شادية دلوعة السينما.. بصمة فنية وحلم لم يتحقق
شادية تزوجت 3 مرات ولم تنجب أبناءً من أي من أزواجها، وكانت تقول إنها تتمنى أن يكون عندها دستة من الأطفال
ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. مقولة تجسدها مسيرة دلوعة السينما المصرية شادية، والتي رحلت، اليوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2017، عن عالمنا عن عمر ناهز 86 عاما، تاركة بصمة فنية واضحة، وحلم لم يتحقق.
ولدت الفنانة شادية أو فاطمة شاكر وهو اسمها الحقيقي لأسرة ذات أصول تركية، في 8 فبراير 1934 بحي الحلمية بوسط القاهرة، وكان والدها المهندس الزراعي أحمد كمال، الذي كان مشرفا على الأراضي الخاصة الملكية. وكانت لها شقيقة واحدة تدعى عفاف عملت كممثلة لكنها لم تستمر في مجال الفن طويلا.
تزوجت شادية 3 مرات؛ الأولى من المهندس عزيز فتحي، والثانية من الفنان عماد حمدي لمدة 3 سنوات، والثالثة من الفنان صلاح ذو الفقار إلى أن انفصلت عنه عام 1969، ولم تنجب أبناء من أي من أزواجها، وهو ما أثر فيها؛ حتى إنها مرة قالت في حوار فني "إن الأمنية التي لم يعرفها عني الناس هي أنني أتمنى أن يكون عندي دستة من الأطفال عندما أبلغ سن الـ50".
وعلى مدار أكثر من 40 عاما، امتد مشوار شادية الفني وقدمت خلاله عددا كبيرا من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والأعمال الإذاعية، وبلغ عدد أفلامها 112 فيلما، ولها 10 مسلسلات إذاعية، ولم تمثل سوى مسرحية واحدة هي "ريا وسكينة".
برعت في أداء أدوار الكوميديا والرومانسية والاستعراضية، كما جمعت بين موهبتي الغناء والتمثيل ببراعة تامة لم تتح لغيرها من نجمات جيلها. فهي مطربة ذات صوت جميل ورائق، وممثلة بارعة صدقها الملايين في أدوار متنوعة حتى في أدائها لدور السيدة المسنة.
بداية شادية الفنية كانت عام 1947 على يد المخرج أحمد بدرخان، الذي كان يبحث عن وجوه جديدة لفيلم جديد وبالفعل ذهبت واختبرت ونالت إعجابه، إلا أن الفيلم توقف ثم قدمت دورا صغيرا في فيلم "أزهار وأشواك" وبعد ذلك رشحها أحمد بدرخان لحلمي رفلة لتقوم بدور البطولة أمام محمد فوزي في أول فيلم من إنتاجه، وأول فيلم من بطولتها، وأول فيلم من إخراج حلمي رفلة "العقل في إجازة"، وقد حقق الفيلم نجاحا كبيرا، ما جعل محمد فوزي يستعين بها بعد ذلك في أفلام الروح والجسد، الزوجة السابعة، صاحبة الملاليم، بنات حواء.
ومنذ عام 1949 بدأت أفلام شادية تحقق إيرادات عالية مثل "ليلة العيد" و"ليلة الحنة"، خاصة بعد أن كونت ثنائيات فنية مع كمال الشناوي وعماد حمدي وفريد الأطرش، واشتهرت بأدوار الفتاة الخجولة الجميلة التي يتنافس عليها المحبون، الأمر الذي دفع النقاد لإطلاق لقب "دلوعة السينما" عليها.
وفي عام 1965 قدمت شادية مع صلاح ذو الفقار فيلم "أغلى من حياتي" وقدما من خلاله شخصيتي أحمد ومنى كأشهر عاشقين في السينما المصرية. وهو الفيلم الذي لا يزال حتى يومنا هذا أيقونة الفلام الرومانسية العربية.
وشهد عام 1966 بداية نقلة جديدة لشادية من خلال أفلامها الكوميدية مع صلاح ذو الفقار في فيلم "مراتي مدير عام" ثم "كرامة زوجتي" عام 1967 و"عفريت مراتي" عام 1968.
وكانت المحطة الأبرز في تاريخ شادية السينمائي كانت من خلال تقديم روايات أديب نوبل نجيب محفوظ من خلال أفلام "اللص والكلاب" و"زقاق المدق" و"الطريق" و"ميرامار".
ودخلت مجموعة من الأفلام التي قامت ببطولتها شادية قائمة أهم 100 فيلم في السينما المصرية، من أهم أفلامها أيضا "شيء من الخوف"، و"نحن لا نزرع الشوك" عام 1970 وكان آخر فيلم قدمته عام 1984 كان "لا تسألني من أنا" مع الفنانة مديحة يسري ويسرا لتعتزل بعده وتقرر ارتداء الحجاب والبعد تماما عن الأضواء.
ورغم مشوارها السينمائي الكبير، إلا أن شادية وقفت على خشبة المسرح مرة واحدة في مسرحية "ريا وسكينة" مع سهير البابلي وعبدالمنعم مدبولي لمدة 3 سنوات في مصر والدول العربية، وقدمت دورها بشكل كوميدي أمام عمالقة المسرح.
وتعتبر شادية من أهم من قدم أغاني وطنية مصرية بأغانيها "مصر اليوم في عيد"، و"ادخلوا آمنين" و"يا حبيبتي يا مصر" و"أم الصابرين"، و"لما كنا صغيرين".
عندما أتمت عامها الـ50، رفضت أن يذهب جمالها رويدًا رويدًا؛ لذا قررت أن يراها الجمهور كما هي «جميلة، دلوعة، مصدر للبهجة» فقررت الفنانة شادية أو كما تُلقب بـ«دلوعة السينما المصرية» أن تعتزل بهذه الرسالة: «لأنني في عز مجدي أفكر في الاعتزال لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عني رويدًا رويدًا.. لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة».
رغم تواريها عن أضواء الفن والشهرة، إلا أنها لا تزال تحظى بمحبة جارفة ومكانة فنية لم تتمكن أي من نجمات الأجيال اللاحقة لها من احتلالها.. رحلت "دلوعة السينما المصرية" تاركة تاريخا طويلا من الفن الراقي والأغنيات المتميزة التي لا يمكن نسيانها.. وداعا شادية.
aXA6IDMuMTM1LjIwNC40MyA= جزيرة ام اند امز