أزمة كهرباء ليبيا.. أسباب عديدة ومعاناة مستمرة
"مأساة" تعيش فيها أسر ليبية في شرق وغرب وشمال وجنوب البلاد، بسبب انقطاع الكهرباء.. تعرف على تفاصيلها.
وفاة 17 طفلاً في مستشفى البيضاء بسبب انقطاع الكهرباء، بالإضافة إلى وفاة رضيعة أخرى في طرابلس لانعدام الكهرباء وانقطاعها لفترات زمنية متباعدة.. كلمات تلخص "المأساة" التي تعيش فيها أسر ليبية في شرق وغرب وشمال وجنوب البلاد.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل ما يزيد الطين بلة، تحذير الشركة الليبية العامة للكهرباء، من دخول البلاد في إظلام تام، نتيجة انقطاع الوقود عن محطة الزاوية (غرب طرابلس العاصمة).
وحذرت الشركة العامة للكهرباء من أن كميات الوقود المتوفرة بمحطتي الزويتينة والسرير لا تكفي سوى ليومين وأن تواصل عدم توفره سيؤدي إلى إظلام تام في مناطق الكفرة والواحات وإجدابيا وقمينس وسلوق إلى الأبيار.
وأعلنت الشركة العامة للكهرباء عبر موقعها الإلكتروني، الأربعاء، تخفيض إنتاجية المحطتين إلى 50% نتيجة توقف التزويد بالوقود ونقص الكميات الموجودة بها، مضيفة أن عملية التخفيض صاحبها طرح أحمال بقيمة 120 ميجاوات بالمناطق المذكورة.
وناشدت الجهات الحكومية كافة من حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي ومنظمات المجتمع المدني وأعضاء المجالس البلدية وأعيان مدينة الزاوية وأهلها بضرورة التحرك الفوري والعاجل، للعمل على فتح صمام الغاز الذي يغذي محطة الزاوية لتوليد الكهرباء غرب العاصمة طرابلس، للوضع الكارثي الذي سيحصل بعد 24 ساعة القادمة ودخول المنطقة الغربية في حالة إظلام تام، والذي سيتطلب في حالة حدوثه وقتاً لايقل عن 3 أيام لإعادة تشغيل المحطة.
فمنظومة الكهرباء الليبية تعاني عجزاً واضحاً، ما تسبب في حرمان أغلب المدن بما فيها العاصمة طرابلس من التيار الكهربائي لمدة تتجاوز أحياناً الـ20 ساعة يومياً، بحسب بيانات صادرة عن الشركة العامة للكهرباء.
انعدام الأمان والحماية لفرق الصيانة، وسرقة بعض المحطات الكهربائية وتعرضها للتخريب، فضلاً عن أزمة الوقود التي تعاني منها ليبيا البلد الغني بالنفط، كلها أسباب لكنها تدفع نحو نتيجة واحدة ألا وهي ظلام تام وحالات وفيات تسجلها بعض المستشفيات نتيجة انقطاع الكهرباء.
اعتراف رسمي بالأزمة
وكان نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، أحمد معيتيق، قال إن الشركة العامة للكهرباء تعاني مشكلة إدارية وفنية، مشيراً إلى أن المشكلات الفنية تتمثل في كون توليد الكهرباء غير كافٍ في أوقات الذروة.
وقال إن إنتاج ليبيا يغطي من 70 إلى 75% من الاستهلاك المطلوب، ويصل العجز إلى حوالي 1500 ميجاوات، حسب معيتيق، الذي توقع انخفاضه في مارس المقبل إلى 500 ميجاوات.
رصد للمعاناة
ففي وسط البلاد تمت سرقة المحطة 66 قرب سوكنة من قبل ما يعرف بـ"عصابات النحاس"، وقبل ذلك "سقوط أبراج الجبال السوداء بعد القصف الجوي"، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء على ربوع الجفرة.
وقال رئيس المرصد الليبي لحقوق الإنسان ناصر سوالم، إن 17 طفلاً توفوا في مستشفى البيضاء خلال فترة انقطاع الكهرباء، مؤكداً أن الجهات التشريعية والحكومات والمجلس البلدي مسؤولون عن هذه الوفيات.
وأشار سوالم إلى أن "المواطن البسيط في البيضاء يعاني من انقطاع الكهرباء والوقود وقلة السيولة، بالإضافة إلى تدهور القطاع الصحي".
ومن البيضاء إلى طرابلس العاصمة التي لم تكن بأفضل حال، حيث أعلن الدكتور خيري القاضي عن وفاة طفلة تبلغ من العمر أربعة أشهر بسبب الصقيع وانعدام التدفئة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وقلة غاز الكيروسين في العاصمة طرابلس.
وأوضح القاضي في تغريدة له عبر تويتر: "تزامن وصولي لشغلي في مستشفى القلب في قسم الأطفال العيادة الخارجية مع وصول أب يجري ببنته عمرها 4 شهور يلفها في بطانية، وما إن استلمتها الدكتورة وفتحت عليها لقتها ميتة من الصقع وعيونها وفمها وجبهتها زرق من الصقع حطيت يدي على جبهتها لقيتها مسقعة".
وأضاف: "لن أنسى عياط الأب والممرضات وكل من كان موجود بالقسم، البنت ماتت لأن الضي هارب عليهم الليل كله، ماتت من الصقع في بلاد قلوب مسؤوليه تجمدوا ومعاش فيه رحمة".
وقالت الشركة العامة للكهرباء، إن فترات انقطاع التيار الكهربائي عن العاصمة طرابلس باتت تصل إلى 12 ساعة يومياً متواصلة.
وإلى الزاوية، حيث قام مجموعة من شباب مدينة الزاوية (40 كيلو متراً غرب العاصمة طرابلس) أوائل الأسبوع الجاري بإغلاق صمام الغاز لمحطة الزاوية، احتجاجاً على اختطاف عدد من المواطنين بمنطقة ورشفانة.
ولم تغب مصراتة عن مشهد انقطاع التيار الكهربائي والأزمة التي يعانيها الليبيون؛ فأعلنت الشركة العامة للكهرباء انقطاع التيار عن مناطق بمدينة مصراتة لأكثر من 10 ساعات يومياً بسبب تخفيف الأحمال.
وأعلنت شركة الكهرباء الليبة فرع الجنوبية، عن دخول الجنوب الليبي في إطفاء تام، بينما تصل ساعات انقطاع الكهرباء في العاصمة طرابلس إلى 12 ساعة متواصلة.
حلول للأزمة
تعددت الحلول التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، بين محاولة إصلاح الشبكة الداخلية للكهرباء، إلى الحصول على مساعدات خارجية عبر البوابة المصرية، فضلاً عن الاستعانة بمحطات للطاقة الشمسية.
داخلياً:
أعلنت إدارة توزيع الكهرباء في المنطقة الوسطى أن فرق الصيانة العاملة على إصلاح شبكات الكهرباء في مدينة سرت تسلمت، الإثنين الماضي كمية من المواد الخاصة بأعمال الصيانة، لمواصلة أعمال إصلاح الأضرار اللاحقة بالمدينة.
وأشار مساعد مدير إدارة التوزيع، المهندس رمضان أبوشوفة إلى عودة التيار إلى المدينة وضواحيها، وأن العمل متواصل على إصلاح ما يعيق عمل الشبكة.
وأضاف أبو شوفة، في تصريحات لبوابة "الوسط" الليبية، أن فرق الصيانة العاملة بسرت أعدت مقترحات فنية للتغلب على كل الصعاب، بالرغم من الأضرار الجسيمة التي لحقت بالشبكة ومحطات الكهرباء بالمدينة.
بدورها أعلنت شركة الكهرباء في بنغازي تشغيل خط قمينس – القوارشة بعد انتهاء الصيانة، مؤكدة أنه تم صيانة الأعطال التي لحقت بمعدات محطة محولات القوارشة.
وعقدت بلدية بنغازي الإثنين الماضي، اجتماعاً لبحث أزمة انقطاع الكهرباء عن مناطق المدخل الغربي، حيث قام رئيس المجلس المحلي لتجمع الشط بزيارة لمقر ديوان بلدية بنغازي، لعرض مشكلة انقطاع التيار لمدة تجاوزت الـ6 أيام على المناطق الواقعة بالمدخل الغربي لمدينة بنغازي، ما تبين أن سبب الانقطاع يرجع إلى وجود عطب بالبرج رقم ثلاثون (30) المسؤول عن تغذية المناطق المذكورة.
كما بحث المجلس البلدي طرابلس المركز في اجتماع موسع أمس الأول الأربعاء، مع مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني والنشطاء أزمة "انقطاع التيار الكهربائي عن العاصمة طرابلس والظروف التى يعيشها المواطن جراء ذلك".
واتفق المجتمعون على عقد اجتماع موسع، الخميس، يشارك فيه أهالي سكان طرابلس "لاتخاذ خطوات عاجلة تجاه الجهات والمؤسسات الرسمية المعنية والمسؤولة إدارياً وفنياً وأمنياً عن هذا الانقطاع"، بحسب بيان البلدية عبر صفحتها الرسمية بـ"فيس بوك".
خارجياً:
أعلنت الشركة العامة للكهرباء عبر صفحتها الرسمية لموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إعادة تفعيل الربط الشبكي الليبي المصري، بقدرة 220 كيلو فولت، لدعم الشبكة الكهربائية الليبية.
وأوضحت الشركة في بيان نشرته في الأول من يناير/ كانون الثاني الجاري، أنه بدأ التنسيق في توريد طاقة كهربائية 50 ميجاوات من الشبكة المصرية، حسب موافقة التحكم المصري .
وأكدت الشركة عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أن الربط سيكون إلى حين توصيل دوائر مفصولة بمناطق السلوم - مطروح .
وكشفت منظمة الأمم المتحدة عن تركيب نظام طاقة شمسية لأول مرة في مستشفى بوسليم للحوادث والطوارئ في العاصمة طرابلس، لتوفير كهرباء لا تنقطع لغرف العناية المركزة به.
وبحسب بيان أصدرته المنظمة الأحد الماضي، فإنه سيتم تركيب أنظمة تعتمد على الطاقة الشمسية في ثلاثة مستشفيات أخرى في طرابلس وهي علي عمر عسكر للأعصاب ومركز طرابلس الطبي ومركز قرطبة للكلي.
وقالت المديرة القطرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا والذي ينفذ التركيبات نورا حملاجي، إنه بانتهاء كل الأعمال سيتمكن حوالي 50 ألفاً من المواطنين والمواطنات من التمتع بخدمات صحية كاملة في مستشفيات لا تنقطع عنها الكهرباء.
وسيمكن مصدر الطاقة النظيف هذا المستشفيات التي تطبقه من استخدام كل المعدات الطبية بفعالية ومنها أجهزة غسيل الكلي وآلات غرف الجراحة والعناية المركزة، بحسب البيان، الذي أضاف أنه تم تمويل تركيبات الألواح الشمسية وأنظمتها بواسطة صندوق الأمم المتحدة المركزي، لمواجهة الطوارئ والذي يدعم المساعدات الإنسانية العاجلة.
وكان نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، أحمد معيتيق قال: "ستنتهي أزمة الكهرباء في ليبيا مارس 2017؛ حيث سيصل العجز إلى حدود من 10 إلى 15% فقط"، ما اعتبره مشروطاً بتنفيذ مخرجات اجتماع روما الأخير الذي أسفر عن اتفاق بتسيير المصرف المركزي أموالاً للشركة العامة للكهرباء لتغطية احتياجاتها وصيانة المحطات.