أزمات السياسة تروض فيضانات درنة.. ليبيا إلى المربع الأول
اكتسح فيضان كارثي مدينة درنة الليبية مخلفا مئات القتلى، في البلد المنقسم، لكن المأساة لم تحرك على ما يبدو مياه السياسة الراكدة.
وقبل يومين أقر البرلمان الليبي المنتخب بالإجماع قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، دون تعديل في نصوص تسمح للعسكريين ورموز نظام العقيد الراحل معمر القذافي بالمنافسة في الانتخابات.
وكانت القضية محور خلاف سابق حال دون إجراء الاستحقاق الدستوري الذي طال انتظاره في البلاد.
وقال المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، فتحي المريمي، إن قوانين الانتخابات لا تمنع أحدا من الترشح، والشعب الليبي هو الفيصل، مؤكدا أنه من يريد أن تكون ليبيا دولة مؤسسات وقانون، فعليه أن يتجه إلى صندوق الاقتراع ويصوت في الانتخابات.
وأشار المريمي في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى أن ليبيا تمر بمرحلة استثنائية، ولا بد من مراعاة الجميع وفتح الفرصة للجميع، ومن تثبت جدارته من خلال صندوق الاقتراع، سواء كان مدنيًا أو عسكريًا، سيكون رئيسًا للبلاد.
وأوضح أن الأيام والأسابيع المقبلة ستشهد إحالة القوانين للمفوضية العليا للانتخابات لوضع الترتيبات اللازمة والإعلان عن موعد الاستحقاق الدستوري، لافتا إلى أن المجلس لديه خطة موضوعة وخارطة طريق تبدأ بتشكيل الحكومة ثم إحالة القوانين إلى مفوضية الانتخابات.
ولفت إلى أنه سيتم النقاش حول تشكيل حكومة واحدة على مستوى ليبيا، بين مجلسي "النواب والدولة"، قبل نشر قوانين الانتخابات في الجريدة الرسمية، موضحا أن مجلس النواب سيتواصل مع مجلس الدولة، للعمل على ما تم الاتفاق عليه بشأن إصدار قوانين الانتخابات، وتشكيل حكومة موحدة.
ولا تزال حكومتان تتنازعان السلطة في ليبيا واحدة في الشرق عينها البرلمان وأخرى ترفض تسليم السلطة بعد انتهاء ولايتها.
وأكد المريمي أن اتفاق مجلسي "النواب والدولة" يُمهد الطريق لتخطي إشكالية وجود حكومتين في ليبيا، مشددا على أن عددا من الدول الكبرى تؤيد إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة واحدة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرهما من الدول.
وتابع أن المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة سوف يؤيدان الحكومة المقبلة عقب تشكيلها من المجلسين.
من جانبه، حذر الدكتور محمد الزبيدي أستاذ القانون الدولي من عقبات في طريق الاستحقاق الدستوري مشيرا إلى أنه لا بد من وضع لائحة تنفيذية لقانون الانتخابات.
وأوضح أن الأزمة تكمن في الإجابة عن السؤال بشأن من يضع اللائحة التنفيذية؟ وتساءل: "هل يضعها البرلمان أم مفوضية الانتخابات، وهل يمكن ضمان أن اللائحة التنفيذية تضع شروطا لإقصاء البعض من خوض المنافسة؟".
كما لفت أستاذ القانون الدولي إلى الصعوبات التي يمكن أن تواجه البرلمان في تشكيل حكومة موحدة في ظل ما قال إنه تمسك حكومة عبدالحميد الدبيبة بعدم تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة.
ورأى أن أولا يجب نشر القانون بالجريدة الرسمية حتى يتم العمل به، لافتا إلى أننا ننتظر تحرك مجلس النواب بنشره.
كما رأى الزبيدي أنه من الصعوبة إجراء الانتخابات في ظل بقاء قوات أجنبية في البلاد وسيطرة المليشيات على العاصمة طرابلس.
كما أشار إلى أنه حتى وإن تمكن الليبيون من إجراء الانتخابات فمن يضمن قدرة المرشح الفائز على دخول العاصمة وممارسة السلطة الدستورية.
كما أوضح أستاذ القانون الدولي أن المبعوث الأممي عبدالله باتيلي بدأ الدخول على الخط بقوله إنه سيدعو لمؤتمر دولي يجمع به الأطراف الليبية للتخطيط لإجراء الانتخابات في البلد الأفريقي ضاربا بعرض الحائط بقانون لجنة "6+6".
وقال إن باتيلي يعمل على مخطط آخر على شاكلة جنيف والصخيرات مما يضع العديد من العراقيل المختلفة سواء القانونية أو السياسية أو الأمنية أمام الانتخابات.
من جانبه رأى أستاذ العلاقات الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة درنة الليبية الدكتور يوسف الفارسي أن الحكومة الموحدة ستظل العائق حتى في الاتفاق على القوانين.
وقال الفارسي لـ"العين الإخبارية" إنه في ظل الانقسام من الصعب إجراء الانتخابات لذلك نتوقع تحركا أمميا لفرض حكومة موحدة تقود البلاد في الفترة المقبلة.
كما أشار إلى أن المشكلة في البلاد لا تزال قائمة في ظل عدم التوافق على مشاركة العسكريين ورموز النظام السابق في الانتخابات، بينما تظل تلك القوانين حبراً على ورق ما لم تُجرَ الانتخابات في ظل حكومة موحدة.
aXA6IDMuMTM3LjE2OS41NiA= جزيرة ام اند امز