ماسك من ذراع ترامب اليمنى إلى «عبء سياسي».. سر التحول

بعدما كان يُنظر إليه باعتباره الذراع اليمنى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يبدو أن فترة وجود إيلون ماسك بالبيت الأبيض تقترب من نهايتها.
وبزغ نجم الملياردير الأمريكي إيلون ماسك منذ إعلانه دعم دونالد ترامب في سباق البيت الأبيض 2024، إلا أن نجمه بدأ يأفل.
من خلال قيادته لوزارة كفاءة الحكومة، وهي الوكالة الفيدرالية الجديدة كليًا والمكلفة بـ«جعل الحكومة أكثر مرونة وسرعةً وتكلفةً»، طرح ماسك خططًا ضخمة لخفض مئات الآلاف من الوظائف الحكومية وخفض الإنفاق الفيدرالي بما يصل إلى تريليوني دولار، لكنّ نهجه الذي وصف بـ«العدواني» تجاه الموظفين الفيدراليين، وهجماته المتكررة عبر منصته للتواصل الاجتماعي «إكس»، أثارا استياء أعضاء إدارة ترامب، وفقا لما ذكرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن «ماسك بات عبئا سياسيا حيث سلّط خصومه الضوء على فشله الذريع في ولاية ويسكونسن، التي أنفق فيها 20 مليون دولار على المرشحين الجمهوريين الذين هُزموا في سباق المحكمة العليا للولاية فيما اعتُبر استفتاءً على ماسك».
وفي انشقاق آخر، لجأ ماسك إلى منصة «إكس» خلال عطلة نهاية الأسبوع لانتقاد مستشار ترامب التجاري، بيتر نافارو، بسبب دفاعه عن رسوم الرئيس الجمركية.
ووفقا للمصادر، فإن ترامب لا يزال من أشد المعجبين بماسك، لكن يبدو أن الرجلين سيفترقان، رغم تبرع رئيس شركة "سبيس إكس" الضخم لحملة الرئيس الانتخابية والبالغ 288 مليون دولار.
ويبدو أن ترامب أدرك الصعوبات المحتملة مبكرًا، فوفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال" التي أشارت إلى خلافات ماسك مع رئيسة موظفي البيت الأبيض، سوزي وايلز، فإن رجل الأعمال دخل في جدال مع وزير الخارجية ماركو روبيو خلال اجتماع وزاري.
كما تردد أن العديد من مسؤولي ترامب بمن فيهم وايلز شعروا بالإحباط لعدم مشاركة ماسك خططه قبل إعلانها علنًا عما يفعله فريق الكفاءة الحكومية الخاص بوكالاتهم، ما يعني أن افتقار التنسيق سيؤدي إلى إفساد رسالة البيت الأبيض اليومية وخطط إطلاق مبادرات الإدارة.
سر التحول
لكنّ اللحظة التي أثارت صدمة واسعة ولعبت الدور الأكبر في تنحية ماسك كانت عندما ظهرت تقارير تشير إلى أنه كان من المقرر أن يتلقى قطب التكنولوجيا إحاطة حساسة من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تهدف إلى تغطية خطط الحرب الأمريكية والقضايا المتعلقة بالصين، مما أثار غضب ترامب، الذي أعرب عن "قلقه" نظرًا للوجود الكبير لشركة تسلا في الصين.
كما غضب ترامب عندما علم بحضور ماسك هذه الإحاطة دون إخباره أولًا، واعتبر مشاركة رجل الأعمال "تضاربًا محتملًا" في المصالح. وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي نفى الخبر علنًا ووصفه بأنه "أخبار كاذبة"، إلا أن المصادر أكدت لـ"وول ستريت جورنال" أنه كان غاضبًا للغاية.
وفي خطوة اعتبرها ماسك "جريئة"، قدم قطب التكنولوجيا في فبراير/شباط الماضي عرضا علنيا خلال في فعالية محافظة كبيرة، حيث صعد على المنصة حاملًا منشارًا كهربائيًا ليشير إلى جديته في الحد من الهدر الحكومي.
لكنّ العديد من حلفاء ترامب اعتبروا هذه الحيلة المذهلة "مبالغًا فيها". وحذّر السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام من أن هذه اللحظة الصادمة ستُستخدم ضد الجمهوريين في الانتخابات المقبلة.
وبسبب أسلوبه المتقلب، اكتسب ماسك سمعة بأنه يصعب التعامل معه. ويقول منتقدوه إنه لا يُقدّم تفسيرًا لأفكاره الجامحة أو تغييراته المفاجئة في توجهاته.
وبينما يُصرّ ترامب على إعجابه الشخصي بماسك، من الواضح أن علاقتهما المهنية تمر بمأزق. وذكرت التقارير أن ترامب أبلغ حكومته ودائرته المقربة أن ماسك سيتنحى عن منصبه الحكومي البارز في الأسابيع المقبلة.
لكنّ الكثيرين لا يتوقعون اختفاء ماسك تمامًا، فمن المرجح أن يظل يتمتع بتواصل منتظم مع ترامب، وأن يتلقى دعوة مفتوحة لزيارة المكتب البيضاوي، وأن يظل يقضي وقتًا ممتعًا في منتجع الرئيس في مار-ايه-لاغو، حيث يتناول الرجلان العشاء معًا بشكل متكرر.
ورغم أن ماسك رسّخ مكانته كواحد من أقوى الشخصيات في الحزب الجمهوري، مستخدمًا موارده المالية الهائلة ليجعل من نفسه قوةً لا يستهان بها، إلا أنه من المتوقع أن يستخدمه الديمقراطيون في انتخابات التجديد النصفي القادمة كشخصية مخيفة مثلما فعل الجمهوريون مع رئيسة مجلس النواب السابقة والديمقراطية البارزة نانسي بيلوسي.
وأظهر استطلاع رأي حديث أجرته شبكة "إن بي سي نيوز" أن غالبية الناخبين على مستوى البلاد (51%) لديهم نظرة سلبية تجاه ماسك، بينما ينظر إليه 39% بإيجابية.
من جهة أخرى، سيتعين على ماسك -أيضًا- التعامل مع تداعيات قرارات ترامب عند عودته إلى عالم الأعمال، وخاصة وأن شركته «تسلا» ستخضع للرسوم الجمركية على السيارات، لأن مورديها الرئيسيين موجودون في المكسيك والصين.
وقبل أيام، كتب ماسك على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقًا على الرسوم الجمركية: "من المهم ملاحظة أن تسلا لم تسلم من هذه الرسوم.. تأثير التكلفة ليس هينًا".
يأتي ذلك في الوقت الذي انخفضت فيه تسليمات تسلا العالمية للسيارات بنسبة 13% في الربع الأول مقارنة بالعام الماضي، فيما اعتبره المستثمرون إشارةً إلى رد فعل عنيف تجاه عمل ماسك الحكومي.