الخطط الفنية.. من رقعة الشطرنج إلى ملاعب كرة القدم
مارسيلو بيلسا، بيب جوارديولا، أريجو ساكي، بهذه الأسماء وبغيرها تحول لاعبو كرة القدم من أشخاص على أرض الملعب إلى أحجار على رقعة الشطرنج.
الأمر لا يبدو غريبا على الإطلاق، ففرق كرة القدم من خلال مدربيها تبحث من وقت لآخر عن أساليب جديدة للتطور، لا سيما في ظل التحديثات الهائلة التي تطرأ على الجوانب التكتيكية في عالم كرة القدم، والتي لا يجدي معها الثبات نفعا.
من الشطرنج إلى الملعب
في العديد من الفرق، يبدو اللاعبون كأحجار على رقعة الشطرنج، يحركهم مدربوهم كما يريدون من أجل الحصول على أفضل نتيجة ممكنة، ولعل نادي إلتشي الإسباني استلهم تلك الفكرة ليحولها إلى حقيقة على أرض الملعب.
فريق إلتشي الإسباني الشهير قام مؤخراً بالبحث عن سبب جديد للتطور، يتمثل في الاعتماد على لعبة الشطرنج داخل ملاعب كرة القدم، في ظل التشابه بين التحركات العسكرية وتكتيكات كرة القدم، من حيث القدرة على حل المواقف الصعبة عند مواجهة الخصوم.
إدارة إلتشي اعتمدت في تطوير فرق الشباب والناشئين بالنادي على برنامج "جول أند تشيك"، والذي صممه مدير الأكاديمية في النادي جورجي رافو، ويهدف لتعليم اللاعبين طرقا جديدة للتفكير وحل المشكلات التي يواجهونها، مما يمنح النادي ميزة إضافية عن المنافسين القادمين من بلدان أخرى.
كرة القدم وإن بدت لعبة بدنية يقاس عمل اللاعبين فيها بعدد الكيلومترات التي ركضوها على مدار المباريات، عكس الشطرنج لعبة الذكاء الذهني، إلا أن هناك بعض أوجه التشابه بينهما فيما يخص التكتيك واستراتيجية اللعب، ومن هنا قرر رافو تطبيق مجموعة من مناهج الشطرنج على لاعبي فريق الشباب بالنادي.
وفسر إلتشي في بيان رسمي سبب السير في هذا الاتجاه: بقوله: "في الشطرنج هناك قطع عديدة ولكل قطعة مكان محدد واحتمالات محدودة للحركة، وهذا أيضاً يحدث في كرة القدم، هناك لاعبون على أرض الملعب يقفون في أماكن مختلفة، ولكل منهم وظائف".
البرنامج يضم 400 لاعب و23 فريقاً شاباً، ويهدف إلى إيجاد أدوات تعليمية جديدة لتحقيق أهداف النادي، لا سيما أن رافو لديه خبرة سابقة في العمل مع أندية كبرى مثل بوكا جونيورز الأرجنتيني وشاختار دونستيك الأوكراني.
أحجار على ملعب الكرة
رافو شرح كيفية تطبيق تعليم الشطرنج وتحركاته على أرضية ملعب كرة القدم، قائلا: "البرنامج يعتمد على توفير الأدوات للاعبين والمدربين بشأن مجموعة مفاهيم تكتيكية مشتركة لتطوير الذكاء الخططي والتكتيكي لهما".
وأسهب: "كرة القدم والشطرنج يستهدفان معالجة الضغط والبحث عن طرق للهروب منه عبر اتخاذ قرارات صحيحة، ويتوجب بناء على ذلك فهم التكتيكيات الخاصة للتفوق على الخصوم، كيف تصعد للمساحات الموجودة في صفوف الخصم كي تهزمه".
وأقر مدير أكاديمية إلتشي أن لاعبي فريقه لم يكن لديهم الكثير من المعلومات عن الشطرنج في بداية الأمر، ولكن بمرور الوقت كان هناك تأثير ملحوظ عليهم مع تطبيق البرنامج فيما يخص مستويات الانتباه ووقت اتخاذ القرار والتوقع والاندفاع.
وأوضح: "قبل إطلاق البرنامج كان هناك 10% فقط يعرفون اللعبة، ولكن الآن زادت النسبة وبات الإبداع والخيال عناصر محفزة للاعبين على تقديم المزيد".
من جهته، قام النادي الإسباني بالتواصل مع معلم لعبة الشطرنج، جوستافو جوالدوني، لتصميم مصطلحات مشتركة تصلح للمجالين، ومنها: التوافق وخلق المساحات والسيطرة على المنتصف والعرقلة وتقديم الدعم.
في النهاية، شدد رافو على أن هذا البرنامج سيؤتي ثماره في المستقبل، مؤكداً: "سيكون للاعبين القدرة على التعامل مع الضغط وجميع عوامل التشتيت لاتخاذ القرارات الحاسمة والخروج من المواقف الصعبة، إدخال الشطرنج أدى لحسن الفكر التكتيكي للاعبين".