أذرع إيران والصدر.. نزال على حلبة "التشكيك" في انتخابات العراق
خيم الغموض على مستقبل العراق مع احتدام الصراع بشأن نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبينما أعلنت مفوضية الانتخابات إلغاء نتائج مراكز انتخابية في 6 محافظات، تنظر الهيئة القضائية بالمفوضية دعوى ضد نتائج الاقتراع التي أظهرت تصويتا عقابيا ضد المليشيات الموالية لإيران.
ومع بدء العد التنازلي لإعلان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية العراقية، تتصاعد حدة التصريحات بين التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، الذي حافظ على موقعه في البرلمان، وقوى الإطار التنسيقي المقرب من إيران التي منيت بخسارة فادحة متخلية عن وصافتها لتتذيل قائمة القوى البرلمانية في الاستحقاق الماضي.
ومع فشل وساطات التقريب بين الصدر وقوى الإطار التنسيقي التي تجري منذ نحو شهر، تقترب العملية السياسية في العراق من الانسداد والذهاب نحو "الخيارات المميتة"، كما يقول المحلل السياسي إحسان عبدالله.
ويؤكد عبدالله، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "الصدر وغريمه في انتخابات 2021 أصبحا على طرفي نقيض على مستوى المشروع الوطني ومفهوم بناء الدولة".
ويلفت إلى أن "قرار الهيئة القضائية بإلغاء النتائج في بعض المراكز والمحطات الانتخابية يأتي في ضوء الضغوط التي تمارسها الفصائل المسلحة لإنعاش حظوظها التي تراجعت في الانتخابات الأخيرة".
وتراهن القوى الخاسرة في الانتخابات على إعادة الفرز لكسب مزيد من المقاعد التي قد تقلل من فداحة خسارتها، ما دعا الصدر للمسارعة بالتحذير من التلاعب في "عدادات النتائج".
وقال الصدر في تغريدة "إننا ندين ونشجب كل الضغوطات السياسية والأمنية التي تتعرض لها المفوضية من أول يوم من عملها وإلى يومنا هذا، بل وإنني أقف إجلالاً واحتراماً لمواقفها المهنية والنزيهة".
وشدد الصدر على ضرورة عدم التدخل في عمل القضاء والمحكمة وفي تصديقها على النتائج التي "يريد البعض تغييرها ليمكنهم مجاراة (الكتلة الأكبر) ليتمكنوا من تعطيل (حكومة الأغلبية) التي استاؤوا من بوادر إشراقاتها".
وكان الصدر طرح قبل أيام رؤية تضمنت طرحاً سياساً في الذهاب نحو حكومة "أغلبية وطنية"، كما دعا إلى حل الفصائل والمليشيات ونزع أسلحتها كشرط للتفاوض معها بشأن تواجدها في المشهد المقبل.
من جانبه، قال المحلل السياسي مناف الموسوي إن "ضغطا يمارس على المفوضية والمحكمة الاتحادية والحديث عن أدلة قاطعة من بعض الخاسرين بشأن طعون تزوير وتلاعب تؤكد أنها تمارس التهديد كونها تبت في قطعيتها وتضع نفسها محل القضاء".
ويضيف الموسوي، لـ"العين الإخبارية"، إن "القوى الخاسرة تحاول الضغط عبر الطعون، وهي تدرك جيداً ان النتائج سيصادق عليها بغية الحصول على مكتسبات سياسية تناسب طموحها".
ويشدد الموسوي على أن "القوى الإطارية تمارس عملية الاعتراض لتأخير إجراءات المصادقة على النتائج لأنها تعرف جيداً أنه إذا ما تم الإعلان النهائي ستكون ملزمة بتوقيتات دستورية غير قابلة للثني والكسر مما يدفعها لرفع راية الاستسلام".
وإذا ما كان هنالك ضوء في نهاية النفق، يلفت الموسوي إلى أن العراق اليوم أمام إشكاليتين رئيسيتين، الأولى، أن الانتخابات جاءت مبكرة استجابة لاحتجاجات شعبية غاضبة، وبالتالي فإن الجماهير تريد تغيراً كبيراً وواضحاً في البنية السياسية يتمثل بانتهاء حكومات المحاصصة والتوافق والذهاب باتجاه الأغلبية الوطنية".
والإشكالية الثانية، بحسب الموسوي، تتمثل برفض القوى الخاسرة لنتائج الانتخابات والرغبة في عدم الذهاب إلى مقاعد المعارضة النيابية، لافتاً إلى أن "كفة القواعد الجماهيرية هي من سترجح في الآخر وتجبر صناع المشهد إلى الخضوع لنتائج أكتوبر".
من جانبه يقول الأكاديمي والمحلل السياسي، غالب الدعمي، أن "هنالك شرخاً واضحاً وكبيراً بين طرفي الصراع في المشهد الانتخابي، الصدر وقوى الإطار، وقد ظهر ذلك واضحاً من خلال التصريحات والخطابات السابقة وبالتالي فإن المعالجات والحلول ليست بالأمر السهل واليسير".
ويوضح الدعمي لـ"العين الإخبارية" أن "الخروج من تعقيدات الصراع بين الفائز والخاسر لن تحل بدون أن يكون هنالك تضحيات ومنافع تتمثل في تنازل الطرفين عن بعض المكتسبات".
وبشأن إلغاء نتائج الانتخابات في المراكز المطعون عليها، يؤكد الدعمي "لن يكون هنالك تغير كبير يصل إلى حد إزاحة الفائزين عن التصدر أو اقتراب الخاسرين من المنافسة".
وينتظر العراقيون والقادة السياسيون إعلان المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات النتائج النهائية للانتخابات، بعد إكمالها إجراءات العدّ والفرز اليدوي لبعض المحطات وكذلك النظر والتدقيق في الطعون الانتخابية التي قدمتها بعض الكتل السياسية حول النتائج الأولية التي تم الإعلان عنها.
وأجرى العراق في الـ 10 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انتخابات تشريعية مبكرة استجابة لاحتجاجات شعبية عمت البلاد في خريف 2019 تنديداً بسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والفساد المستشري في البلاد.
وعقب إعلان النتائج الرسمية الأولية للانتخابات البرلمانية المبكرة تراجع مستوى التمثيل النيابي لأحزاب تقليدية وأخرى ممثلة لمليشيات مسلحة، في المقابل صعدت أحزاب ناشئة وشخصيات مستقلة بنحو 40 مقعداً، بجانب زيادة مقاعد الكتلة الصدرية (73 مقعداً) بواقع 19 مقعداً، مقارنة بانتخابات 2018 (54 مقعداً)، وكذلك ائتلاف دولة القانون الذي زادت حصته 12 مقعداً لتصبح 37.