محمد بن زايد والسيسي.. 54 قمة تتوج العلاقات التاريخية
قمة جمعت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الخميس، في أبوظبي توجت علاقات الأخوة التاريخية بين البلدين.
ويعد هذا هو اللقاء الثالث بين زعيمي البلدين خلال 4 شهور، والخامس خلال 10 شهور، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين والحرص على التشاور المستمر بين قادتهما.
وبهذا اللقاء يرتفع عدد القمم واللقاءات التي جمعت الزعيمين خلال 10 سنوات إلى 54 قمة ولقاء، حسب إحصاء لـ"العين الإخبارية"، بينها 19 لقاء وقمة جمعتهما منذ تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار 2022، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين.
قمة مهمة.. وأجندة حافلة
ووصل الرئيس السيسي إلى الإمارات في زيارة عمل، تأتي بعد 4 شهور من زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى مصر في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكان في مقدمة مستقبلي الرئيس المصري لدى وصوله مطار الرئاسة في أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وبعد مراسم الاستقبال عقد الرئيسان اجتماعًا تناول العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها بما يحقق مصالح الدولتين وتطلعات شعبيهما الشقيقين، وبشكل خاص في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، بحسب بيان للرئاسة المصرية.
وتناول اللقاء أيضا الأوضاع الإقليمية وسبل استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث رحب الزعيمان بالإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين، مؤكدين حرصهما على تنفيذ الاتفاق بشكل يحقن دماء الشعب الفلسطيني.
ومن جانبه، أشاد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالجهود المصرية الدؤوبة على مدار العام الماضي لحماية أهالي قطاع غزة، وفي إطار الوساطة للتوصل إلى الاتفاق.
كما شدد الزعيمان على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بالكميات الكافية ودون عراقيل لأهالي القطاع لإنقاذهم من المأساة الإنسانية التي يواجهونها، مؤكدين ضرورة مواصلة المساعي الحثيثة لتطبيق حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد الذي يضمن التوصل إلى السلام المستدام والاستقرار في الشرق الأوسط.
كما تناول اللقاء الأوضاع في لبنان، حيث رحب الجانبان بانتخاب الرئيس "جوزيف عون"، آملين أن يسهم ذلك في استعادة الاستقرار في لبنان الشقيق، وأكدا ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في لبنان لحماية شعبه وتحقيق تطلعاته.
وقد ناقش الزعيمان أيضا الأوضاع في سوريا، مؤكدين حرصهما على وحدة سوريا واستقرارها وسلامة أراضيها، ومشددين على أهمية بَدْء عملية سياسية شاملة تتضمن جميع مكونات الشعب السوري وبملكية سورية.
وأوضح بيان الرئاسة المصرية أن اللقاء تناول كذلك سبل استعادة الاستقرار في السودان وليبيا واليمن والصومال، حيث أكد الزعيمان أهمية حماية أمن وسيادة تلك الدول الشقيقة بما يحقق مصالح وتطلعات شعوبها نحو الاستقرار والرخاء.
قمة تأتي في توقيت مهم وتناولت أكثر من ملف ضمن جهود البلدين المشتركة لحل أزمات المنطقة ودعم أمنها واستقرارها.
5 لقاءات في 10 شهور
ويعد لقاء الزعيمين خلال تلك الزيارة هو الثالث خلال 4 شهور، والخامس خلال 10 شهور.
وسبق أن التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس السيسي على هامش قمة "بريكس 2024 " في مدينة قازان بروسيا يوم 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث جرى بحث علاقات التعاون المشترك وغيرها من المجالات التي تخدم التنمية وتسهم في دفع عجلة التقدم والازدهار بما يخدم المصالح المشتركة ويعود بالخير على شعبي البلدين.
وكان هذا هو اللقاء الثاني بين الزعيمين خلال الشهر نفسه، بعد الزيارة التي أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لمصر 3 من الشهر نفسه واستمرت يومين، وشهد خلالها الزعيمان إعلان مخطط مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة وتنميتها على الساحل الشمالي الغربي في مصر باستثمارات مباشرة قدرها 35 مليار دولار.
كما شهد الزعيمان مراسم توقيع اتفاقية تطوير المشروع بمدينة رأس الحكمة وإعلان القابضة (ADQ)، الشركة الاستثمارية القابضة التابعة لحكومة أبوظبي، تعيين مجموعة "مُدن القابضة" الإماراتية، المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية تحت الرمز: MODON، مطوراً رئيسياً لمشروع رأس الحكمة.
أيضا شهد الزعيمان إبرام مجموعة "مدن القابضة" الإماراتية اتفاقيات تعاون مع أول مجموعة من الشركاء والمستثمرين لتطوير مشروع رأس الحكمة.
وستضم مدينة رأس الحكمة، التي تمتد على مساحة تزيد على 170 مليون متر مربع، مرافق سياحية ومنطقة حرة ومنطقة استثمارية إلى جانب مشاريع سكنية وتجارية وترفيهية.
ويقع "مشروع مدينة رأس الحكمة" على الساحل الشمالي لمصر على بعد 350 كيلومتراً شمال غرب القاهرة.. ومن المتوقع أن يصل إجمالي الاستثمار التراكمي لهذا المشروع العملاق إلى 110 مليارات دولار أمريكي بحلول عام 2045.
وسيسهم المشروع بشكل كبير في الناتج المحلي للاقتصاد المصري بنحو 25 مليار دولار أمريكي سنوياً، وسيوفر ما يقرب من 750 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر.
وقوبل رئيس الإمارات خلال زيارته بحفاوة استثنائية وترحيب خاص على الصعيدين الرسمي والشعبي.
جاءت لقاءات شهر أكتوبر/تشرين الأول بعد نحو شهرين من لقاء الزعيمين مطلع أغسطس/آب الماضي في مدينة العلمين الجديدة المصرية، خلال زيارة خاصة أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لمصر استمرت عدة أيام.
لقاء جاء بعد شهور قليلة من قمة جمعت الزعيمين خلال زيارة أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للقاهرة 23 مارس/آذار الماضي، وتم خلالها بحث العلاقات الأخوية ومختلف مسارات التعاون والعمل المشترك ومواصلة دفعهما إلى الأمام بما يخدم المصالح المتبادلة للبلدين ويسهم في تحقيق تطلعات شعبيهما إلى التنمية والازدهار، وذلك في إطار علاقات الشراكة الاستراتيجية البنّاءة التي تجمعهما في جميع أبعادها الاقتصادية والتنموية والسياسية.
وشدد الزعيمان خلال اللقاء على ضرورة التحرك الدولي الجاد لفتح آفاق للمسار السياسي والدفع تجاه السلام الشامل والعادل والدائم في المنطقة على أساس "حل الدولتين" كونه السبيل لتعزيز الأمن والاستقرار فيها.
وأكدا عمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين وما يربطهما من أواصر متينة واحترام متبادل بجانب الاهتمام المشترك بدفع هذه العلاقات إلى آفاق أوسع تلبي تطلعاتهما نحو التنمية والتقدم.
تعزيز التعاون
قمم ولقاءات متتالية خلال وقت قصير، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين والقيادتين، تخللتها زيارات متبادلة ومباحثات متواصلة لتنفيذ مخرجات ونتائج تلك القمم واللقاءات، بما يسهم في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على مختلف الأصعدة.
فقبل نحو شهر، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبوظبي 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ في مصر.
وبحث الجانبان العلاقات الثنائية خاصة في المجال البرلماني وسبل تعزيزها لما فيه مصلحة شعبي البلدين الشقيقين إضافة إلى عدد من القضايا محل الاهتمام المشترك مؤكدين عمق الروابط الأخوية التي تجمع بين دولة الإمارات ومصر.
جاء هذا اللقاء بعد نحو شهر، من لقاء الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، والرئيس السيسي، على هامش اجتماعات قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو في البرازيل 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، وسُبل تعزيز التعاون المشترك والشراكات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين.
وأكَّد الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان عمق العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، مشدداً على حرص القيادة الرشيدة على تعزيز التعاون والتنسيق مع جمهورية مصر العربية.
وغداة اللقاء، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء في مصر، والدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات مراسم التوقيع على مجموعة من مذكرات التفاهم الاستراتيجية بين البلدين، في مقر مجلس الوزراء المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة.
تأتي هذه المذكرات ضمن رؤية البلدين الشقيقين لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام وفتح مجالات جديدة للاستثمار الصناعي والتكنولوجي، بما يتماشى مع طموحات البلدين وخططهما التنموية وتستهدف توسيع نطاق الشراكات الاستراتيجية في مجالات حيوية، تشمل الصناعة، وتوليد الطاقة المتجددة، وتطوير منطقة صناعية إماراتية مصرية شرق بورسعيد.
علاقات تاريخية
وتكتسب العلاقات بين مصر والإمارات قوتها من جذورها التاريخية، التي تعود إلى ما قبل تأسيس الاتحاد عام 1971، التي أرسى دعائمها مؤسس دولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وكانت رؤية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تنطلق أبعد من حدود الاتحاد في استهداف مستقبل عربي مزدهر ومتضامن، وهو ما عبر عنه بمسارعته -وكان وقتها حاكم إمارة أبوظبي- لدعم مصر بعد حرب 1967.
وعقب قيام اتحاد دولة الإمارات كانت مصر من أوائل الدول التي دعمته بشكل مطلق، حيث سارعت للاعتراف به فور إعلانه، وقامت بتبادل العلاقات على مستوى السفارات، ودعمته إقليميا ودوليا معتبرة أنه ركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة تصب في صالح قوة العرب.
وبالفعل أثبتت التطورات سريعا أن الاتحاد قوة للعرب، برز ذلك جليا خلال الموقف الإماراتي التاريخي المساند لمصر في عام 1973 ودعم حقها في استعادة أراضيها المحتلة، فكان قرار الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بوقف تصدير البترول إلى الدول المساندة لإسرائيل، معلنا أمام العالم أجمع مقولته التاريخية "النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي".
وازدادت العلاقات قوة على مدار السنوات، حتى وصلت إلى مرحلة تقارب وتنسيق غير مسبوقة.
ولا ينسى المصريون الوقفة التاريخية للإمارات، في أعقاب ثورة 30 يونيو/حزيران بمصر عام 2013، وما عانته مصر آنذاك من ظروف اقتصادية صعبة، وكانت الإمارات بقيادتها ودبلوماسيتها وأموالها في طليعة الدول الداعمة لها لتنهض مجددا وتستعيد دورها.
ومع تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حكم مصر عام 2014، وصلت خصوصية العلاقات بين الدولتين ذروتها، حيث شهدت تطورا كبيرا ونوعيا في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وغيرها.
ومن الأحداث الفارقة لدى المصريين الكلمة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه الرئيس السيسي عقب توليه رئاسة مصر في يونيو/حزيران 2014، التي قال فيها إن "الإمارات ستظل على عهدها وفية لمصر وسندا قويا لها".
ومنذ تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار 2022، جمعته 19 لقاء وقمة مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي.
قمم ولقاءات نقلت مستوى العلاقات الثنائية خلال السنوات الأخيرة إلى مراحل متقدمة مما أسهم في تعزيز حضورهما، كأحد أهم اللاعبين الأساسيين في المنطقة على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري.
aXA6IDMuMTM1LjIwMS4xMDEg جزيرة ام اند امز