مصر والإمارات.. قمم وزيارات تعزز الشراكة الاستراتيجية
قمة مصرية إماراتية، اليوم الأربعاء، تتوج الشراكة الاستراتيجية القوية بين البلدين، وتشهد مباحثات بين الجانبين هي الثالثة خلال شهر .
ووصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، إلى أبوظبي في زيارة لدولة الإمارات يجري خلالها مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
وتتضمن المباحثات تعزيز العلاقات الثنائية والتشاور والتنسيق حول التطورات الأخيرة للقضايا الإقليمية، وذلك في ضوء ما تتطلبه المرحلة الراهنة من تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومي العربي والتصدي لمحاولات زعزعة استقرار وأمن الدول العربية.
وتعد المباحثات المرتقبة بين الرئيس المصري والشيخ محمد بن زايد آل نهيان هي الثالثة خلال شهر بعد المباحثات الهاتفية التي جرت بينهما يومي 18 و4 من الشهر الجاري.
كما يعد اللقاء المرتقب بينهما هو الـ26 منذ عام 2014، والثاني خلال 6 أشهر، بعد اللقاء الذي جمعهما خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لمصر 3 يوليو/ تموز الماضي.
أيضا تأتي زيارة الرئيس المصري لأبوظبي بعد نحو أسبوع من زيارة رئيس مجلس النواب المصري الدكتور حنفي جبالي لأبوظبي، وبعد 3 شهور من زيارة رئيس وزراء مصر الدكتور مصطفى مدبولي لدولة الإمارات نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
كما تعد زيارة الرئيس السيسي هي الثامنة لدولة الإمارات له منذ توليه الحكم عام 2014، فيما كانت آخر زيارات السيسي لأبوظبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وهي أرقام تعكس عمق واستثنائية وخصوصية العلاقات الإماراتية المصرية.
وتخلل قمم القادة، زيارات متبادلة لوفود ومسؤولين رفيعي المستوى من البلدين على مدار الفترة الماضية، لتعزيز التعاون بينهم في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والإنسانية وغيرها.
وتعكس الزيارات المتبادلة والمباحثات المتواصلة والقمم المستمرة بين الجانبين قوة الشراكة الاستراتيجية والعلاقات الأخوية التي تجمع البلدين، والحرص على التنسيق والتشاور المستمر بينهما بما يدعم أمن واستقرار المنطقة.
قمم متواصلة
وتعد المباحثات التي عقدت بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس السيسي خلال قمة اليوم الأربعاء، هي الثالثة خلال الشهر الجاري، بعد المباحثات الهاتفية التي جرت بينهما قبل نحو أسبوع.
وتلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اتصالاً هاتفياً 18 يناير/كانون الثاني الجاري من الرئيس المصري شدد خلاله على إدانة مصر واستنكارها الشديدين للاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها مواقع ومنشآت مدنية في دولة الإمارات من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية، مؤكداً وقوف مصر إلى جانب دولة الإمارات، ورفضها لأي مساس بأمنها أو استقرارها.
وعبر عن دعم مصر لدولة الإمارات في كل ما تقوم به من إجراءات وخطوات لضمان أمنها وسيادتها في مواجهة العدوان الحوثي الآثم والمخالف لكل القوانين والأعراف الدولية، مؤكداً ارتباط أمن دولة الإمارات واستقرارها بالأمن القومي المصري، ويعد وذلك امتداداً للعلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين البلدين والشعبين.
وفي 4 يناير/كانون الثاني الجاري، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس السيسي العلاقات الأخوية ومختلف مسارات التنسيق والتعاون المشترك بين البلدين وعدداً من القضايا والملفات الإقليمية والدولية، مؤكدين أهمية التعامل معها بمواقف متسقة ومتكاملة ترسخ الأمن العربي والإقليمي وتحافظ على استدامة التنمية في دول المنطقة.
وتأتي زيارة الرئيس السيسي لدولة الإمارات بعد نحو 6 شهور من قيام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة إلى مصر في 3 يوليو/ تموز الماضي، شهد خلالها افتتاح "قاعدة 3 يوليو" العسكرية البحرية في منطقة جرجوب المطلة على البحر الأبيض المتوسط والتي دشنها الرئيس المصري.
وكانت هذه هي الزيارة الثانية له لمصر خلال 3 شهور، بعد الزيارة التي أجراها للقاهرة 24 أبريل/نيسان الماضي، وأجرى خلالها مباحثات مع الرئيس السيسي تناولت تعزيز العلاقات الأخوية المتجذرة وبحث آخر تطورات القضايا والملفات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.
وأكد الرئيس المصري أن زيارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تقدم دفعاً قوياً لمسار العلاقات الثنائية الأخوية والاستراتيجية والعمل المشترك لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين وتحقيق تطلعاتهما إلى التقدم والتنمية والازدهار.
بدوره، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حرص دولة الإمارات الدائم على التنسيق والتشاور مع مصر فيما يتعلق بالملفات والأزمات الإقليمية وسبل التعامل معها.
كما سبق أن أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارات عديدة لمصر من بينها في ديسمبر/كانون الأول 2020، ومنتصف يناير/كانون الثاني من العام نفسه، والذي شهد خلالها افتتاح قاعدة برنيس العسكرية بمنطقة البحر الأحمر بحضور الرئيس السيسي.
زيارات متبادلة
أيضا تأتي زيارة الرئيس المصري، اليوم، بعد أسبوع من زيارة المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس مجلس النواب المصري أبوظبي 18 يناير/كانون الثاني الجاري، في زيارة أجرى خلالها مباحثات مع صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي، تناولت تطوير العلاقات البرلمانية بما يواكب العلاقات المتنامية بين البلدين.
وقبل أسبوع، شارك وفد إماراتي ترأسه الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الدولة الإماراتي، بمشاركة شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة الدولة لشؤون الشباب في منتدى شباب العالم الذي عقد في مدينة شرم الشيخ برعاية ومشاركة الرئيس المصري.
وفي 4 يناير/كانون الثاني الجاري، أطلقت حكومة مصر بالتعاون مع حكومة دولة الإمارات، في إطار الشراكة الاستراتيجية في التحديث الحكومي، البرنامج القيادي لتطوير وتسريع الخدمات الحكومية في مصر، الذي تم تطويره بناء على تجربة حكومة دولة الإمارات خلال السنوات الماضية.
ويهدف البرنامج إلى تأهيل القيادات الحكومية المتخصصة في مجالات الخدمات الحكومية وإسعاد المتعاملين، بما يواكب التوجهات المستقبلية للحكومة المصرية ويحقق مستهدفات رؤية مصر 2030.
أيضا على صعيد تعزيز التعاون، دشن حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم الإماراتي في 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ملحقية التعليم وعلوم التكنولوجيا الإماراتية في مصر، في خطوة تهدف إلى ترسيخ نقلة نوعية من العمل المشترك وتوثيق التعاون من أجل تبادل الخبرات مع مؤسسات التعليم العالي بين كلا البلدين والارتقاء بتقديم أفضل الخدمات ومتابعة أوضاع طلبتنا الدارسين في مصر.
وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استقبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري في مقر "إكسبو 2020 دبي".
وجرى خلال اللقاء بحث آفاق التعاون بين الإمارات ومصر وتطوير العلاقات الثنائية على مختلف المستويات وفي شتى المجالات.
وشهد مدبولي خلال الزيارة احتفاء إكسبو 2020 دبي باليوم الوطني لمصر.
زيارة جاءت بعد شهرين، من استقبال الرئيس السيسي بمدينة العلمين الجديدة 10 أغسطس/آب الماضي وفدا إماراتيا برئاسة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، حيث جرى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف الأصعدة.
توافق استراتيجي
وتعبر تلك الزيارات والمباحثات والتعاون المتنامي عن خصوصية العلاقات بين القاهرة وأبوظبي التي بلغت ذروتها خلال الفترة الحالية، بعد أن شهدت تطورًا كبيرًا ونوعيًا في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية وغيرها، ونموًا ملحوظًا في معدل التبادل التجاري، وزيادة كبيرة في حجم الاستثمارات الإماراتية في القطاعات الاقتصادية المصرية المختلفة.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، شهدت السنوات الأخيرة تنسيقًا وثيقًا حيال القضايا الرئيسة، مثل القضية الفلسطينية والعراقية واللبنانية والليبية واليمنية والسورية.
وتتوافق رؤى البلدين على أهمية التسوية السياسية لتلك الأزمات حقنًا للدماء وحفاظًا على مقدرات الشعوب، وصونًا للسلامة الإقليمية للدول العربية وحفاظًا على وحدة الأراضي العربية وسلامتها.
ولعبت دولتا الإمارات ومصر أدواراً هامة في العديد من الملفات الاستراتيجية في المنطقة ونجحت بحكمة قيادة الدولتين في تجنيب المنطقة العديد من المحطات التي كان من شأنها الذهاب بها إلى حالة من الفوضى واللا استقرار.
وفي موازاة ذلك، عملت أبوظبي والقاهرة ضمن التحالفات الدولية والإقليمية الهادفة لمحاربة الإرهاب ووقف تمويل الجماعات الإرهابية وسحب الغطاء السياسي والإعلامي عنها، فضلا عن وقف إمدادها بالسلاح والمقاتلين، وهو ما أسهم في تخليص المنطقة من العديد من التحديات.
كما تتوافق الرؤيتان المصرية والإماراتية في أن السلام هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة.
لغة الأرقام
العلاقات الوثيقة بين البلدين انعكست إيجابا على مؤشرات التعاون الاقتصادي بين البلدين والتي شهدت نمواً واضحاً في الأنشطة التجارية والاستثمارية.
وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين خلال النصف الأول من عام 2021 نحو 13.3 مليار درهم مقارنة بنحو 12.5 مليار درهم خلال الفترة ذاتها من عام 2020، بنمو وصل إلى 7% .
فيما بلغ حجم ذلك التبادل خلال عام 2020 نحو 26 مليار درهم مقابل 22.1 مليار درهم خلال عام 2019، وبنمو أكثر من 17% على الرغم من تداعيات الجائحة على أنشطة التجارة إقليمياً وعالمياً.
وتمثل دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لمصر على المستوى العربي، فيما تعد مصر خامس أكبر شريك تجاري عربي لدولة الإمارات في التجارة غير النفطية وتستحوذ على 7% من إجمالي تجارتها غير النفطية مع الدول العربية.
وعلى الصعيد الاستثماري، تعد دولة الإمارات أكبر مستثمر في مصر على الصعيد العالمي، برصيد استثمارات تراكمي يزيد على 55 مليار درهم (15 مليار دولار أمريكي).
وتعمل أكثر من 1250 شركة إماراتية في مصر في مشاريع واستثمارات تشمل مختلف قطاعات الجملة والتجزئة، والنقل والتخزين والخدمات اللوجستية، والقطاع المالي وأنشطة التأمين، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعقارات والبناء، والسياحة، والزراعة والأمن الغذائي.
وفي المقابل، تستثمر الشركات المصرية بأكثر من 4 مليارات درهم (1.1 مليار دولار أمريكي) في الأسواق الإماراتية، وتشمل مشاريعها كذلك القطاع العقاري والمالي والإنشاءات وتجارة الجملة والتجزئة.
وكانت زيارة الرئيس السيسي لدولة الإمارات في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 قد شهدت إطلاق منصة استثمارية استراتيجية مشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية بقيمة 20 مليار دولار مناصفة عبر شركة أبوظبي التنموية القابضة "القابضة" وصندوق مصر السيادي.