الوقود الإلكتروني يحرك طائرات العالم في 2030.. ماذا عن أسعار التذاكر؟
يقول تقرير جديد لوكالة الطاقة الدولية إن استخدام الطائرات للوقود الألكتروني بنسبة 10% بحلول 2030، قد يؤثر بشكل طفيف على أسعار التذاكر.
وأكدت أن النشر السريع للوقود منخفض الانبعاثات، كالوقود الإلكتروني، خلال هذا العقد سيكون أمرًا بالغ الأهمية لتسريع عملية إزالة الكربون من قطاع النقل.
يعد قطاع النقل العالمي، بما في ذلك الطيران والشحن، مسؤولاً عن 10% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية.
يواجه العالم صعوبات كبرى في الحد من البصمة الكربونية لقطاع النقل، خاصة البحري والجوي، لأن أنظمة الدفع الخالية من الانبعاثات لا تزال قيد التطوير حتى الآن.
تشير الوكالة إلى أن الوقود الإلكتروني منخفض الانبعاثات يمكن أن يكون إضافة إلى عملية تنويع خيارات إزالة الكربون المتاحة للطيران والشحن، بجانب الوقود الحيوي.
كما يمكن أن يكون مسارا قابلا للتطبيق والتوسع بسرعة، ويحقق حصة طموحة، تبلغ 10% من وقود الطيران والشحن بحلول عام 2030، مدعوما بتوسع هائل في الكهرباء المتجددة الأرخص ثمناً، والتخفيضات المتوقعة في تكلفة المحولات الكهربائية.
- النقل والمواصلات والأزياء الصديقة للبيئة.. حل عملي للحفاظ على الكوكب
- هكذا تؤثر حماية البيئة على توافر فرص العمل
ما هو الوقود الإلكتروني؟
يعرف الوقود الإلكتروني الكربوني السائل بأنه وقود اصطناعي خالٍ من الانبعاثات، ينتج عن طريق الجمع بين الهيدروجين الأخضر، وثاني أكسيد الكربون المحتجز من الصناعات المختلفة.
يبدأ إنتاج الوقود الإلكتروني بعملية التحليل الكهربائي التي تقسم المياه إلى هيدروجين وأكسجين، ثم يخلط الهيدروجين مع ثاني أكسيد الكربون لتكوين الوقود الإلكتروني على شكل سائل.
يمكن تكرير هذا الوقود لاحقاً إلى البنزين الإلكتروني والديزل الإلكتروني والكيروسين الإلكتروني والميثانول الإلكتروني، من بين المشتقات الأخرى التي لها أغراض تجارية مماثلة لتلك الخاصة بالوقود الأحفوري.
يتمتع الوقود الإلكتروني، الذي يُعرف أحيانًا باسم الوقود الاصطناعي، بالقدرة على تقليل التأثير المناخي لقطاعات النقل كثيفة الكربون بشكل كبير في وقت قصير نسبيًا.
على الرغم من أن احتراقه يُنتج تقريبًا نفس الكمية من ثاني أكسيد الكربون التي ينتجها الوقود الأحفوري، إلا أن الانبعاثات الصادرة منه محايدة للكربون.
حتى الآن، لا يزال إنتاج الوقود الإلكتروني محدودًا للغاية، بسبب ارتفاع ثمنه واستهلاكه الكثير من الطاقة، ويستخدم حاليا في السيارات الفاخرة ببعض الدول.
لماذا هو الحل؟
في حين تتوفر فرص كبيرة لتخضير قطاع النقل البري عبر استخدام الكهرباء، السيارات الكهربائية على سبيل المثال، لا يزال قطاعا الطيران والشحن البحري يعتمدان بشكل أكبر على الحلول المعتمدة على الوقود لإزالة الكربون، مثل الوقود الحيوي والإلكتروني.
وذلك لأن استخدام أنظمة الدفع المكهربة في الطائرات والشاحنات الثقيلة والقاطرات والسفن ذات الحجم الكبير، يتطلب عددا كبيرا من البطاريات الكهربائية، في الوقت الذي لن تتحمل فيه هذه المركبات الوزن الضخم لهذا الكم من البطاريات.
وحتى لو طور الخبراء نظام دفع جديد خالٍ من الانبعاثات ومناسب لهذا القطاع في المستقبل القريب، فلن يتمكن العالم من إيقاف تشغيل جميع المركبات الموجودة بالفعل فجأة، بسبب التكلفة العالية.
لذا، ستحتاج هذه القطاعات إلى استخدام الوقود السائل لتشغيل العديد من الشاحنات الثقيلة باهظة الثمن، والقاطرات، والسفن، والطائرات طويلة العمر، وما إلى ذلك، لسنوات عديدة وحتى عقود قادمة.
على إثر ذلك، فإن الوقود الإلكتروني المستدام والوقود الحيوي هما الطريقتان الوحيدتان، حتى الأن، لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاعات النقل الجوي والبحري.
من هنا تأتي أهمية الوقود الإلكتروني الملحة كخيار أساسي لقطاعات النقل خلال السنوات المقبلة، نظرًا لأنه يوفر مصدرًا أكثر قابلية للتطوير من الطاقة المتجددة مقارنة بمواد الكتلة الحيوية المستخدمة في الوقود الحيوي.
ينتج وقود الديزل والإيثانول الحيوي من الزيوت النباتية المكررة والذرة على التوالي، مما يقلل بشكل مباشر من الإمدادات الغذائية المحتملة والأراضي المخصصة لإنتاج الغذاء، بالإضافة إلى احتمالية التسبب في إزالة الغابات وتدمير النظم البيئية.
كما أن معظم أنواع الوقود الحيوي تعتمد على محاصيل زراعية بالأساس، مما يعني أن أغلبها ليست مستدامة كما تبدو، وأثبتت تجربة التوسع في إنتاجه بالاتحاد الأوروبي أنه كان سبباً في ارتفاع أسعار الحبوب الغذائية، والبذور الزيتية، والزيوت النباتية.
لذلك، سوف يلعب الوقود الإلكتروني المستدام دورا هاما في تفكيك أزمة الانبعاثات في قطاعات النقل، لأنه بجانب حياده الكربوني، لا يحتوي على شوائب مثل المعادن الثقيلة والكبريت، مما يعني أن له تأثير إيجابي على جودة الهواء، حيث ينتج ملوثات أقل ضررًا من أي نوع وقود أخر.
بجانب ميزاته البيئية، لدى الوقود الإلكتروني ميزات اقتصادية وعملية أيضًا، أهمها أنه لن يحتاج إلى بنية تحتية جديدة لنقله أو تخزينه، ويمكنه استخدام البنية التحتية الحالية لتوزيع الوقود السائل، ومرافق التخزين، ومحطات التعبئة، وما إلى ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام بعض أنواع الوقود الإلكتروني السائل لتشغيل أسطول النقل بأكمله دون إجراء تغييرات كبيرة على أنظمة الدفع الخاصة به؛ فيما تتطلب الأنواع الأخرى، مثل الميثانول الإلكتروني، بعض التغييرات الطفيفة في تصميم أنظمة الدفع.
كما يمكن استبدال الوقود الأحفوري التقليدي بالكامل بالوقود الإلكتروني أو مزج الوقود الإلكتروني مع الوقود الأحفوري التقليدي لتلبية المواصفات المطلوبة.
مستقبل الوقود الإلكتروني
تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها الأخير بعنوان دور الوقود الإلكتروني في إزالة الكربون من وسائل النقل، إلى أنه في أفضل الأحوال، يمكن حاليًا إنتاج الكيروسين الإلكتروني لاستخدامه في الطائرات، بتكلفة 80 دولارًا لكل جيجاجول من محتوى الطاقة، أو 3500 دولار للطن.
يعادل هذا الرقم ما بين أربعة وخمسة أضعاف سعر وقود الطائرات التقليدي اليوم، والذي يتراوح بين 750 إلى 1000 دولار للطن.
تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن خفض تكلفة المحللات الكهربائية بنسبة 60% والكهرباء المتجددة بنسبة 25% من شأنه أن يؤدي إلى خفض تكلفة إنتاج الكيروسين الإلكتروني إلى 50 دولاراً لكل جيجاجول، أو 2150 دولاراً للطن، بحلول عام 2030.
سيظل الكيروسين الإلكتروني أكثر تكلفة مرتين من وقود الطائرات التقليدي، حتى مع انخفاض تكلفة الإنتاج، لكن على الرغم من ذلك، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن مزج الوقود الإلكتروني بنسبة 10٪ بحلول عام 2030 قد يكون له تأثير أكثر هدوءًا مما قد توحي به هذه الأسعار المرتفعة.
تقدر الوكالة أنه بافتراض أن وقود الطائرات الأحفوري يكلف 20 دولارًا لكل جيجاجول، فإن مزيج الكيروسين الإلكتروني بنسبة 10٪ لن يؤدي إلا إلى زيادة فاتورة وقود صناعة الطيران بنسبة 15%، على الرغم من أن هذا سيظل إجماليًا قدره 75 مليار دولار إضافية.
وبما أن الوقود يمثل ما بين 25% إلى 30% من إجمالي تكاليف الرحلة، فإن تقديرات وكالة الطاقة الدولية تشير إلى أن أسعار التذاكر لن ترتفع إلا بنسبة 5% إذا تم تمرير التكاليف المتزايدة بالتساوي إلى جميع العملاء.
تشير الدراسة إلى أن التجارب الأخيرة تؤكد أن طلب المستهلكين على السفر الجوي يتسم بالمرونة تجاه ارتفاع الأسعار، لكن الزيادة الإجمالية بنسبة 5% في سعر التذاكر يمكن أن يقلل الطلب على السفر بنسبة 0.5-0.8% فقط.
بما أن هؤلاء العملاء على استعداد بالفعل لإنفاق المزيد على تجربة سفر أفضل، تتوقع الوكالة مرونة طلب أقل حتى من فئات الحجز الأرخص، "وبالتالي فإن رفع الأسعار هنا سيكون له تأثير بسيط نسبيًا على إيرادات شركات الطيران".
aXA6IDMuMTM3LjE4MC42MiA= جزيرة ام اند امز