52 قمة ولقاء بين محمد بن زايد والسيسي.. زيارة مثمرة تتوج شراكة تاريخية
اختتم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات زيارة عمل لمصر، التقى خلالها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وشهدا إعلان مخطط مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة باستثمارات مباشرة قدرها 35 مليار دولار.
وتعد تلك الزيارة هي الثانية لرئيس دولة الإمارات لمصر خلال نحو شهرين، والرابعة خلال عام، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين والحرص على التشاور المستمر بين قادتهما.
وباللقاء الذي جرى خلال الزيارة، يرتفع عدد القمم واللقاءات التي جمعت الزعيمين خلال 10 سنوات إلى 52 قمة ولقاء، بحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية"، بينها 17 لقاء وقمة جمعتهما منذ تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار 2022، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين.
حصاد وافر
ووصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الخميس، إلى القاهرة في زيارة عمل إلى جمهورية مصر العربية.
وكان في مقدمة مستقبليه، لدى وصوله والوفد المرافق إلى مطار القاهرة الدولي، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
ورحب الرئيس المصري - خلال استراحة قصيرة في قاعة كبار الزوار في المطار- بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان والوفد المرافق في مصر، مؤكدين عمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين وأهمية زيارته في تعميق هذه العلاقات وفتح مسارات جديدة للتعاون المشترك بما يعود بالخير والنماء على شعبي البلدين.
وعقب وصوله، شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس عبدالفتاح السيسي افتتاح مقر الأكاديمية العسكرية الجديدة فى العاصمة الإدارية، وحضور حفل تخرج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية بالأكاديمية العسكرية المصرية.
وتضمّن الحفل عروضا لمختلف وحدات القوات المسلحة المصرية إلى جانب الفروسية والمظلات وغيرها من العروض، تم خلالها تقديم لفتات رائعة تبرز حجم العلاقات القوية وعلاقات المحبة التي تربط البلدين، حيث تم رفع أعلام البلدين، وصور قادتهما.
أيضا تزيّنت سماء مصر بصور مؤسس الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وحرص الرئيس السيسي على تقديم ترحيب خاص واستثنائي برئيس دولة الإمارات، الذي وصفه مقدم الحفل بضيف البلاد الكبير.
وقال الرئيس السيسي مخاطبا رئيس الإمارات: "أخي الحبيب والصديق الحبيب.. كل الشكر على وجودك معنا ربنا يحفظك ويحفظ بلادنا من كل شر وسوء، ودائما مع بعض في الخير إن شاء الله".
وغداة مشاركة الزعيمين في افتتاح مقر الأكاديمية العسكرية الجديدة في العاصمة الإدارية، شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الجمعة ــ في محافظة مطروح ــ إعلان مخطط مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة وتنميتها على الساحل الشمالي الغربي في مصر باستثمارات مباشرة قدرها 35 مليار دولار.
كما شهد الزعيمان مراسم توقيع اتفاقية تطوير المشروع بمدينة رأس الحكمة وإعلان القابضة (ADQ) ، الشركة الاستثمارية القابضة التابعة لحكومة أبوظبي، تعيين مجموعة "مُدن القابضة" الإماراتية، المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية تحت الرمز: MODON، مطوراً رئيسياً لمشروع رأس الحكمة.
جرت مراسم توقيع اتفاقية تطوير المشروع بمدينة رأس الحكمة، وذلك بعد حصول شركة "القابضة" (ADQ) على حقوق تطوير المشروع في وقت سابق من عام 2024.
كما شهد الزعيمان إبرام مجموعة "مدن القابضة" الإماراتية اتفاقيات تعاون مع أول مجموعة من الشركاء والمستثمرين لتطوير مشروع رأس الحكمة.
وستضم مدينة رأس الحكمة ـ التي تمتد على مساحة تزيد عن 170 مليون متر مربع ـ مرافق سياحية ومنطقة حرة ومنطقة استثمارية إلى جانب مشاريع سكنية وتجارية وترفيهية.
ويقع “مشروع مدينة رأس الحكمة" على الساحل الشمالي لمصر على بعد 350 كيلومتراً شمال غرب القاهرة .. ومن المتوقع أن يصل إجمالي الاستثمار التراكمي لهذا المشروع العملاق إلى 110 مليارات دولار أمريكي بحلول العام 2045.
وسيسهم المشروع بشكل كبير في الناتج المحلي للاقتصاد المصري بنحو 25 مليار دولار أمريكي سنوياً، وسيوفر ما يقرب من 750 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر.
وقوبل رئيس الإمارات خلال زيارته بحفاوة استثنائية وترحيب خاص على الصعيدين الرسمي والشعبي.
وفاضت مواقع التواصل الاجتماعي بالهاشتاغات الترحيبية بالزيارة، التي شارك في مواطنون وإعلاميون وكتاب، من قبيل : #نورت الدنيا يا أبوخالد، #الإمارات_مصر، #محمد_بن_زايد، #الإمارات_تحب_مصر.
5 لقاءات في عام
ويعد لقاء الزعيمين خلال تلك الزيارة هو الثاني خلال نحو شهرين بعد لقائهما مطلع أغسطس/ آب الماضي في مدينة العلمين الجديدة المصرية خلال زيارة خاصة أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لمصر استمرت عدة أيام.وبحث الزعيمان خلال لقاء أخوي العلاقات الأخوية الراسخة التي تجمع البلدين ومختلف جوانب التعاون والعمل المشترك وسبل تعزيزها على جميع المستويات بما يخدم مصالحهما المتبادلة وتطلعات شعبيهما إلى مزيد من التقدم والازدهار .. كما تطرق الجانبان إلى تطورات القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
وأكد الزعيمان حرصهما على مواصلة التشاور الأخوي بشأن مختلف القضايا، معربين عن اعتزازهما بالروابط الأخوية الوطيدة التي تجمع دولة الإمارات ومصر والتي تنعكس على مستوى التنسيق الوثيق بينهما.
جاء هذا اللقاء بعد شهور قليلة من قمة جمعت الزعيمين خلال زيارة أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للقاهرة 23 مارس/ آذار الماضي، وتم خلالها بحث العلاقات الأخوية ومختلف مسارات التعاون والعمل المشترك ومواصلة دفعهما إلى الأمام بما يخدم المصالح المتبادلة للبلدين ويسهم في تحقيق تطلعات شعبيهما إلى التنمية والازدهار .. وذلك في إطار علاقات الشراكة الاستراتيجية البنّاءة التي تجمعهما في جميع أبعادها الاقتصادية والتنموية والسياسية.
وشدد الزعيمان خلال اللقاء على ضرورة التحرك الدولي الجاد لفتح آفاق للمسار السياسي والدفع تجاه السلام الشامل والعادل والدائم في المنطقة على أساس "حل الدولتين" كونه السبيل لتعزيز الأمن والاستقرار فيها.
وأكدا عمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين وما يربطهما من أواصر متينة واحترام متبادل بجانب الاهتمام المشترك بدفع هذه العلاقات إلى آفاق أوسع تلبي تطلعاتهما نحو التنمية والتقدم.
كما أعرب الجانبان عن حرصهما على مواصلة التشاور الأخوي والتنسيق بين دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية بشأن كل ما يخدم مصالحهما المشتركة ويسهم في تعزيز الاستقرار والأمن والسلام والذي يعد السبيل لتحقيق التنمية والازدهار لشعوب المنطقة.
وقبيل تلك الزيارة أجرى الرئيس الإماراتي زيارة إلى مصر 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي للمشاركة في قمة القاهرة للسلام التي افتتحها الرئيس السيسي بمشاركة قادة عدد من الدول العربية والأجنبية ورؤساء حكوماتها، لبحث جهود خفض التصعيد في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية.
أيضا سبق أن أجرى الرئيس السيسي زيارة للإمارات قبل نحو 10 شهور، حيث شارك في الاحتفال بعيد الاتحاد الـ52 الذي أقيم في مدينة إكسبو دبي 2 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وذلك إلى جانب مشاركته في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28"".
تعزيز الشراكة
قمم ولقاءات متتالية خلال وقت قصير، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين والقيادتين، تخللتها زيارات متبادلة لتنفيذ مخرجات ونتائج تلك القمم واللقاءات، بما يسهم في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على مختلف الأصعدة.
فعلى الصعيد السياسي، تأتي زيارة رئيس دولة الإمارات لمصر بعد أقل من شهر، من استقباله الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة المصري خلال زيارته لأبوظبي 8 سبتمبر/أيلول الماضي .
وتم خلال اللقاء بحث العلاقات الأخوية ومختلف جوانب التعاون والعمل المشترك ومواصلة دفعهما إلى الأمام بما يخدم المصالح المتبادلة للبلدين ويسهم في تحقيق تطلعاتهما إلى التنمية والازدهار.
كما استعرض الجانبان عدداً من القضايا والملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك والمستجدات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط.. وفي مقدمتها الجهود المبذولة للوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة وإنهاء الحرب بجانب الاستجابة للأوضاع الإنسانية المتفاقمة في القطاع وضمان تدفق المساعدات الإغاثية الكافية إلى سكانه بشكل عاجل وآمن ودون عوائق.
وشدد الجانبان في هذا السياق على ضرورة التحرك الدولي الجاد لمنع التصعيد في المنطقة وتجنيبها تبعات مزيد من الأزمات التي تهدد استقرارها والدفع تجاه السلام الشامل والعادل والدائم الذي يقوم على أساس "حل الدولتين" كونه السبيل لتعزيز الأمن والاستقرار فيها.
على الصعيد الدبلوماسي، تأتي الزيارة بعد نحو أسبوع من اجتماع الدورة الخامسة للجنة القنصلية المشتركة بين البلدين في القاهرة 26 سبتمبر/أيلول الماضي، والتي تهدف إلى دفع وترسيخ التعاون في جميع المجالات القنصلية المشتركة لرعاية وخدمة مواطني البلدين.
وخلال الاجتماع، بحث الجانبان عدداً من الموضوعات القنصلية المشتركة بين البلدين واطلعا على الخبرات وأفضل الممارسات المطبقة لديهما وسبل الاستفادة منها في تطوير العمل القنصلي المشترك لرفع الاستجابة القنصلية الاستباقية بما يخدم مواطني البلدين.
علاقات تاريخية
وتكتسب العلاقات بين مصر والإمارات قوتها من جذورها التاريخية، التي تعود إلى ما قبل تأسيس الاتحاد عام 1971، والتي أرسى دعائمها مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وكانت رؤية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تنطلق أبعد من حدود الاتحاد في استهداف مستقبل عربي مزدهر ومتضامن، وهو ما عبر عنه بمسارعته -وكان وقتها حاكم إمارة أبوظبي- لدعم مصر بعد حرب 1967.
وعقب قيام اتحاد دولة الإمارات، كانت مصر من أوائل الدول التي دعمته بشكل مطلق حيث سارعت للاعتراف به فور إعلانه، وقامت بتبادل العلاقات على مستوى السفارات، ودعمته إقليميا ودوليا معتبرة أنه ركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة تصب في صالح قوة العرب.
وبالفعل أثبتت التطورات سريعا أن الاتحاد قوة للعرب ، برز ذلك جليا خلال الموقف الإماراتي التاريخي المساند لمصر في عام 1973 ودعم حقها في استعادة أراضيها المحتلة، فكان قرار الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بوقف تصدير البترول إلى الدول المساندة لإسرائيل، معلنا أمام العالم أجمع مقولته التاريخية: "النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي".
وازدادت العلاقات قوة على مدار السنوات، حتى وصلت إلى مرحلة تقارب وتنسيق غير مسبوقة.
ولا ينسى المصريون الوقفة التاريخية للإمارات، في أعقاب ثورة 30 يونيو/ حزيران بمصر عام 2013، وما عانته مصر آنذاك من ظروف اقتصادية صعبة، وكانت الإمارات بقيادتها ودبلوماسيتها وأموالها في طليعة الدول الداعمة لها لتنهض مجددا وتستعيد دورها.
ومع تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حكم مصر عام 2014، وصلت خصوصية العلاقات بين الدولتين ذروتها، حيث شهدت تطورًا كبيرًا ونوعيًا في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وغيرها.
ومن الأحداث الفارقة لدى المصريين الكلمة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه الرئيس السيسي عقب توليه رئاسة مصر في يونيو /حزيران 2014، التي قال فيها إن "الإمارات ستظل على عهدها وفية لمصر وسندا قويا لها".
ومنذ تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم في 14 مايو/ أيار 2022، جمعته 17 لقاء وقمة مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي.
قمم ولقاءات نقلت مستوى العلاقات الثنائية خلال السنوات الأخيرة إلى مراحل متقدمة مما أسهم في تعزيز حضورهما، كأحد أهم اللاعبين الأساسيين في المنطقة على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري.