أزمة انتخابات الصومال.. أطماع فرماجو تؤجج الخلافات
قطعت الانتخابات الصومالية شوطا كبيرا لكن أطماع الرئيس عبدالله فرماجو رغم التوصل لاتفاف سياسي مع المعارضة فجرت الخلافات.
ويتكون الاتفاق من 15 بندا، وحدد إجراء الاقتراع غير المباشر في الانتخابات بالنظام العشائري المعروف 4.5 لتقاسم السلطة في الصومال منذ عام 2000، وتحديد 11 مركزا للاقتراع بوقع 2 لكل ولاية من الولايات الخمسة إضافة إلى العاصمة مقديشو.
ورحبت المكونات السياسية الاتفاق لكن البروتوكولات التنفيذية للاتفاق أضحت نقطة انطلاق احتقان سياسي بين الحكومة والمعارضة بعد محاولات من الرئيس فرماجو استغلال حملة إعادة انتخابه لولاية ثانية في المسار التنفيذي للانتخابات
نزاهة لجان الانتخابات
كما ينص الاتفاق السياسي على تعيين لجان انتخابية على المستوى الفيدرالي الحكومي والإقليمي للولايات، فضلاً عن قيام الحكومة بتعيين ثلاثة لجان وهي لجنة الانتخابات الفيدرالية ولجنة حل النزاعات إضافة إلى لجنة تنظيم انتخابات أرض الصومال.
أما على مستوى الولايات فتعين كل ولاية من الولايات الخمسة (هيرسبيلى، غلمدغ، جوبلاند، بونتلاند وجنوب غرب الصومال) مفوضية محلية لإدارة مقاعدها النيابية بالبرلمان الفيدرالي، على أن تكون مكونة من 11 عضو بواقع ثلاثة للحكومة الفيدرالية كما أن للولايات أعضاء يمثلون في اللجان الفيدرالية.
وعينت الحكومة الصومالية وثلاثة من الولايات الخمسة مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لجان الانتخابات وسط اعترض المعارضة الصومالية متهمة تلك اللجان بعدم الحياد والاستقلالية.
كما اتهمت المعارضة اللجان المعينة من قبل الحكومة بأنها تضم أنصار الرئيس الصومالي ومنتسبي جهاز المخابرات وموظفين حكوميين، بينما ولايتي جوبلاند وبونتلاند رفضا تعيين لجانهما المحلية اعتراضا على نزاهة اللجان الحكومية .
ويرى المحلل السياسي الصومالي يوسف عبدي، أن نزاهة لجان الانتخابات جوهر الخلاف بين الحكومة والمعارضة وأن التوافق في البروتوكول التنفيذي يبدأ بإقناع الأطراف على اللجان .
وقال في حديث لـ"العين الإخبارية" إن فرماجو يسعى للحصول على مكسب من وراء الانتخابات في كل أربع سنوات مرة واحدة خلال العقدين الماضيين .
وأوضح يوسف، أن الهدف من إحداث كل هذه الضجة هو كسب الوقت والحصول على تمديد يحاول التنصل من ورائه الخلاف السياسي على الانتخابات العامة.
قضية غدو
"غدو" محافظة صومالية تقع على جنوب البلاد، وهي إحدى ثلاث محافظات تتكون منها ولاية جوبلاند الصومالية، وفي أغسطس/آب 2019، وأجرت الولاية انتخابات محلية فاز فيها الرئيس الحالي للولاية أحمد مدوبي، المعارض في توجهاته السياسية للرئيس عبد الله فرماجو .
وعقب ذلك بدأ فرماجو إرسال القوات الحكومية إلى الإقليم وطرد الإدارة المحلية التابعة للولاية وتعيين إدارة أخرى بالمخالفة للدستور الصومالي المؤقت، إذ تتطلب كل هذه الخطوات تنسيقا الحكومة الفيدرالية مع الولاية عند اتخاذ مثل هذه الخطوات في جو من التوافق.
لكن الأمر الذي فجر قضية المحافظة بوجه الانتخابات العامة، وجعلها قضية أساسية في الخلاف المشتعل بين فرماجو وولاية جوبلاند، أن الاتفاق السياسي للانتخابات ينص على أن مركز محافظة غدو مدينة غربهاري أحد مراكز الاقتراع لانتخاب 16 مقعدا في البرلمان الصومالي المقبل، ويحاول فرماجو اختطاف تلك المقاعد بينما تشترط الولاية عودة حكم المحافظة إلى حضنها الإداري لإجراء تلك الانتخابات .
ويرى المحلل السياسي الصومالي عبد الوحد عمر، أن غدو قضية يجب أن يحل بحل وسط بين رغبة فرماجو ومطالب الولاية التي يرى أنها مشروعة .
واقترح عبدالواحد في حديث لـ "العين الإخبارية" إيجاد قنوات حوار إيجابية بين فرماجو ورئيس الولاية أحمد مدوبي حتى لا تشكل القضية قنبلة في وجه الانتخابات العامة وتقود المشهد الصومالي إلى انقسام يقود الوضع إلى نفق مظلم .
الحلول
وعمن اقتراحات حلول للخروج من الأزمة، اتفق المحللان الصوماليان على أن جوهر الخلاف يدور في فلك البروتوكولات التنفيذية، وهو الاتفاق السياسي الذي وضع الخطوط العريضة للانتخابات.
واعتبر يوسف عبدي أن أزمة نزاهة لجان الانتخابات مفتعلة من الحكومة لإحداث هزة في المشهد لتمرير أجندات أخرى قد تكون مجهولة وإشغال الرأي العام ما يمهد عدم سماع أصوات المعارضة السياسية، ومن ثم استفراد فرماجو بقرارات مسار الانتخابات .
ودعا "يوسف" لحل جميع لجان الانتخابات غير التوافقية وبناء بروتوكولات تنفيذ الاتفاق السياسي عبر اجتماع بين الرئيس فرماجو ورؤساء الولايات الإقليمية .
وعن قضية "غدو" فاعتبر "يوسف" أن التواجد الحكومي في المحافظة غصبا عن إرادة الولاية التي تتبعها المحافظة دستوريا أمر غير مقبول، ويطالب إجلاء القوات التابعة لفرماجو ورئيس مخابراته فهد ياسين من المنطقة قبل فتح الحوار بين الولاية والحكومة.
عبدالواحد عمر يرى أن حل قضية غدو يكمن في استمرار تواجد القوات الحكومية بشرط توقفها عن التدخل في الشؤون السياسية والإدارية للمحافظة وإعادة السلطة التابعة للولاية إلى المنطقة كإجراء بناء الثقة وإبداء حسن النية من قبل فرماجو .
أما نزاهة الانتخابات فأعرب "عبدالواحد" عن أمله في التوصل إلى وفاق بين الأطراف السياسية قبل انتهاء يناير/كانون الثاني الجاري.
وطالب بإجراء تعديلات على الشخصيات التي تتهمها المعارضة الانتماء لجهاز المخابرات أو موظفي الخدمة المدنية وأنصار الرئيس فرماجو المعروفين في قوائم اللجان ونشر سيرهم الذاتية لجميع أعضاء اللجان لغلق هذا الملف نهائيا .