فرحة العيد في لبنان لمن يملك "الفريش دولار"
للسنة الرابعة على التوالي تفتقد الأسواق اللبنانية فرحة العيد ورواج حركة البيع والشراء نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد.
وأدت تلك الأزمة إلى تدني القدرة الشرائية لدى معظم اللبنانيين، فيما تلوح بارقة أمل من تزايد حركة السياح ،بخلاف من يملكون "الفريش دولار".
وفي الوقت الذي تراجعت فيه حركة الأسواق نتيجة وباء كورونا، فإن إعادة فتح البلد لم يغيّر من الواقع الكئيب.
وعلى عكس ما كانت عليه حركة الأعياد المعتادة لا سيما فترة عيد الفطر ، تغيب الزينة والأضواء عن معظم الشوارع فيما بدت الحركة خجولة داخل المحلات وتقتصر على عدد قليل من الزبائن.
يقول رئيس جمعية تجار مار إلياس مروان شهاب لـ "العين الإخبارية" الحركة تكاد تكون معدومة والأزمة الاقتصادية تنعكس سلبا على حياة اللبنانيين الذين باتوا يضعون أولويات في حياتهم لصرف أموالهم وبات همّهم الوحيد تأمين المأكل والمشرب، فيما ملابس العيد وحاجياته أصبحت من الكماليات لا يشتريها إلا القادرين.
ويضيف "في وقت تراجع فيه عملنا كمحلات تجارية تبيع الملابس الجديدة، نشط عمل "الخياطين" الذين تلجأ لهم العائلات الفقيرة والمتوسطة التي لم يعد أمامها غير "ترميم" الثياب القديمة.
ويقول شهاب الذي يملك محلات في منطقة مار الياس التي تعتبر من أكبر الاسواق التجارية في بيروت، "جرت العادة في الأسبوع الأخير من شهر رمضان أن تزدحم المحلات بالزيائن حتى منتصف الليل، لكن اليوم كل شيء تبدّل مشهد الزحمة لم نعد نراه أبدا".
ويعتبر شهاب أنه في لبنان بات هناك ثلاث طبقات اجتماعية، المعدومة التي كانت فقيرة وهي التي لم تعد قادرة حتى على تأمين المأكل والمشرب، والمتوسطة التي باتت قادرة على تأمين المأكل والمشرب وباتت الملابس بالنسبة اليها من الكماليات، والمقتدرين ماديا هم من الفئة التي لديهم أبناء في الخارج يعملون ويرسلون لهم الأموال، وهم فقط الذين باتوا يشترون الثياب والكماليات.
الفريش دولار
ولا يختلف كثيرا الوضع في أسواق "بربور"، التي تعتبر بدورها أكبر الأسواق في لبنان وهي لطالما كانت مقصدا للعائلات لشراء الملابس هو ما يعبّر عنه رشيد كبه، رئيس جمعية التجار . ويقول كبه لـ "العين الإخبارية"، الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة واضح في حركة الأسواق الخفيفة جدا والتي باتت تقتصر على من يملك "الفريش دولار" وهؤلاء لا تزيد نسبتهم في لبنان عن الـ 12 بالمئة ، فيما السواد الأعظم يقبضون بالليرة اللبنانية وباتوا بالكاد يؤمنون متطلبات الحياة اليومية.
و"الفريش دولار" هي عملة الدولار التي تم تحويلها إلى لبنان مؤخرا من الخارج، لأنها لا تخضع للقيود المفروضة من السلطات المالية منذ بدء الأزمة المالية في البلاد.
لكن ورغم هذا الوضع المأزوم يقول كبه "ما لاحظناه هذا العام بعد ثلاث سنوات على أزمة وباء كورونا "الناس مشتاقون للأعياد وأجوائها"، حيث تحاول بعض العائلات الاحتفال على الأقل عبر أطفالها، وبالتالي يمكن القول إن الحركة الخفيفة التي سجلت هي تنحصر في بيع ملابس الأطفال وبعض الحاجيات الأساسية التي تحتاجها سيدة المنزل في العيد.
ويؤكد كبه "أن تراجع القدرة الشرائية لدى اللبنانيين انعكست على الأسواق"
ويوضح "التجار الذي يستأجرون محلاتهم أقدموا جميعهم تقريبا على إقفالها، ومن بقي صامدا هو من يملك المحل "
ويلفت كبه إلى "أن اللبنانيين الذي يقصدون الأسواق هم في معظمهم ممكن لديهم فرد أو أفراد في العائلة يعملون في الخارج ويرسلون لهم الأموال بالدولار وهي التي تقدر قيمتها بحوالي 7 مليارات دولار سنويا وتلعب الدور الأهم في تحريك الأسواق".
ومقابل هذه الحركة الخجولة في أسواق لبنان ظهرت في القطاع السياحي مؤشرات إيجابية، بحسب ما أعلن رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان بيار الأشقر كاشفا عن أن الحجوزات في فنادق بيروت تجاوزت الـ 50 بالمئة مشيرا إلى نشاط ملحوظ للسياحة الداخلية عشية عيد الفطر.
وأكد رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان بيار الأشقر أن لبنان يشهد عشية عيد الفطر قدوم لسياح من العراق والأردن ومصر بخلاف مغتربين لبنانيين.
وكشف عن أن “فنادق العاصمة سجلت أيضاً حجوزات تعدت نسبتها الـ50%“، وأكد أن “الحركة التي يشهدها القطاع السياحي ستساعد المؤسسات السياحية في مواجهة التكاليف المرتفعة التي تتكبدها لجهة تأمين الطاقة وتكاليف الصيانة التي تتم جميعها بالعملة الصعبة".
ويأتي هذا الواقع مع تفاقم الأزمة الاقتصادية المتمادية التي يشهدها لبنان منذ صيف العام 2019 والتي كان قد صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850، بحيث أنه لم يبق قطاع بمنأى عن تداعيات الانهيار وأقفلت مؤسسات بأكملها وتسريح آلاف الموظفين من أعمالهم وبات أكثر من ثمانين في المئة من السكان تحت خط الفقر، كما فقدت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار.