تضخم المدن المصرية عند أدنى مستوياته في عامين.. هل يواصل التراجع؟
![التضخم في مصر](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/10/195-182422-egyptian-urban-inflation-lowest-levels-two-years_700x400.jpg)
واصل معدل التضخم في المدن المصرية تراجعه ليصل إلى أدنى مستوى في أكثر من عامين، وسط استمرار انخفاض أسعار المواد الغذائية.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، تباطؤ معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 24% خلال يناير/كانون الثاني 2025، مقارنة بـ24.1% في ديسمبر/كانون الأول 2024، و25.5% في نوفمبر/تشرين الثاني السابق، في استمرار لاتجاه التراجع التدريجي.
وكشف جهاز الإحصاء، أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية بلغ (243.5) نقطة لشهر يناير/كانون الثاني 2025، ليسجل التضخم 23.2% مقابل 23.4% لشهر ديسمبر/كانون الأول 2024.
تأثير الإصلاحات الاقتصادية
وشهدت معدلات التضخم تباطؤًا للمرة الثالثة في ستة أشهر، منذ تسارع وتيرة ارتفاع الأسعار في أغسطس/آب الماضي، ما يشير إلى استقرار نسبي في الأسواق، رغم استمرار الضغوط الاقتصادية.
وانعكست الزيادات الحكومية الأخيرة في أسعار الوقود وتذاكر القطارات ومترو الأنفاق على معدلات التضخم، حيث جاءت هذه القرارات امتدادًا للإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
كما تأثرت الأسعار بارتفاع تكلفة رغيف الخبز المدعم بنسبة 300% في مايو/أيار الماضي، في خطوة لم تحدث منذ أكثر من ثلاثة عقود.
استمرار التباطؤ
توقعت آية زهير، رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار "زيلا كابيتال"، استمرار تباطؤ معدلات التضخم في مصر حتى نهاية يونيو/حزيران المقبل، مدفوعة باستقرار معظم العوامل المؤثرة على مؤشر الأسعار.
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أرجعت زهير، انخفاض التضخم إلى تأثير سنة الأساس، بالإضافة إلى تعهدات الحكومة بعدم فرض أي زيادات جديدة في أسعار الخدمات مثل المحروقات والكهرباء حتى منتصف العام.
وأكد وزير المالية المصري، أحمد كجوك، مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، أن الحكومة لا تعتزم تحريك أسعار البنزين والكهرباء حتى يوليو/تموز 2025، ما يعزز من استقرار معدلات التضخم خلال النصف الأول من العام.
السياسة النقدية
من جانبه، أشار محمد أنيس، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، إلى أن الضغوط التضخمية الناتجة عن قرارات الإصلاح المالي، مثل خفض فاتورة الدعم وتحريك أسعار الخدمات، تم تمريرها بالفعل خلال الأشهر الماضية.
وأوضح أنيس لـ"العين الإخبارية"، أن استمرار تشديد السياسة النقدية من قبل البنك المركزي المصري سيسهم في استمرار تباطؤ التضخم، مع توقعات بأن يصبح التراجع أكثر وضوحًا بدءًا من مارس/آذار المقبل.
وفي اجتماعها الأخير ديسمبر/كانون الأول الماضي، أبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها على الإطلاق، مسجلة 27.25% و28.25% للإيداع والإقراض، على التوالي، مؤكدة أن المعدلات الحالية ملائمة حتى حدوث انخفاض ملحوظ ومستدام في التضخم.
ورجحت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، أن يتيح تباطؤ التضخم في مصر المجال أمام البنك المركزي لبدء خفض أسعار الفائدة خلال الربع الأول من العام الجاري، مع احتمالية تراجعها بنحو 7 إلى 9%.
وأضافت الدماطي، أن المعطيات الحالية تشير إلى صعوبة وصول التضخم إلى النطاق المستهدف من قبل البنك المركزي خلال العام الجاري، مرجحين ألا يتحقق ذلك إلا بحلول أواخر العام المقبل.
بداية الأزمة
بدأت معدلات التضخم بمصر في الارتفاع الحاد منذ عام 2022، بعد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، التي دفعت المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من الأسواق المصرية.
وفي إطار مواجهة هذه الأزمة، وقعت مصر حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات نهاية 2022، تم توسعتها إلى 8 مليارات دولار في مارس/آذار الماضي، لتقليص عجز الميزانية واتباع سياسة نقدية أكثر تشدداً للحد من التضخم.
وتعتبر معدلات التضخم من العوامل الرئيسية التي تراقبها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي عند اتخاذ قرارات أسعار الفائدة.
وأشارت اللجنة في محضر اجتماعها الأخير لعام 2024، إلى أن التضخم مرشح للتراجع بشكل ملحوظ بدءًا من الربع الأول من 2025، مع استمرار تأثير التشديد النقدي، متوقعة أن يقترب من أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026.
ورغم هذه التوقعات، أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير في ستة اجتماعات متتالية منذ أن رفعها بمقدار 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس/آذار الماضي، ضمن اتفاقه مع صندوق النقد الدولي، بعد زيادة سابقة بمقدار 200 نقطة أساس في فبراير/شباط.
إجماع على تراجع التضخم
ورفعت المؤسسات المالية الدولية توقعاتها بتحسن معدل التضخم في مصر خلال 2025، مدعومة باستقرار سعر الصرف وتأثير سنة الأساس، مما يعزز التوقعات بانخفاض تدريجي للأسعار خلال الفترة المقبلة.
وتوقع بنك عولدمان ساكس، أحد أكبر البنوك الأمريكية، أن ينخفض معدل التضخم السنوي في مصر إلى نحو 10% بحلول نهاية عام 2025، ما يعكس تحسن الأوضاع الاقتصادية واستقرار الأسعار.
من جانبها، توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، أن يتباطأ معدل التضخم في مصر ليصل إلى 12.5% بنهاية السنة المالية 2025، قبل أن يواصل تراجعه إلى 10.6% في يونيو/حزيران 2026، بدعم من تأثير سنة الأساس واستقرار سعر صرف الجنيه المصري.
ورجحت "سي آي كابيتال لإدارة الأصول"، المملوكة لبنك مصر، أن يستمر معدل التضخم السنوي في الانخفاض التدريجي بداية من 2025، ليصل إلى مستوى يتراوح بين 13 و14% خلال قراءة فبراير/شباط، نتيجة الضغوط المباشرة لأسعار الفائدة المرتفعة.