الاكتئاب يهدد حياة حيوانات حديقة الجيزة .. السر في "غرفة الإعدام"
نشطاء حقوق الحيوان في مصر ينتقدون بشدة مسؤولي حديقة الحيوان بالجيزة بعد تكرار حوادث نفوق الحيوانات.
نفوق ذكر الزرافة "عزيز" بعد 10 أيام فقط من ولادته، زاد من وتيرة الانتقادات التي يوجهها نشطاء حقوق الحيوان في مصر إلى مسؤولي حديقة حيوان الجيزة، فتكرار حوادث نفوق الحيوانات ومرضها واختفاءها أسقط الحديقة، أقدم وأكبر الحدائق في الشرق الأوسط، من كل التصنيفات العالمية.
في هذا التقرير ترصد بوابة "العين" الإخبارية الأسباب الحقيقية من وجهة نظر نشطاء حقوق الحيوان لحالات النفوق داخل الحديقة، وكذلك يرصد الحوادث التي شهدتها الحديقة في السنوات القليلة الماضية.
دينا ذو الفقار، الناشطة المصرية المخضرمة في مجال حقوق الحيوان، قالت إن حديقة الحيوان بالجيزة كافة غرف المبيت الداخلي والخارجي الخاصة بالحيوانات بها غير مطابقة للمواصفات والاشتراطات العالمية، هو ما يعرض صحة الحيوانات للخطر ونفوقها في أي وقت.
ومواصفات المبيت، بحسب ذو الفقار، تعني البيئة التي يتم توفيرها للحيوان كل بحسب نوعه، فكل أماكن المبيت بالحديقة ذات أرضيات خرسانية وهو أمر ضار للغاية، فيما عدا 3 أو 4 أنواع تم تجهيز مبيتها "الخارجي" فقط بالشكل المطلوب، بعد أن تقدمت عدة جهات بشكاوى ضد الحديقة خاصة بعد نفوق "إنسان الغاب".
تتابع: "الحديقة أيضاً غير مستعدة للظروف المناخية المتطرفة، وليس لديها نظم للتدفئة في الشتاء أو التهوية في الحر الشديد لحماية الحيوانات من النفوق، وهو ما يفسر نفوق ذكر الزرافة (عزيز) بعد أيام من ولادته".
وأكدت أن من يتولى إدارة ميزانية الحدائق المركزية غير متخصص ولا يستعين بمتخصصين، فضلاً عن أن المتخصصين يفضلون العمل في جهات أخرى للحصول على عائد مادي أعلى.
وتوقعت الناشطة المصرية أن تكون هناك حالات نفوق مستمرة بين مواليد الحديقة من جميع الحيوانات، لافتة إلى أن ما يظهر لوسائل الإعلام نفوق الحيوانات النادرة فقط.
أما سلوى عبده، مدير جمعية الحصان المصري، فتبين أن إدارة الحديقة تسارع في تغطية إهمالها للحيوانات بإعلان أسباب تبدو منطقية، إلا أن واقع الأمر أن الحيوانات بالحديقة باتت "معذبة"، وتعيش في بيئة "غير نظيفة" ومن يزور الحديقة يستطيع ملاحظة الأمر بسهولة.
وأضافت عبده، لـ"العين"، أن الحيوانات بحديقة الجيزة محرومة من الرعاية الطبية اللازمة، ويعذبون بطرق عديدة، فبعضهم يتم تقييده طوال اليوم بحلقة حديدية تربط في قدمه طوال اليوم، بل إن بعض الحيوانات التي تحتاج لفضاء واسع يتم حبسها في قفص صغير، أبرزها الدب الأبيض، الذي اعتاد العيش في الفضاء في موطنه الأصلي وحبسه قد يؤدي لاكتئابه.
وعن القرود تقول ناشطة حقوق الحيوان، إن معظم القرود بالركن المسمى بـ"جبلاية" مصابة بـ"الجرب"، ناهيك عن "غرفة إعدام الحمير والأحصنة" التي تقابل الجبلاية مباشرة، ويشاهد القرود مشهد الإعدام يومياً، وهو كفيل بأن يصيبهم بالذعر والاكتئاب.
قائمة طويلة
كلمات النشطاء خرجت على خلفية قائمة طويلة من نفوق الحيوانات بالحديقة على مدار السنوات الماضية كان آخرها "عزيز"، والذي يعد أول مولود لزرافة منذ 20 عاماً. فيما يقول مسؤولو الحديقة، إن وفاته ترجع إلى عدم إقبال أمه على إرضاعه بشكل طبيعي منذ الساعات الأولى من ولادته، مؤكدين أن ذلك "شيء من عند ربنا".
وقبل "عزيز" بـ3 سنوات، نفقت الزرافة "روكا"، أعلنت حديقة الحيوان حينها انتحارها بسبب مضايقات الزوار، وفشل أطباء الحديقة في إنقاذها بعد أن شنقت نفسها في الشماسي الحديدية في المكان المخصص لحمايتها من الشمس، وحاول الأطباء البيطريون إنعاش قلبها وتنفسها ولكن باءت محاولاتهم بالفشل.
في شهر أغسطس/آب الماضي، وبسبب درجات الحرارة المرتفعة، فارق إنسان الغاب المسمى "بنجو" الحياة عن عمر 10 سنوات، وأعلنت الحديقة آنذاك الطوارئ بعد وفاة بسب ارتفاع درجات الحرارة.
وقبل هذه الواقعة بشهر، وفي يوم واحد صادف أول أيام عيد الفطر، نفقت كل من أنثى الفيل "كريمة" وأنثى سبع البحر "نعيمة"، وقالت الإدارة، إن الأولى نفقت بسبب الشيخوخة وبلوغها 70 عاماً، وهو سبب نفوق الثانية أيضاً إلى جانب سبب آخر وهو تعثرها في وضع مولود.
هذا العام أيضاً، وخلال شهر إبريل/نيسان، نفقت أنثى سبع البحر الملقبة بـ"فوزية"، رغم أن عمرها 16 عاماً فقط، ولم تُعلن أسباب واضحة بعد التشريح، لتصبح قوة حديقة حيوان الجيزة من "فرس البحر" ذكر واحد فقط هو "اللمبي".
قائمة الحيوانات النافقة داخل حديقة حيوان الجيزة تضم "سلحفاة الملك فاروق"، ورغم تداول مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي خبر نفوقها وصورا لها عام 2013، إلا أن مصادر داخل الحديقة أكدت نفوقها في 2009، عن عمر ناهز 270 عاماً بعد رحلة مرض استمرت 20 يوماً، رغم أنها من الأنواع المعمرة ويصل عمرها الافتراضي لـ420 عاماً، ويذكر أن هذه النافقة كانت ثاني أقدم حيوان على سطح الكوكب.
وفي مايو/ أيار من العام ذاته (2013) وقع حادث مفجع أودى بحياة 3 دببة، هن "فرح"، 11 عاما، و"لولو"، 4 أعوام، و"نبيلة"، 13 عاما" أثناء صراعهن للفوز بالدب هاني "7 سنوات"، في موسم التزاوج، وفقاً لرواية الحديقة الحيوان حول الحادث.