زيارة رئيس الوزراء المصري لشمال سيناء.. رسائل سياسية واقتصادية
جولة موسعة يقوم بها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بمحافظة شمال سيناء، تحمل عدة رسائل ودلالات في هذا التوقيت.
وبحسب خبراء استراتيجيين واقتصاديين تأتي الزيارة لتعكس الكثير حول الأمان في هذة المنطقة بعد القضاء على الإرهاب، وردا على العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت نقطة أمنية بمحافظة الإسماعيلية.
وأوضحوا في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن مصر توجه رسائل داخلية وخارجية من خلال تلك الزيارة تستهدف جذب مزيد من الاستثمار في المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية والتنمية، إلى جانب التأكيد على الاستقرار بعد توجيه ضربات متتالية للإرهاب في سيناء لاجتثاثه.
رسالة طمأنة
يقول مستشار كلية القادة والأركان المصرية والخبير الاستراتيجي اللواء محمد الشهاوي إن زيارة رئيس الوزراء لشمال سيناء هي بمثابة رسالة طمأنة للمستثمرين في الداخل والخارج أن سيناء آمنة بعد أن استطاعت القوات المسلحة المصرية القضاء على الإرهاب هناك، وبات ملحوظا تراجع العمليات الإرهابية بما لا يتجاوز أصابع اليد الواحد سنويا.
وأكد الشهاوي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن سيناء تمتلك عوامل جاذبة كثيرة للمستثمرين، في قطاعات متنوعة سواء السياحة أو الزراعة أو الصناعة، لافتا إلى أن أكبر مجمع لصناعة الجرانيت والرخام في منطقة الكفافة في وسط سيناء، بالإضافة إلى الشواطئ التي يمكن أن يقام حولها العديد من المشروعات السياحية.
وقال إن "الدولة المصرية تحارب الإرهاب بالتنمية، من خلال إقامة 312 مشروعا في شمال سيناء بتكلفة 195 مليار جنيه، وفي سيناء كلها تم إنفاق نحو 700 مليار جنيه على المشروعات التنماوية"، معتبرا أن هذا يؤكد أن سيناء أصبحت آمنة ومستعدة لتلقي المشروعات الاستثمارية.
بيئة نظيفة من الإرهاب
وبشأن الدلالات السياسية والأمنية لزيارة رئيس الوزراء المصري لشمال سيناء في هذا التوقيت يرى الخبير المصري في مكافحة الإرهاب الدولي والأمن المعلوماتي العقيد حاتم صابر، أن زيارة رئيس الوزراء ورئيس أركان حرب القوات المسلحة وعدد من القيادات إلى شمال سيناء تؤكد انتهاء أزمة توغل الإرهاب في مثلث رفح والشيخ زويد والعريش وعودة الحياة إلى طبيعتها.
وأشار صابر، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى نجاح الدولة المصرية في غلق منابع تمويل الإرهاب من الخارج وفرض السيطرة الكاملة على المناطق التي كانت تشهد توترا منذ اندلاع موجة الإرهاب في سيناء عام 2013، وهو الأمر الذي اتضح من خلال قدرة الحكومة والقيادة السياسية على إعادة تشكيل البنية التحتية لشمال ووسط سيناء.
وعن بعض ملامح التغيير في تلك المحافظة الحدودية لمصر يشير صابر إلى أن الخطة المصرية للتنمية في شمال سيناء تمت على ثلاثة محاور، المواجهة العسكرية، وتجفيف منابع الارهاب، والتنمية.
وتفصيلا، أوضح الخبير المصري أنه تم إنشاء 6 أنفاق لربط شبه جزيرة سيناء بباقي الدولة عبر قناة السويس بعد سنوات من الإهمال، حيث ربطت تلك الأنفاق سيناء بكافة مدن مصر.
وشددت مصر مرارا عزمها على خلق بيئة صالحة للاستثمارات في شمال ووسط سيناء، باعتبارها حائط الصد الأول ضد أي تمركزات إرهابية في مناطق الظهير الصحراوي.
وفي الشق الأمني من الخطة المصرية لتنمية سيناء، قال صابر إن السلطات المصرية تصدت لظاهرة الإرهاب مخابراتيا وعسكريا ثم اقتصاديا واستثماريا في توقيت واحد، فكان العمل على المواجهة العسكرية في نفس توقيت الاستعداد لاستقبال حياة جديدة مدنية داخل مناطق التوتر بشمال سيناء، وافتتاح العديد من الطرق الجديدة والمستشفيات والجامعات الخاصة وتأسيس بنية تحتية قوية لاستيعاب ما يتم افتتاحه من مصانع واستثمارات.
تنمية اقتصادية
الدكتورة سالي فريد، رئيس قسم السياسة والاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، ترى أن الزيارة تعكس أهمية المحافظة والمسار التنموي المتطور والمتكامل والذي يتسق مع أهمية وخصوصية المكانة الفريدة لها وفي إطار المشروعات التنموية والخدمية.وتضيف فريد في حديث لــ"العين الإخبارية" أن مصر وضعت استراتيجية تنمية سيناء بإنشاء مشروع عملاق في قطاع الكهرباء، من خلال إنشاء وحدتين غازيتين بالمحطة البخارية، بخلاف محطتين بالعريش بطاقة 175 ميغاوات لكل منهما، ومحطتين أخريين بطاقة 40 ميجغوات لكل منهما، ومحطة الشلاق بالشيخ زويد، والتي تضم 4 محولات بطاقة 40 ميغاوات لكل محول، وهو ما يعني إضافة حوالي 600 ميغاوات للكهرباء، حيث إن محطة الشيخ زويد تستهدف تغذية مدينتي الشيخ زويد ورفح.
وتكمل بالإضافة إلى ميناء العريش البحري، باعتباره أحد أهم الموانئ التي لديها الجاهزية لتقوم بدور حيوي في حركة النقل نظراً، لموقعه الاستراتيجي على البحر المتوسط، إضافة إلى كونه جزءا من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كما أن هذا الميناء يعتبر منفذاً مهما لتصدير المنتجات السيناوية، حيث إن الميناء يعد المنفذ البحري الوحيد بشمال سيناء المطل على البحر المتوسط، بالإضافة إلى دوره في استقبال سفن الصيد الصغيرة والسفن الواردة من البضاعة العامة.
وكذلك المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتوضيح أعمال التطوير التي يشهدها الميناء، والتي تم الانتهاء من تنفيذ 80% منها والمقرر أن تنتهي خلال الأشهر المقبلة.
كما يجري العمل أيضا على أعمال التكريك التي تقوم بها هيئة قناة السويس؛ حيث بلغت نسب التنفيذ 80%، ومن المخطط أن تنتهي أعمال التطوير الخاصة بميناء العريش خلال الربع الأول من عام 2024.
كما أن أعمال التطوير أسفرت عن تقدم العديد من الشركات، أهمها واحدة تعمل على تنفيذ مشروع إنشاء 6 صوامع لتخزين الأسمنت السيناوي الأسود والأبيض بطاقة تخزينية 75 ألف طن، وتبدأ أحجام التداول للمشروع خلال العام الجاري بإجمالي 250 ألف طن، وتصل خلال العام المقبل 2024 إلى 1,5 مليون طن، بإجمالي تكلفة استثمارية 830 مليون جنيه، حيث من المتوقع تحقيق إيرادات من تداول السفن في هذا المشروع ما يقرب من 28 مليون دولار.
aXA6IDMuMTM3LjE3OC4xMjIg جزيرة ام اند امز