"النينو" تدعم مفاوضات "COP28".. كيف؟
يبدو أن العالم مقبل خلال شهور الصيف على تحطيم الأرقام القياسية في درجات الحرارة.
لم يكد ينته شهر يونيو/حزيران 2023، على تحطيم الرقم المسجل لأكثر شهور يونيو حرارة، منذ أن بدأت خدمات تسجيل الأرصاد الجوية أواخر القرن التاسع عشر، حتى جاء الأسبوع الأول من شهر يوليو/تموز الجاري، ليكشف عن أن هذا الشهر قد يحطم المزيد من الأرقام القياسية.
- العرب على خط المواجهة.. دقت ساعة "النينو"
- "الابتكار" سلاح جمعية الإمارات للطبيعة لتحقيق الحياد المناخي
ووفق تقرير صادر في 6 يوليو/تموز عن خدمة "كوبرنيكوس" لتغير المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي، كان متوسط درجات الحرارة العالمية في شهور يونيو/حزيران الماضي، أكثر سخونة بمقدار 2.5 درجة فهرنهايت ( 1 فهرنهايت يعادل 17.22 درجة مئوية)، قياسا بشهور يونيو/حزيران في السنوات السابقة منذ بدأت خدمات التسجيل، وبعد يوم واحد من هذا التقرير، كانت أرقام منظمة الأرصاد الجوية على موقعها الإلكتروني تشير إلى أن شهر يوليو/تموز 2023، قد شهد خلال أسبوعه الأول وصول متوسط درجة الحرارة في العالم إلى مستوى قياسي جديد ثلاث مرات.
وفي 3 يوليو/تموز، كان متوسط درجة الحرارة العالمية ( 62.6 درجة فهرنهايت)، ثم ارتفع إلى ( 62.9 درجة) في 4 يوليو/تموز، وهذا أعلى بنحو نصف درجة فهرنهايت من الرقم القياسي اليومي السابق المسجل في 14 أغسطس/آب 2016، ثم يوم الخميس 6 يوليو/تموز، تم كسر الرقم القياسي مرة أخرى عندما بلغ متوسط درجة الحرارة العالمية ( 63 درجة فهرنهايت).
آلية حساب متوسط الحرارة
ويجمع متوسط درجة الحرارة العالمية بين درجات حرارة جميع الأماكن الساخنة، وجميع الأماكن الباردة، وجميع الأماكن الواقعة بينهما، وهو مقياس مهم جدا للتغيرات التي تحدث على الأرض، كما تقول وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على موقعها الإلكتروني في إجابتها على سؤال يتعلق بأسباب إعطاء العلماء أهمية لأي زيادة، ولو طفيفة في متوسط درجة حرارة الأرض.
وتقول الوكالة الأمريكية إن"ارتفاع درجة فهرنهايت واحدة فقط في يوم مشمس؛ حيث تعيش ليس له تأثير يذكر، لكن ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض " 1 درجة فهرنهايت" يحدث فرقًا كبيرًا على سطح الأرض".
ولا يبدو خبراء المناخ متفاجئون بهذه الأرقام القياسية التي تحققت خلال شهر يونيو/حزيران الماضي وبدايات شهر يوليو/تموز الجاري، فمع بدايات عام 2023، حذر أكثر من خبير أن العالم سيشهد موجات حر غير مسبوقة، بسبب تحالف تغيرات المناخ مع عودة ظاهرة "النينو" المناخية.
سيناريو 2016
وتحدث ظاهرة "النينو" المناخية، عندما تصبح المياه في شرق المحيط الهادئ الاستوائي، دافئة بشكل غير طبيعي، وتحدث كل سنتين إلى سبع سنوات، ويكون لها تأثير على دوران الغلاف الجوي العالمي.
ويقول رالف كوني، الأستاذ علوم البيئة والمحيطات بجامعة أوكلاند بأستراليا لـ "العين الإخبارية": "كان آخر تشكل لهذه الظاهرة قبل سبع سنوات، وتحديداً عام 2016، الذي كان الأكثر سخونة في العالم، لذلك كان من المتوقع عودة الظاهرة في عام 2023، وبدأنا نتيقن من عودتها في شهر مايو/آيار، مع ظهور علامات تشير إلى أن شهر يونيو/حزيران، قد يكون موعد عودتها".
ومن العلامات التي تستخدمها وكالات الطقس حول العالم، أن تكون درجة حرارة المحيط ( 0.5 درجة مئوية)، أكثر من المعتاد لمدة شهر، ويحدث تجاوب للغلاف الجوي مع هذه الحرارة، ويجب أن يكون هناك مؤشرات على استمرار هذا الحدث، وهو ما تحقق، كما يوضح كوني .
ورغم مسئولية "النينو" عن الارتفاع القياسي في درجات الحرارة، إلا أن كوني، يؤكد على أن ذلك لا يجب أن ينسينا الدور التي تلعبه التغيرات المناخية التي تحدث بفعل الإنسان.
ويقول كوني : "قبل أن تتشكل ظاهرة النينو عانينا خلال الصيف الماضي من ارتفاعات قياسية في درجات الحرارة، وهذه كانت ترجع بشكل مباشر إلى التغيرات المناخية".
ويتوقع كوني أن يكون للتأثير الإضافي لـ (النينو) حضور في مفاوضات COP28 بدولة الإمارات؛ حيث من المتوقع أن يقود تحالف النينو مع تغيرات المناخ إلى تحطيم المزيد من الأرقام القياسية خلال عام 2023، وقد تمتد هذه التأثيرات حتى عام 2024، حيث لم تصل بعد ظاهرة النينو إلى ذروتها.
دور غازات الدفئية
ويشدد توماس سميث، عالم الجغرافيا البيئية في كلية لندن للاقتصاد في مقال نشرته دورية (نيتشر) أوائل يوليو/تموز الجاري، على الدور البشري من خلال غازات الدفيئة الإضافية في الغلاف الجوي.
ويقول إن "غازات الدفيئة تؤثر أيضا على درجات حرارة سطح المحيط، لأنها تتلقى طاقة الأشعة تحت الحمراء من الغلاف الجوي".
وتؤثر درجات الحرارة المرتفعة على المحاصيل وتزيد من خطر حرائق الغابات، كما تتسبب في وفيات نتيجة الإجهاد الحراري.
وتسببت موجات الحر الشديدة في مقتل أكثر من 44 شخصا في شمال الهند في يونيو/حزيران، و شهدت الصين أيضا موجات حرارة غير مسبوقة أدت إلى تسجيل أكبر عدد من الأيام الحارة في البلاد، وحذرت وكالة البيئة الأوروبية في يونيو/حزيران من أن جنوب أوروبا قد يشهد أكثر من 60 يوما هذا الصيف تكون فيها الحرارة خطرة على البشر.
وبالإضافة لهذه التأثيرات على اليابسة، يتوقع مدير خدمات المناخ في المنظمة العالمية للإرصاد الجوية، البروفيسور كريس هيويت، في تقرير نشره السبت 8 يوليو/تموز 2023 موقع "نيوزكليك" الهندي، أن يغذي تحالف النينو مع تغير المناخ، الحرارة في المحيطات ويؤدي إلى موجات حرارة بحرية، مما يعني امتصاص المزيد من الطاقة التي ستستمر في البقاء هناك لفترة طويلة، بما يؤثر على الحياة البحرية.
وكانت المملكة المتحدة، قد بدأت تشعر بهذه التأثيرات التي أشار إليها هيويت؛ حيث أدت درجات الحرارة المرتفعة القياسية في يونيو/حزيران الماضي إلى نفوق غير مسبوق للأسماك، كما حذر خبراء بيئيون بحسب تقرير نشرته السبت شبكة "بي بي سي"، من أن درجات الحرارة المرتفعة تهدد بقاء الحشرات على قيد الحياة، والتي كانت تتغذى على النباتات التي ذوت بفعل الحرارة.
صافي صفر من الانبعاثات
ولا تملك البشرية من حل تحت أيديها سوى العمل على وقف تغيرات المناخ بفعل النشاط البشري، كما يقول أحمد الدروبي، مدير الحملات الدولية بشبكة العمل المناخي.
ويوضح الدروبي في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، أن ذلك يتحقق عندما تنجح حكومات العالم في الوفاء بإلتزامها نحو تحقيق الهدف العالمي، المتمثل في تحقيق (صافي صفر) من الانبعاثات الكربونية.
ويضيف أنه "عندما نصل إلى تلك النقطة، سيظهر تأثير ذلك بشكل واضح على درجات الحرارة، ونستطيع حينها التخفيف من الشعور بآثار ظاهرة النينو، لذلك من المتوقع ان يكون لتأثيرات تلك الظاهرة حضور قوي في مفاوضات ( كوب 28 ) في دولة الإمارات".