ما هو فضل الأضحية في عيد الأضحى؟ وهل يصل ثوابها للميت؟

يحرص كل مسلم قادر ماديًا على اغتنام فرصة حلول عيد الأضحى المبارك، وهذا للتقرب إلى الله عز وجل من خلال أداء شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وهي ذبح الأضحية.
التي تُعد من أعظم مظاهر التعظيم لشعائر الله، امتثالًا لأمره واتباعًا لسنة نبيه محمد ﷺ. فالأضحية ليست مجرد ذبح لبهيمة، بل هي عبادة قلبية وجسدية تُعبر عن الامتثال والطاعة، وتُجسد قيم الرحمة، والعطاء، والتكافل الاجتماعي، لما لها من أجر عظيم وثواب جزيل عند الله سبحانه وتعالى، إذ قال تعالى: "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب".
هل الأضحية سنة أم واجبة؟
تعد الأضحية سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهي مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية والإجماع.
ويستدل على مشروعية الأضحية في القرآن الكريم لقوله تعالى: "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ" [سورة الكوثر]. وقال القرطبي في "تفسيره" (20/ 218): "أَيْ: أَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْكَ"، كَذَا رَوَاهُ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
ما هو فضل الأضحية في عيد الأضحى كما ورد في السنة؟
أيضا في السنة المحمدية ما يثب مشروعية الأضحية، إذ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه فمن ذلك: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) متفق عليه. وأجمع المسلمون على مشروعية الأُضْحِيَّة.
لا بد أن تقدم الأضحية من الأنعام وإن اختلف الفقهاء في النوع الأفضل منها، لكن أرجح القول ما ساقته المالكية إن الغنم (الضأن) يأتي في المقدمة ثم الإبل ثم البقر.
ثواب من يقدّم الأضحية في عيد الأضحى بالتفصيل
تتعدد فضائل الأضحية وإن كان يأتي في المقدمة أنها من شعائر الله تعالى، وأن الذبح لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ من أعظَمِ العباداتِ وأجَلِّ الطاعاتِ.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما.
فمن الصحيح ما روى الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عمَلًا أحَبَّ إلى اللهِ - عزَّ وجلَّ - مِنْ هراقةِ دَمٍ، وإنَّهُ ليَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ بِقُرُونِها وأظْلافِها وأشْعارِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ - عزَّ وجلَّ - بِمَكانٍ قَبْلَ أنْ يَقَعَ على الأرْضِ، فَطِيبُوا بِها نَفْسًا".
وفي حديث آخر أخرجه الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: "قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين".
وثواب الأضحية كبير إذ يغفر الله عند أول قطرة من دمها كل ذنب، استشهادا بما رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن زيد بن أرقم قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ، قَالُوا: مَا لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَالصُّوفُ؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ".
هل يُشترط النية لنيل الأجر في الأضحية؟
نعم، تُعد النية شرطًا أساسيًا في الأضحية لنيل الأجر والثواب، ولا تُجزئ عن صاحبها دون نية صريحة أو ضمنية. وقد أجمع العلماء على أن النية تُعدّ أساسًا في كل عبادة، لقوله ﷺ:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" [رواه البخاري ومسلم].
فإذا أراد المسلم أن يضحي في أيام العيد، وجب عليه أن ينوي أن تكون هذه الذبيحة قربة إلى الله تعالى، لا لمجرد اللحم أو العادة أو التوزيع. وتكفي النية القلبية دون الحاجة إلى التلفظ بها، ويُفضل أن تكون عند شراء الأضحية أو عند وقت الذبح.
أما من ذبح بهيمة دون نية الأضحية، سواء عن نسيان أو جهل، فإنها لا تعتبر أضحية شرعية، ولا ينال صاحبها أجر الأضحية، بل تكون لحمًا يُؤكل فقط.
ما فضل الأضحية عن الميت؟
الأضحية عن الميت جائزة بإجماع العلماء، ويصل أجرها إليه إن شاء الله، سواء أوصى بها قبل وفاته أو ذُبحت تبرعًا عنه من قِبل أهله ومحبيه. وهي من أفضل ما يُهدى للميت بعد الدعاء والصدقة، لما فيها من نفع عام وإحياء للسنة.
وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه ضحّى عن نفسه وأهل بيته، كما جاء في الحديث الشريف:"اللهم هذا عن محمد وآل محمد" [رواه أحمد].
واعتبر العلماء أن هذه الأضحية تشمل من مات من أهله، ويفهم منها جواز الأضحية عن الميت. كما يُثاب من يقوم بها، ويصل الثواب إلى الميت بإذن الله، لأنها من الصدقة الجارية التي يُرجى دوام أجرها.
ويُستحب أن ينوي المضحي الأجر للميت تحديدًا، كأن يقول: "اللهم تقبلها عن والدي المتوفى"، لكن لا يُشترط التلفظ، ويكفي القصد القلبي.
الفرق بين أجر الأضحية والصدقة
قد يتساءل البعض هل الصدقة بثمن الأضحية أفضل من ذبحها؟ وقد بيّن أهل العلم الفرق بين الأجرين، مؤكدين أن الأضحية أفضل من التصدق بثمنها، حتى لو بلغ ثمنها مالًا كثيرًا.
ذلك لأن الأضحية عبادة مستقلة بذاتها، يجتمع فيها المال والنسك، وهي شعيرة من شعائر الله، وليست مجرد صدقة. فهي تُؤدى في وقت مخصوص، على هيئة مخصوصة، ولها أجر خاص لا يتحقق بالصدقة وحدها.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:"الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه، وإن زاد، لأن المقصود عبادة الله بالذبح" [زاد المعاد].
ومع ذلك، فإن الصدقة تظل عملًا جليلًا، لكنها لا تُغني عن الأضحية للمقتدر، بل تُكملها وتزيد أجرها، خاصة إذا جمع المسلم بين الأضحية والصدقة، فينال الأجرين معًا: أجر الشعيرة وأجر الإنفاق.