لم تكن "تاريخية".. جلسة البرلمان اللبناني بشأن الدعم تكشف "المستور"
تكشف الأحداث الدائرة في لبنان، أن الأزمة ليست اقتصادية بالدرجة الأولى، فالمشكلة تكمن في صراع النخبة الحاكمة في البلاد، والخاسر هو المواطن اللبناني.
الرئيس ميشال عون، وحاكم مصرف لبنان، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي والبرلمان والأحزاب، لم يتفقوا جميعا على رأي واحد، ولم يتمكنوا من وضع حل لأزمة الدعم الدائرة في البلاد.
اليوم، وجه البرلمان اللبناني صدمة قوية للرئيس ميشال عون، بعد رفض طلبه بشأن اتخاذ إجراء تشريعي بشأن دعم المشتقات النفطية.
أزمة الدعم
ويشهد لبنان أزمة كبيرة بسبب توقف البنك المركزي عن دعم المشتقات النفطية، ورفضه استخدام الاحتياطي الإلزامي إلا بعد صدور قانون تشريعي يسمح له بذلك.
وخاطب الرئيس اللبناني ميشال عون البرلمان في رسالته متحدثاً عن أن أهم المواد والسلع التي لم تعد بمتناول المواطنين والمقيمين هي المحروقات والمشتقات النفطية على أنواعها والمواد الغذائية الأساسية والعناصر الداخلة في تركيبها والأدوية والمستلزمات الطبية المستوردة من الخارج والتي كان مصرف لبنان يوفر فوارق كلفة استيرادها من العملات الأجنبية على أساس سعر الصرف الرسمي لـ"الليرة" اللبنانية أو على أساس سعر صرف يحدده مصرف لبنان ويتناسب مع متطلبات تأمين الحد الأدنى من المواد والسلع.
قرار البنك المركزي
وكان المصرف المركزيّ في لبنان أعلن في 11 أغسطس/آب، أنه سيبدأ بتأمين الاعتمادات اللازمة للمحروقات، على أساس سعر السوق لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي.
وقال حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، إن "قرار تمويل عمليات فتح الاعتمادات بأسعار معينة لتموين استيراد المحروقات يرتبط بإمكانيات مصرف لبنان"، مؤكداً أنه "لا يمكنه التراجع عن قرار رفع الدعم عن المحروقات".
وقرار المركزي أدى إلى خلاف من الرئيس عون الذي دعا مجلس الوزراء للاجتماع، لاتخاذ إجراءات بحق الحاكم، لكن رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب رفض الدعوة إلى اجتماع باعتباره مخالفاً للدستور.
البرلمان يرفض
نفس الأمر تكرر مع البرلمان اللبناني، الذي لم يقدم الجديد لحل الأزمة في الشارع اللبناني، الذي يواجه نقصا في السلع الغذائية والخبز والوقود، بالتزامن مع أزمة نقدية هي الأسوأ في تاريخ البلاد.
وعقد مجلس النواب جلسة اليوم الجمعة، ناقش فيها رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون المتعلقة بتداعيات قرار المصرف المركزي وقف دعم استيراد المحروقات ومواد حيوية أخرى.
وكان الرئيس اللبناني يسعى إلى، إقرار البرلمان ما يلزم من نصوص لتشريع استمرار دعم استيراد المحروقات على أن يتم وقف الدعم بصورة تدريجية.
لكن البرلمان اللبناني، أعلن عن أن الحل في تشكيل حكومة جديدة، وليس في إصدار تشريع.
وبعد انتهاء جلسة اليوم، قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري: "لقد بيّنت غالبية المواقف بأن موقف المجلس يتلخص في تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت وكذلك الإسراع في توزيع البطاقة التمويلية وتحرير السوق من الاحتكار" .
وليس لقرار مجلس النواب أي صفة إجرائية، إنما مجرد توصية لحث المعنيين على اتخاذ الإجراءات اللازمة، ولكن بما أن المجلس اجتمع على تحرير السوق من الاحتكار، وهو ما يعني أن أغلبية الكتل النيابية أبدت موافقتها على رفع الدعم باستثناء "التيار الوطني الحر" (حزب رئيس الجمهورية).
قنبلة موقوتة
وفي الجلسة شن رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل هجوماً عنيفاً على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة معتبراً قراره بشأن رفع الدعم مشبوه واستكمال للحصار على لبنان وبالتالي أتى بدفع من بعض القوى السياسية.
وأشار إلى أنّه لا يمكن التعاطي مع قرار الحاكم ولا حلّ إلا إلغاء هذا القرار.
وأكد أن هذا القرار يحوّل كل لبناني إلى قنبلة موقوتة.
وشهدت الجلسة مداخلات لممثلي الكتل النيابية شددت جميعها على ضرورة رفع الدفع وإطلاق البطاقة التمويلية لتعويض فرق الأسعار.
في المحصلة لم تغير جلسة مجلس النواب اليوم الأوضاع، وبقي الخلاف بين وزارة الطاقة على تسعير المحروقات وسط إعلان الشركات المستوردة نفاد مخزونها، وبالتالي سيبقى المواطن اللبناني عالقاً بين الوزارة والمصرف من دون وقود ولا كهرباء.
الجلسة كشفت عن حجم الخلاف في أوساط النخبة الحاكمة في البلاد، ولم تكن "تاريخية" كما وصفها الخبراء، قبل انعقادها.
aXA6IDMuMTQyLjI1NS4yMyA= جزيرة ام اند امز