إيلون ماسك في ميدان السياسة.. نشاط عالي المخاطر يهدد «تسلا» و«إكس»
العلاقة مع دونالد ترامب لا تضمن مصالح أغنى شخص في العالم
التحق الملياردير وقطب التكنولوجيا الأمريكي إيلون ماسك بركب السياسة رسميا عندما دعم بقوة، بالوقت والمال، الرئيس دونالد ترامب إبان حملته الانتخابية لا سيما في أسابيعها الأخيرة خلال العام الماضي.
وقال تقرير نشرته مجلة "ذي كونفرسيشن" إن ماسك أصبح واحدًا من أبرز وأهم الشخصيات المؤثرة والمثيرة للجدل في الإدارة الجديدة للرئيس ترامب. فقد أنفق على الأقل 277 مليون دولار أمريكي من أمواله الخاصة لمساعدة ترامب في الفوز بإعادة انتخابه، حيث كان يشارك في حملاته الانتخابية في جميع أنحاء البلاد.
هذا الاستثمار الكبير من الوقت والمال يطرح السؤال حول ما يأمل أغنى شخص في العالم أن يحصل عليه مقابل ذلك. وقد تساءل النقاد ما إذا كان دعم ماسك لترامب مجرد صفقة تجارية واضحة، حيث يتوقع ماسك الحصول على خدمات سياسية مقابل دعمه.
من الناحية الاقتصادية، يظل إيلون ماسك ليبراليًا من دعاة الحد الأدنى من الحكومة. فهو يدعو إلى تقليص الإنفاق الحكومي، وتقليص الضرائب، وإلغاء اللوائح التنظيمية – خصوصًا تلك التي تضع حدودًا على أعماله. ودوره الرسمي في إدارة ترامب كـ "رئيس دائرة كفاءة الحكومة"، والمعروفة أيضًا باسم DOGE، يستهدف تحقيق هذه الأهداف.
لكن يبدو أن خسائر ماسك قد تكون أكبر من المكاسب على صعيد مصالحه المباشرة ومصادر أرباحه.
السيارات الكهربائية
قبل يومين، أورد تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن بنوك وول ستريت تتوقع أن تنمو مبيعات سيارات تسلا بشكل أبطأ بكثير هذا العام مما توقعه ماسك، وذلك مع تعهد ترامب بالتراجع عن سياسات التحول الأخضر التي عززت مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة.
وفي الأسبوع الماضي، قال أمر تنفيذي إن البيت الأبيض سينظر في "إلغاء الإعانات غير العادلة وغيرها من التشوهات السوقية التي فرضتها الحكومة بشكل سيئ". وقال المحلل آدم جوناس من بنك مورغان ستانلي "إن معارضة ترامب لحوافز السيارات الكهربائية ضربت توقعات حجم المبيعات للعام الحالي".
وتوقع المراقبون أن تبيع تسلا 2.07 مليون سيارة هذا العام، بزيادة 16% عن عام 2024، لكنه أقل بكثير من 20 إلى 30% التي توقعها ماسك في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وأقل من معدل النمو السنوي للعامين السابقين البالغ حوالي 40%.
ومن ناحية أخرى، فإن تسلا ستتأثر بشدة بشكل خاص إذا ألغى ترامب ائتمانًا ضريبيًا بقيمة 7500 دولار لمشتريي السيارات الكهربائية، وهو ائتمان تستفيد منه حوالي ثلثي مبيعات الشركة في الولايات المتحدة.
وتأتي الأخبار سيئة لماسك وسط "الضغوط الأوسع على سوق السيارات الكهربائية والمنافسة الصينية وتباطؤ المبيعات".
وفي الولايات المتحدة، بلغت حصة سوق السيارات الكهربائية 8%، مقارنة بـ 7.6% في عام 2023. كما أن العداء التجاري بين ترامب والصين قد يضر بمبيعات تسلا إذ أن الصين هي ثاني أكبر سوق للشركة الأمريكية.
منصة إكس
لاحظ محللون الهجمات اللاذعة التي يشنها ماسك بين حين وآخر بحق الساسة الأوروبيين.
وقال تحليل نشرته "سي إن إن" إن العديد من قادة الاتحاد الأوروبي اتهموا ماسك بالتدخل في شؤونهم وتعزيز شخصيات خطيرة؛ فقد شن ماسك حملة شرسة وشخصية عبر الإنترنت ضد حكومة بريطانيا، وناشد بالإفراج عن ناشط من اليمين المتطرف في السجون هناك، وساند حزبًا يمينيًا متطرفًا في ألمانيا يتبنى منصة قومية متشددة ويعاني من سلسلة من الفضائح المتعلقة بآراء بعض أعضائه حول الحقبة النازية.
وفي الوقت نفسه، أثارت كمية كبيرة من المعلومات المضللة على منصة ماسك – والكثير منها ناتج عن الغضب بسبب مستويات الهجرة المرتفعة – قلق الحكومات الأوروبية. البعض في بريطانيا يلومه على المساهمة في اندلاع موجة من أعمال الشغب من اليمين المتطرف الصيف الماضي.
لكن تحليلا نشرته صحيفة الغارديان البريطانية قبل أيام كشف عن السبب الحقيقي لذلك. وقال التحليل إن ماسك يهدف إلى الضغط على السلطات البريطانية بينما يعملون على ترسيخ قانون الأمان على الإنترنت (OSA)، وهو محاولة لتنظيم المنصات الإلكترونية. وأصبح قانون OSA قانونًا في 2023 لكنه لم يُنفذ بعد عمليًا. ومن المتوقع أن يتم اتخاذ القرار بشأن كيفية تنفيذ القانون بحلول الربيع.
ويهدف قانون الأمان على الإنترنت (OSA) إلى وضع المسؤولية على عاتق منصات التواصل الاجتماعي الكبرى لمنع الأطفال من مشاهدة المحتوى الضار المحتمل، مثل المواد الإباحية والمحتوى الذي يروج للأذى الذاتي والانتحار واضطرابات تناول الطعام.
وسيتطلب ذلك أنظمة تحقق من العمر. ويجب أن يُمنح المشاهدون البالغون الوسائل لاختيار عدم مشاهدة مثل هذا المحتوى، وسيطلب القانون من الشركات التأكد من أن منصاتها لا تستضيف مواد غير قانونية، باستخدام مدونات سلوك يتم تنفيذها بشكل مستمر.
وتم تخفيف قانون الأمان على الإنترنت بشكل كبير من قبل الحكومة المحافظة قبل أن يتم تمريره قبل عامين، وفي شكله الحالي لن يفعل الكثير لوقف انتشار المعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "إكس"، التي غذت أعمال الشغب اليمينية المناهضة للهجرة في بريطانيا الصيف الماضي.
وفي البرازيل، استجاب ماسك لضغوط الحكومة ووافق على حظر حسابات "إكس" التي تُتهم بنشر المعلومات المضللة، بالإضافة إلى دفع غرامة قدرها 5 ملايين دولار.
وفي الاتحاد الأوروبي، هناك تشريع موازٍ هو قانون الخدمات الرقمية، الذي تأخر الاتحاد الأوروبي في تنفيذه. وإذا اختارت المملكة المتحدة تنفيذ قانون الأمان على الإنترنت (OSA) بطريقة حازمة، فقد يساهم ذلك في دفع الزخم العالمي لتنظيم مخرجات "إكس" ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.
ويتيح قانون الخدمات الرقمية (DSA)الأوروبي فرض غرامات تصل إلى 6% من العائد السنوي العالمي للشركات الرقمية التي تنتهك القواعد، بينما يتصور قانون الأمان على الإنترنت (OSA) غرامات تصل إلى 10% من التجارة العالمية للشركة، مع فرض عقوبات بالسجن على كبار المسؤولين التنفيذيين.
وخلال الحملة الانتخابية، حذر نائب الرئيس، جي دي فانس، من أن استمرار مشاركة الولايات المتحدة في حلف الناتو قد يعتمد على ما إذا كان حلفاؤها الأوروبيون سيسعون لتنظيم "إكس". وبهذا التصريح، فإن تفعيل القوانين قد ارتبط بالسياسة وبالضغط الأمريكي والضغط الأوروبي المضاد، لا سيما في فترة من التوترات الحالية بسبب اعتزام ترامب فرض رسوما جمركية على البضائع الأوروبية، وهو ما يتوقع ان تكون قيود "أكس" في أوروبا في قلب الأدوات الأوروبية للتعامل مع ترامب.