التحدي الكبير للجنيه المصري في 2026.. اختبار صمود وسط ضغوط اقتصادية ومالية
أكد خبير اقتصادي أن الجنيه المصري يواجه تحديات كبيرة خلال 2026، مع الالتزامات الخارجية المرتفعة وخدمة الدين، لكنه يظل صامدا بفضل السياحة وتحويلات المصريين بالخارج وارتفاع الاحتياطيات، ما يعزز استقرار الاقتصاد ويحد من تقلبات الصرف.
وقال الدكتور أحمد شوقي عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع والإحصاء، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن تحسن قيمة الجنيه يعتمد على زيادة الموارد الدولارية ومبادرات صندوق النقد الدولي وخفض أسعار الفائدة، إلى جانب دعم الصادرات وتشغيل المشروعات المحلية، لضمان قدرة العملة الوطنية على الصمود أمام الضغوط الاقتصادية المستمرة.
مع نهاية عام 2025، يبرز الجنيه المصري محافظا على قدر من التماسك، رغم التحديات الاقتصادية المرتبطة بسداد الالتزامات الخارجية وخدمة الدين، إذ تحرك سعر الدولار داخل نطاق يتراوح بين 47.67 و51.73 جنيه. هذا الأداء النسبي للجنيه يأتي في وقت حساس، تتزايد فيه الضغوط على الاقتصاد المصري، بالتوازي مع التزامات خارجية مرتفعة، إلا أن مؤشرات عدة ساهمت في الحد من التقلبات الحادة في سوق الصرف.
التزامات خارجية
وأوضح عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع والإحصاء، أن الجنيه المصري نجح في الصمود أمام الدولار مدعومًا بعدد من العوامل الاقتصادية، رغم سداد التزامات خارجية كبيرة.
ووفقًا لبيانات ميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزي المصري مطلع ديسمبر / كانون الأول الجاري، بلغت خدمة الدين الخارجي (أقساط وفوائد) نحو 38.7 مليار دولار خلال العام المالي 2024-2025 المنتهي في يونيو / حزيران، بزيادة قدرها 5.8 مليار دولار مقارنة بالعام المالي السابق.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى زيادة مدفوعات أصل الديون بنحو 6.5 مليار دولار، لتصل إلى 30.2 مليار دولار، بحسب تقرير الوضع الخارجي للاقتصاد المصري الصادر عن البنك المركزي.
كما ارتفع إجمالي الدين الخارجي لمصر بنسبة 5.5% خلال العام المالي الماضي، ليصل إلى 161.2 مليار دولار بنهاية يونيو / حزيران 2025، بزيادة قدرها 8.3 مليار دولار مقارنة بنهاية يونيو / حزيران 2024.
عوامل دعم الجنيه المصري
وقال شوقي، إن صمود الجنيه يرجع إلى تنامي الأنشطة الاقتصادية المولدة للعملة الصعبة، وعلى رأسها السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، إلى جانب ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية.
وبحسب تصريحات وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي، من المتوقع أن تصل إيرادات السياحة إلى نحو 17.8 مليار دولار خلال عام 2025، مع إنهاء العام بعدد يتراوح بين 18 و18.7 مليون سائح.
أما تحويلات المصريين بالخارج، فقد شهدت طفرة ملحوظة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي (يناير/كانون الثاني - سبتمبر/أيلول 2025)، إذ ارتفعت بنسبة 45.1% لتسجل 30.2 مليار دولار، مقابل 20.8 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق بيانات البنك المركزي المصري.
الاحتياطي الأجنبي والصادرات
وسجل صافي الاحتياطيات الدولية ارتفاعًا ليبلغ نحو 50.215 مليار دولار بنهاية نوفمبر / تشرين الثاني 2025، مقارنة بنحو 50.071 مليار دولار في نهاية أكتوبر / تشرين الأول 2025، بزيادة قدرها 144 مليون دولار.
وأضاف شوقي أن إيرادات الصادرات المصرية بلغت نحو 40 مليار دولار، وهو ما عزز الموارد الدولارية للبلاد، وساهم في تمكين مصر من الوفاء بالتزاماتها الخارجية دون ضغوط كبيرة على سعر صرف الجنيه.
ماذا عن مستقبل الجنيه في 2026؟
وبالنسبة لتوقعات عام 2026، رجّح شوقي أن يشهد الجنيه المصري تحسنًا محدودًا في قيمته، مشيرًا إلى أن نسبة التحسن المتوقعة قد تصل إلى نحو 6.2% على أساس سنوي، دون قفزات كبيرة.
وأوضح أن هذا التحسن المرتقب سيكون مدعومًا ببدء صرف دفعات جديدة من صندوق النقد الدولي، إلى جانب مبادرات مبادلة الديون وتحويلها إلى استثمارات ومشروعات قائمة على أرض الواقع، فضلًا عن الاتجاه نحو خفض أسعار الفائدة، بما يقلل من أعباء الدين المحلي.
ومن المقرر إدراج مصر على جدول أعمال المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي عقب عطلة نهاية العام في الولايات المتحدة، المقررة في 5 يناير / كانون الثاني المقبل، وذلك للموافقة على صرف الشريحتين الخامسة والسادسة بقيمة 2.4 مليار دولار، بعد الانتهاء من المراجعتين خلال الشهر الجاري.
وأشار شوقي إلى أن التحسن المتوقع في الإيرادات السياحية، لا سيما مع الافتتاح المرتقب للمتحف المصري الكبير واستقبال الزوار للمناطق المحيطة به، إلى جانب تنشيط الصناعات اليدوية المحلية، سيُسهم في تعزيز موارد النقد الأجنبي ودعم استقرار الجنيه المصري خلال الفترة المقبلة.