مؤشر الجنيه المصري.. الأسواق تترقب قرار "المركزي" بالتحرر من الدولار
ربما تشهد الأيام القليلة المقبلة، إطلاق البنك المركزي المصري "مؤشر الجنيه"، بهدف قياس القيمة الحقيقية للعملة المحلية مقابل سلة من العملات وعناصر أخرى كالذهب.
وفي حال صدور قرار استحداث مؤشر للجنيه المصري في الفترة المقبلة بشكل رسمي، فستكون المرة الأولى التي يفك فيها الجنيه المصري ارتباطه التاريخي بالدولار الأمريكي.
وفق المعطيات الاقتصادية، فقرار إطلاق مؤشر الجنيه المصري، يستوجب تحرير سعر صرف الجنيه، ليكون وفقا للعرض والطلب، مع القضاء على السوق السوداء والتي يتداول بها الدولار الأمريكي حاليًا عند مستوى 40 جنيهاً، لتتفاقم معها الفجوة بالمقارنة مع السعر الرسمي والثابت منذ عدة أشهر عند 30.75 جنيه للدولار الأمريكي الواحد، ما يعني استمرار معضلة التسعير الحقيقي للعملة المحلية.
ماذا يعني مؤشر الجنيه المصري؟
في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أعلن محافظ البنك المركزي حسن عبدالله، عن استهداف المركزي إطلاق مؤشر خاص بالجنيه، يضم سلة من العملات الدولية والذهب.
وأكد محافظ البنك المركزي المصري، أن تنفيذ مؤشر العملة المحلية، يتطلب اتخاذ بعض الإجراءات الاقتصادية الصارمة لتنفيذ لك المؤشر، الذي يغير ثقافة ارتباط العملة المحلية بالدولار الأمريكي فقط، فمصر ليست في حاجة لربط سعر الجنيه بالدولار، مثل الدول الخليجية التي تربط سعر عملتها بالدولار الأمريكي لأن اقتصادها قائم على تصدير النفط في الأسواق العالمية مقابل استيراد مجموعة كبيرة من السلع الاستراتيجية والأسلحة والتكنولوجيا الحديثة من الولايات المتحدة الأمريكية.
يذكر أن تطبيق إطلاق مؤشر الجنيه لم يكن أول قرار لقياس أداء العملة، فهو أمر مطبق في الكثير من الدول، وهناك عدة مؤشرات رئيسية للعملات مثل مؤشر الدولار الأمريكي، والجنيه الإسترليني، والدولار الكندي، ويتم إنشاء المؤشر ليضم سلة من العملات بوزن نسبي متباين بهدف إيجاد سعر صرف واقعي بدلا من الاعتماد على عملة رئيسية مثل الدولار الأمريكي.
- في 11 شهراً.. فوائد الديون تقود ارتفاع مصروفات مصر إلى 1.9 تريليون جنيه
- ماذا تستفيد مصر من انضمامها لـ"بريكس"؟
سوق صرف مرن للجنيه المصري
ويعتبر مؤشر الجنيه المصري، هو وحدة قياس للعملة المحلية أمام سلة من العملات الاحتياطية الدولية، مثل الدولار الأمريكي والجنيه الاسترليني واليورو الأوروبي واليوان الصيني، وعدد من العملات الرئيسية الأخرى، ما يعني تحديد سعر صرف حقيقي للجنيه المصري؛ حيث ستتحدد قيمة العملات الرئيسية والجنيه المصري، وفقاً للعرض والطلب بالإضافة إلى حجم التبادل التجاري بين كل دولة والأخرى.
لذلك؛ فإن إطلاق هذا المؤشر يساعد على تواجد واستقرار سوق صرف واقعي ومرن للجنيه المصري، عاكساً تأثير واقع الاقتصاد وظروفه المختلفة على القيمة الحقيقية للجنيه.
وسيأخذ المؤشر في الاعتبار بعض العوامل والمخاطر المحيطة والمحتملة بالعملات المختارة، والتي من الافضل أن تكون لها وزن نسبى معقول في التجارة العالمية، وتتمتع بالاستقرار والمرونة في الأسواق وقابليتها للتحويل، بالإضافة إلى تأثير العلاقات التجارية المتبادلة بين مصر وبعض الدول.
ومن المرجح أن تتكون سلة عملات المؤشر المقترحة من عملة الدولار الأمريكي بنسبة تقديرية 30%، واليورو بنسبة تقديرية 20%، والجنيه الاسترليني بنسبة 10% واليوان الصيني بنسبة 20%، والين الياباني بنسبة 10% والذهب بنسبة 10%.
وسيسهم مؤشر الجنيه المصري حال إطلاقه في بناء احتياطي نقدي متنوع من العملات وليس فقط بالدولار.
ومنذ مارس/ آذار 2022، تواجه مصر أزمة شح النقد الأجنبي، نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة عالميا والظروف الدولية، ما أسفر عن العديد من النتائج السلبية بما في ذلك ارتفاع فاتورة استيراد السلع الأساسية.
وفي 3 أغسطس/ آب الجاري، رفع البنك المركزي المصري، سعر الفائدة بواقع 100 نقطة أساس بمعدل 1%.
ووقتها، قالت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في بيان: "تقرر رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.25 في المئة، 20.25 في المئة و19.75 في المئة، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.75 في المئة".
وكان المركزي المصري قد رفع أسعار الفائدة، منذ مارس/ آذار 2022، بما مجموعه 1000 نقطة أساس، لاحتواء التضخم، والذي بلغ معدله في المدن المصرية حسب الإحصاءات الرسمية، 36.5% في يوليو/تموز 2023 على أساس سنوي وهو المستوى الأعلى على الإطلاق، مع تسجيل ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية بما نسبته 68.4%.