كابوس "اليمين المتطرف" يؤرق "جنة المهاجرين" في أوروبا
يبدو اليمين المتطرف قريبا من إحداث زلزال في السياسة السويدية، في محاولة لاستعادة السلطة بعد ثماني سنوات في المعارضة، وسط مخاوف تؤرق اللاجئين في "جنة المهاجرين".
وأمس الأحد، دُعي أكثر من 7 ملايين ناخب في السويد، إلى صناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم، في استحقاق يشي بمشهد سياسي غير مسبوق وخريطة جديدة في هذا البلد الأوروبي.
مشهدٌ محتمل بدت مؤشراته تقود هذا الصباح، نحو حكومة مدعومة من حزب "الديمقراطيين السويديين"اليميني المتطرف المناهض للهجرة، ما لم تخلف النتائج الظنون ويفوز اليسار بولاية ثالثة.
وغداة الانتخابات البرلمانية، أظهرت النتائج الأولية غير الرسمية- بحسب صحف غربية بينها "الجارديان" البريطانية، أن كتلة اليمين المكونة من أربعة أحزاب، تقدمت على مجموعة يسارية برئاسة رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها ماجدالينا أندرسون.
ويضم تكتل اليمين "ديمقراطيي السويد"، وحزب المعتدلين (محافظ)، والحزب المسيحي الديمقراطي، والحزب الليبرالي.
انتخابات هيمنت عليها ملفات الهجرة والجريمة، وارتفاع التضخم، وأزمة الطاقة في أعقاب أزمة أوكرانيا.
اليمين عينه على الحكومة
ووفق النتائج الأولية غير الرسمية، أصبح "الديمقراطيون السويديون" ثاني أكبر حزب في البلاد بينما اتجهت الكتلة اليمينية الأوسع نحو الفوز على يسار الوسط الحالي.
وأشارت استطلاعات الرأي التي أجريت ليل الأحد في البداية، إلى فوز الحزب الاشتراكي الديمقراطي (الحاكم) وحلفائهم من يسار الوسط بفارق ضئيل، ولكن مع احتساب الأصوات تأرجح العدد نحو اليمين.
وبعد فرز أكثر من 90٪ من الأصوات، حصلت الكتلة اليمينية المكونة من أربعة أحزاب على نصيب من الأصوات يعادل 176 من أصل 349 مقعدا في البرلمان ، فيما تراجعت كتلة اليسار عن 173 مقعدا، وفق ما ذكرته وكالات أنباء عالمية وتقارير إعلامية غربية.
ومع توجه الناخبين لصناديق الاقتراع، يوم أمس، قال جيمي أوكيسون، زعيم حزب "الديمقراطيين السويديين" المناهض للهجرة: "هدفنا هو الجلوس في الحكومة. هدفنا حكومة أغلبية. إنها تبدو جيدة جدا الآن ".
وفي وقت مبكر من اليوم الإثنين، صرح أوكيسون، بأن الكتلة اليمينية للأحزاب السياسية من المرجح أن تتجه للفوز.
وأضاف في خطاب أمام أعضاء الحزب: "في الوقت الحالي يبدو أنه سيكون هناك تغيير في السلطة".
أندرسون تتحسس مصيرها
أما رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ماجدالينا أندرسون، فيبدو أنها كانت تتحسس النتيجة، فأخبرت مؤيديها، مساء الأحد: "لن نحقق نتيجة نهائية الليلة".
لكن أندرسون ، 55 عاما ، دعت السويديين إلى "التحلي بالصبر" و "ترك الديمقراطية تأخذ مجراها".
وفي اليوم الأخير من الحملة الانتخابية، أبدت مخاوفها بقولها: "بالطبع أخشى قيام حكومة تعتمد بشكل تام على ديمقراطيي السويد بصفتهم الحزب الأول في الحكومة أو الداعم الأول لها"، مضيفة "ستكون لدينا سويد مختلفة لأربع سنوات".
وقبل أقل من عام، أصحبت أندرسون، وهي اقتصادية، أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في السويد، وقادت محاولة بلادها التاريخية للانضمام إلى الناتو بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ويعتبر زعيم المعتدلين، أولف كريسترسون، منافسها الأساسي، حيث يرى نفسه الشخص الوحيد الذي يمكنه توحيد اليمين وإزاحتها.
ومن أجل الظفر بولاية ثانية كرئيسة للوزراء، تحتاج أندرسون إلى الحصول على دعم من حزب الوسط واليسار ، وهما متضادان أيديولوجيا ، وربما حزب الخضر أيضا.
وتقليديا، يعود منصب رئاسة الحكومة في السويد إلى الحزب الأول في التحالف المنتصر.
لكن أحزاب اليمين التقليدي تعارض تكليف وزراء من حزب "الديمقراطيين السويديين"، وستعارض بشدة أكبر توليهم رئاسة الوزراء.
ومن أجل تعيين رئيس للوزراء، لابد من حصوله على غالبية مطلقة من الأصوات المؤيدة، شرط ألا يصل عدد المعارضين له لـ 145 صوتا.
"الديمقراطيون السويديون" في سطور
فـ"الديمقراطيون السويديون" الحزب الشعبوي المناهض للهجرة، انبثق من حركة النازيين الجدد في السويد، منتصف التسعينيات ولا يزال يكافح للتخلص من اتهامات التطرف.
وعاملته أحزاب أخرى على أنه منبوذ ، لكن قبل ثلاث سنوات ، تبنى حزب يمين الوسط المعتدل التعاون مع اليمين المتطرف.
ونقلت "الجارديان" عن توبياس هوبينت ، محاضر في الدراسات متعددة الثقافات في جامعة كارلستاد وأحد رواد مناهضة العنصرية: "يعتبر حزب الديمقراطيين السويديين، حاليا أكبر حزب في العالم له جذور نازية".
وأضاف "حتى إذا كان الحزب يدين رسميا جذوره الأيديولوجية العرقية ، فإن هذه الخلفية لا تزال موجودة حتى اليوم بمعنى أن الحزب لا يزال يرى نفسه على أنه القوة السياسية الوحيدة التي يمكنها إنقاذ الأغلبية من السكان البيض السويديين الأصليين."
ومع هذه النتيجة التي لم تعلن رسميا بعد، تخيم حالة القلق إزاء وضع الهجرة في السويد، البلد الذي يسمى بـ"جنة المهاجرين"، لاسيما مع صعود اليمين المتطرف.
والمؤكد بنظر صحيفة "الجارديان" البريطانية، أنه إذا ما تحققت النتيجة بفوز اليمين المتطرف، فإن الأمر سيمثل تحولا زلزاليا في بلد يشتهر بتقاليده الليبرالية.
aXA6IDMuMTI5LjYzLjI1MiA= جزيرة ام اند امز