المصرية في علميات مواجهة التنظيمات الإرهابية في مسعى لاستعادة الأمن في مدن شمال سيناء.
ومضى قائلا إن هذا يعني "أن فلول تنظيم (داعش) تعيش في متاهة الفناء والسقوط، في ظل القضاء على تمركزاته في مثلث رفح والعريش والشيخ زويد شرقًا، وتجفيف تحركاته بمنطقة بئر العبد الواقعة في أقصى الشمال الغربي من خلال العملية الشاملة في سيناء 2018، والتي أجهضت البنية التنظيمية للمكون الداعشي".
ويختتم الباحث في الجماعات الإسلامية والمتطرفة تصريحه بالإشارة إلى خطر "السلفية الغزاوية" التي مازالت تمثل المورد الأساسي والفاعل في دعم فلول التنظيم الداعشي في العمق السيناوي، فضلًا عن العناصر الأجنبية المدربة، والتي تم ضبط العديد منهم على مدار السنوات الماضية، عقب تسللهم لتنفيذ أجندة أهداف محددة.
وحول طبيعة العملية وأسبابها، يذهب الأستاذ ماهر فرغلي الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية والمتطرفة، إلى أنها محاولة لإثبات الوجود وليس استعادة القدرات العسكرية لـ"داعش".
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن هذه العملية محاولة فاشلة للعودة والتمركز في سيناء، تضاف إلى محاولات الأعوام الماضية التي تتحطم على صخرة أبطال الجيش والشرطة، الذين يضحون بأرواحهم فداءً لهذا الوطن".
وأضاف أن طبيعة العملية تكشف عن بؤس المجموعة التي قامت بها، فقد هربت من مسرح العمليات الرئيسي في مثلث (رفح/ زويد/ العريش) إلى منطقة وعرة في شرق القناة تابع للقنطرة شرق، وليست مأهولة بالسكان، مما يعني أنها اختارت هدفا مدنيا لم يكن في دائرة الاشتباكات بهدف الدعاية ورفع الروح المعنوية المنخفضة لعناصر التنظيم، بعد الضربات الامنية المتتالية.
ولفت إلى أن العملية توضح أن ثمة تغيرا في اختيار الأهداف، فبعد فشل "داعش" في استهداف الكمائن العسكرية الثابتة والمتحركة، سيتوجه لاستهداف البنية التحيتية لسيناء بهدف بقائها بدون خدمات وإعاقة مشروعات التنمية.
ويستطرد فرغلي في شرح أوضاع التنظيم في سيناء التي دفعته لتنفيذ هذه العملية، بقوله "لا شك أن سيناء أصبحت خالية من الإرهاب إلا من فلول قليلة منهزمة هربت من الملاحقات الأمنية إلى وسط وغرب سيناء.
ويرجع فرغلي أسباب تشتت "داعش" في سيناء للالتحام القبلي الكبير مع الجيش، والذي زاد عقب مجزرة مسجد الروضة، ما أسفر عن إنشاء اتحاد القبائل الذي يقوم بحرب شبه يومية على العناصر المتشددة.
لذلك، فرت العناصر الإرهابية إلى أكثر المناطق وعورة جغرافياً، بقيادة زعيم التنظيم موسى سلمان عياد أبو أيوب (52 عاما) من قبيلة السواركة (إحدى أكبر القبائل في شبه جزيرة سيناء)، مثل منطقة قرية جلبانه شرق قناة السويس مباشرة، التي تعد منطقة جغرافية وعرة، وأيضاً منطقة "شيبانة" جنوب شرق مدينة رفح، وفق فرغلي.
ويختتم الكاتب والباحث في شؤون الحركات الإسلامية تصريحه بالتأكيد على "قدرة الدولة المصرية على تتبع هذه الفلول والقضاء عليها؛ فالخبرات التي كونتها أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية بمكافحة الإرهاب تسمح لها بوضع خطة محكمة لجعل سيناء خالية من الإرهاب فعلا".
وفي السياق ذاته، يشير هشام النجار الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية، إلى أن هذه العملية تعد الأكبر خلال العامين السابقين وتحمل العديد من الرسائل.
وأكد الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية لـ"العين الإخبارية"، أن تجدد الاشتباكات في سيناء بعملية نوعية تعني أن ثمة تحضيرا وتخطيطا وتمويلا كبيرا تم خلال الأشهر السابقة، فاختيار الهدف وإن كان مدنيا، مقصودا في حد ذاته، حيث يرسل التنظيم أولى رسائله إلى الدولة المصرية بأن كل محاولات التنمية سيتم استهدافها وإهدار ميزانيها المرصودة.
أما ثاني هذه الرسائل، فيوجهها فرع سيناء إلى قيادة تنظيم داعش الجديدة، بأنه جدير بأن يكون في بؤرة الاهتمام سواء بإمداده بعناصر مدربة بعد أن فقد التنظيم قادته الميدانيين خلال الأعوام السابقة، أو تزويده بتمويل كاف لتعويض الخسائر".
ويتابع "لا أتوقع أن يستعيد التنظيم قدراته القتالية، نظرا لما يعانيه "داعش" من ضعف سواء في الأطراف أو في القلب، إلا إذا تم إمداده بعناصر من ليبيا أو من غزة".
يذكر أن الدولة المصرية تتجه لعملية تطهير نهائي للأوكار الداعشية، وبقايا العبوات الناسفة التي تمت زراعتها خلال السنوات الماضية على أيدي العناصر الإرهابية، في قرى ومدن شرق ووسط سيناء، بهدف إعلان سيناء خالية من الإرهاب استعدادا لعملية التطوير والتعمير لسيناء والتي ستتكلف نحو ٦٠٠ مليار جنيه.
aXA6IDMuMTQ3LjcxLjE3NSA= جزيرة ام اند امز