عيد الاتحاد الخمسين لدولة الإمارات ليس مجرد ذكرى وطنية عزيزة.
ففضلا عن كونه ملهِماً ومكرّساً لعظمة الاتحاد ومنعكساته الخالدة على مسيرة الدولة، التي تنمو يوماً بعد يومٍ بخطى ثابتة ومتسارعة، يعزز قوتها قيادة حكيمة وشعبا وفيًّا, بل إن هذا الاتحاد نقطة انطلاقٍ لرؤية إمارات الغد المشرقة والمتطلعة إلى إماراتٍ طوَت خمسين حجةً من التطور والنهوض لتبدأ خمسين جديدةً تكون فيها على رأس العالم المتحضر في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والعلمية والإنسانية والحضارية.
الآباء المؤسسون لدولة الإمارات -طيّبَ الله ثراهم- رسموا الحاضر بحكمتهم وبصائرهم الثاقبة حتى وصلت الإمارات العربية المتحدة إلى ما هي عليه, واليوم تضع قيادة الدولة مستقبل بلادها وأبنائها والأجيال القادمة نُصب عينيها، لتجد إمارات راسخة على ماضٍ مجيدٍ وحاضرٍ هانئٍ ومستقبل منشودٍ مليءٍ بالإنجازات والتطور والرفاه لشعبٍ يستحق الأفضل دائماً.
تبدأ الإمارات اليوم، انطلاقاً من عيد الاتحاد الخمسين، رحلة المستقبل بوضع "وثيقة الخمسين" حيز التنفيذ من خلال تسخير إمكانات وموارد الدولة الاقتصادية والسياسية والعلمية والاجتماعية والبشرية بمختلف كوادرها القيادية والإدارية إلى جانب الاستثمار في العقول الإبداعية والمواهب والكفاءات الاستثنائية، بغية خلق رؤية جمعيّة يشارك فيها كل من يستظل بعلم الاتحاد الإماراتي، لتغدو الإمارات الدولة الأكثر تميزاً والأفضل في جودة الحياة على مستوى العالم.
وما يميز "وثيقة الخمسين" يكمن في أنها رؤية استشرافية للمستقبل على هيئة خطط واستراتيجيات مدروسة بعناية فائقة الدقة مشفوعةً بأدواتٍ إجرائية، تنظيمية وتشريعية تكفل إنجاز بنودها العشرة وفق مخطط زمنيٍّ محدّدٍ, وتشمل البنود العشرة كلّ ما يتعلق بالحياة على أرض الإمارات وتحت علمها بوصفها جزءاً من العالم الذي تطمح إلى أنْ تكون جوهرةً نفيسةً في مستقبله المشرق, فتناولت الحياة السياسية والإدارية بما يضمن ترسيخ الاتحاد الإماراتي وصَونه وتطوير معيشة المواطنين باحتياجاتهم العصرية كافة, وخلق الفرصِ لاستثمار كل الطاقات البشرية، فيما تُبدِع به صغيراً كانَ أم كبيراً, وتناولت السياسة الخارجية بدعم وتطوير متطلباتها لتحقيق أقصى درجات الانفتاح على الحياة الحضارية العالمية بسياسة تدعم الأمن والسلام وحسن الجوار واحترام القوانين الدولية, وتؤمن بتمكين الحوار، كونه السبيل الأوحد لحل الأزمات العالمية بالطرق السلمية البنّاءة, وتوسيع العمل الإنساني حتى لا يترك محتاجاً بلا مساعدةٍ، دون الالتفات إلى لونه أو عرقه أو جنسه, بالإضافة إلى إيلاء العلم والتكنولوجيا أهمية خاصة، بغية تصدُّر الإمارات القائمة الدولية باعتمادها على الثورة الرقمية في مجالات الحياة المختلفة, وتطوير الإعلام ورفده بما يحتاج إليه من التقنيات والكوادر المؤهلة للاضطلاع بدوره في مواكبة هذه المرحلة ونقل النموذج الإماراتي الفريد منذ تأسيس الدولة إلى العالم ليكون تجربةً تدعو إلى الفخر والاعتزاز من جهة ومُلهمةً للعالمِ من جهةٍ أُخرى, بالإضافةِ إلى العمل الجادّ والدؤوب على تنمية الاقتصادِ وعدم الركونِ إلى المتاح وحسب, بغية الوصول إلى استدامته, والبحث عن مزيد من الموارد النظيفة والصديقة للبيئة، لا سيما في مجال الطاقة، من أجل مستقبلٍ أفضل للإمارات وللعالمِ أجمع, والعمل على كلّ ما يجعل الحياة أسهل وأكثر رفاهيةً وسعادةً للإماراتيين وللإنسان عموماً.
لذلك كله يعدُّ عيد الاتحاد الخمسين لدولة الإمارات هذا العام نقطة تحوُّل مفصليّة ومشرقةً من خمسة عقودٍ من الإنجازات العظيمة، التي جعلت منها قِبلةً للعالم أجمع, إلى المائة التي تتطلع بها الإمارات إلى أنْ تكونَ قصّةَ نجاحٍ للبشرية عن طريقة بناء الأوطان المرموقة المتصدرة والمُلهمةِ بمعادلة حقيقيّةٍ، قوامها قيادة عظيمة وشعبٌ وفيٌّ واتحادٌ شامخٌ تحت رايةٍ مقدّسةٍ.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة