الإمارات وفرنسا.. قمم تعزز الشراكة الاستراتيجية وتدعم السلام والازدهار
قمة إماراتية فرنسية تتوج شراكة استراتيجية بين البلدين وتدفعها إلى آفاق أرحب، بما يسهم في خدمة التنمية ودعم السلام والازدهار.
عقدت القمة عقب وصول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى باريس مساء الخميس، في زيارة عمل تعد الثالثة له لفرنسا منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار 2022.
وتم خلال القمة توقيع "إطار العمل الإماراتي-الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي"، في خطوة جديدة على طريق تعزيز العلاقات المتنامية بين البلدين في شتى المجالات.
وتعد تلك القمة هي الخامسة التي تجمع الزعيمين خلال أقل من 3 أعوام، حيث عقدت 3 قمم خلال زيارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لفرنسا في يوليو/تموز 2022، ومايو/أيار 2023، وفبراير/شباط 2025.
وتخلل تلك القمم، قمة عقدت خلال زيارة الرئيس الفرنسي للإمارات في ديسمبر/كانون الأول 2023 للمشاركة في قمة المناخ "COP28" وذلك بعد نحو شهرين من لقائهما على هامش قمة مجموعة العشرين في الهند .
أيضا تحمل القمة أهمية خاصة في ضوء التطورات في المنطقة ولا سيما في غزة ولبنان وسوريا، في ظل توافق رؤى البلدين على دعم الاستقرار والسلام في المنطقة، وتعاونهما المشترك لمكافحة تغير المناخ الذي يعد أبرز تحد يواجه البشرية.
كذلك تحمل القَمة أهمية خاصة كونها تأتي بعد أيام من إعلان وزارة الدفاع الإماراتية، تدشين أول طائرة "رافال" الفرنسية ضمن الدفعة الأولى، والتي تُعد من بين الأكثر تطوراً في العالم، في خطوة نوعية لتعزيز قدرات القوات المسلحة الإماراتية، ما يعكس عمق الشراكة الإستراتيجية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية.
مباحثات مثمرة
واستعرض الزعيمان خلال اللقاء التطورات الإقليمية والدولية وتبادلا وجهات النظر بشأنها، مؤكدين الحرص المشترك على مواصلة التشاور والعمل معاً من أجل تعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة التي تشكل أولوية عالمية.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا السياق، إن هناك تعاوناً مثمراً بين الإمارات وفرنسا في العديد من المجالات وفي مقدمتها الطاقة والعمل المناخي حيث يرتبط البلدان بـ"اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة في مجال الطاقة" منذ عام 2022.
وأضاف أن البلدين أطلقا خلال العام الماضي "المنصة الثنائية الإماراتية - الفرنسية للاستثمار المناخي"، مشيراً إلى حرص البلدين على ضرورة الاستخدام المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي لمصلحة التنمية في العالم والتعاون إضافة إلى تعاونهما في مجال حماية التراث العالمي وغيرها من المجالات التي تحظى باهتمام مشترك.
كما شهد الزعيمان مراسم توقيع "إطار العمل الإماراتي – الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي".
ويستهدف الاتفاق الاستثمار في مجمع للذكاء الاصطناعي بسعة 1 جيجاوات في فرنسا.. بجانب بناء شراكة إستراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي واستكشاف فرص جديدة للتعاون في المشاريع والاستثمارات التي تدعم استخدام الرقائق المتطورة والبنية التحتية لمراكز البيانات وتنمية الكوادر.. إضافة إلى إنشاء "سفارات بيانات افتراضية" لتمكين البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في كلا البلدين وغيرها.
ويعزز النطاق الواسع للأنشطة وحجم تطوير البنية الأساسية الذي نص عليها إطار التعاون.. قوة العلاقة بين البلدين وديناميكيتها .. وفي إطار هذا التعاون سيتابع الجانبان مستوى التقدم في المشاريع المشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي عن كثب خلال الفترة المقبلة.
وقد أقام الرئيس الفرنسي مأدبة عشاء تكريماً لرئيس دولة الإمارات والوفد المرافق.
5 قمم
وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان زيارة دولة إلى فرنسا في يوليو/تموز 2022، والتي تعد الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات، قوبل خلالها بحفاوة بالغة.
وتوجت تلك الزيارة بإطلاق مجلس الأعمال الإماراتي- الفرنسي بهدف فتح آفاق جديدة ورفع مستوى التعاون الثنائي في عدد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، كما تم خلالها توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتنمية آفاقها في مختلف المجالات، من بينها اتفاقية بشأن شراكة إستراتيجية شاملة في مجال الطاقة.
ومنح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال تلك الزيارة "وسام جوقة الشرف" من طبقة الصليب الأكبر والذي يعد أعلى وسام وطني فرنسي، تقديرا لدوره في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين دولة الإمارات وفرنسا على مختلف المستويات .
فيما منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس إيمانويل ماكرون "وسام زايد" وهو أعلى وسام مدني في دولة الإمارات يمنح للرؤساء والملوك الذين أسهموا بأدوار بارزة في خدمة علاقات البلدين وازدهارها.
القمة الثانية عقدت خلال زيارة أجراها رئيس دولة الإمارات لباريس في مايو/أيار 2023، وجرى خلالها بحث مختلف مسارات الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين وفرص توسيع آفاقها في جميع مجالاتها.
وأكد الزعيمان أن تعزيز السلام والاستقرار والتعاون على المستويين الإقليمي والدولي يعد هدفاً مشتركاً لدولة الإمارات وفرنسا.
والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس الفرنسي مجددا على هامش أعمال القمة الــ 18 لمجموعة العشرين في الهند سبتمبر/أيلول 2023، وبحث الزعيمان علاقات التعاون وسبل تنميتها وتطويرها في مختلف المجالات لما فيه الخير للجميع وبما يلبي التطلعات إلى التنمية والازدهار.
وبعد نحو شهرين من تلك القمة، التقى الزعيمان مجددا في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2023 على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، وذلك في مقر المؤتمر في مدينة "إكسبو دبي".
وتم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها في المجالات المختلفة، وخاصة التنمية المستدامة، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
ونجحت قمة المناخ COP28 في التوصل إلى "اتفاق الإمارات" التاريخي، الذي قدم استجابة طموحة وشاملة لأول حصيلة عالمية لتقييم التقدم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس.
علاقات تاريخية
قمم متتالية تعزز العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف الأصعدة وتدفعها إلى آفاق أرحب، ما يسهم في تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تربطهما ويضفى عليها طابعاً خاصا يتسم بالخصوصية والاحترام المتبادل والرؤى المتقاربة حيال القضايا الإقليمية والعالمية.
وتولي قيادتا البلدين العلاقات بين البلدين بمختلف أوجه الدعم والاهتمام ، والتي بدأت الدولتان جني ثمارهما على المستوى السياسي والدفاعي والاقتصادي والثقافي.
وشكل حضور الدولتين الدبلوماسي دعامة رئيسية لمواجهة أنواع مختلفة من التحديات الإقليمية والدولية، وقد لعبتا معاً دوراً بارزاً في التصدي للتطرف والتعصب، والإسهام في نشر مفاهيم التسامح والتعايش بين الأديان والمجتمعات والمساهمة الفاعلة في ترسيخ الأمن والسلم العالميين.
تاريخياً، تعود العلاقات بين البلدين إلى ما قبل قيام اتحاد دولة الإمارات، حيث عمل عدد من الشركات الفرنسية النفطية مثل "توتال" في التنقيب عن النفط في الإمارات، فيما أسبغت الدولتان علاقتهما الثنائية بالطابع الرسمي فور قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وتعززت هذه العلاقات بعد الزيارة الأولى للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لفرنسا في العام 1975.
وتبرز الزيارات الرسمية عالية المستوى، واللقاءات الدورية، حجم التعاون المتنامي بين البلدين، وهو ما نجم عنه إنشاء لجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي والتي بدأت أعمالها في العام 2008.
وقد أقرت دولة الإمارات وجمهورية فرنسا، في عام 2020، خلال الحوار الاستراتيجي الإماراتي الفرنسي السنوي، خارطة الطريق للعقد القادم 2020-2030 من خلال تحديد الطموحات والمبادرات المشتركة، لا سيما في القطاعات الرئيسية للتعاون الثنائي، مثل: الاقتصاد والتجارة والاستثمار، والنفط والغاز والطاقة النووية والمتجددة والتعليم والثقافة والصحة والفضاء والأمن.
أيضا عقد مجلس الأعمال الإماراتي-الفرنسي (الذي تم إطلاقه خلال زيارة رئيس الإمارات لفرنسا في يوليو/تموز 2022) اجتماعه الثاني بباريس في فبراير/شباط 2024، وتم خلاله توقيع مذكرة تفاهم بشأن إطلاق "المنصة الثنائية الإماراتية الفرنسية للاستثمار المناخي".
وشهدت السنوات الماضية التوقيع على عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية والبيئية، وكان آخرها توقيع "إطار العمل الإماراتي-الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي".
جاء توقيع الاتفاق بعد أيام من إعلان وزارة الدفاع الإماراتية، تدشين أول طائرة "رافال" الفرنسية ضمن الدفعة الأولى، والتي تُعد من بين الأكثر تطوراً في العالم، في خطوة نوعية لتعزيز قدرات القوات المسلحة.
وتعد صفقة "رافال" التاريخية، التي بلغت قيمتها 16.6 مليار يورو، من أبرز الصفقات الدفاعية في تاريخ العلاقات الإماراتية-الفرنسية، وتشمل إنتاج 80 طائرة مقاتلة مجهزة بأحدث التقنيات الدفاعية.
أيضا، أكدت مخرجات الحوار الاستراتيجي الإماراتي الفرنسي السادس عشر الذي عقد في أبوظبي في مايو/أيار الماضي ، على تعزيز العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين الصديقين وخاصة في القطاعات الحيوية الهامة لكليهما، والتزامهما الثابت بمواصلة توطيد وتوسيع الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بينهما في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
ويولي البلدان عناية خاصة للشراكة الثقافية بينهما إيمانا منهما بأهميتها في مد جسور التواصل بين شعبي البلدين، وخلال السنوات الماضية شهدت هذه الشراكة إنجازات كثيرة تمثلت في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي الذي يعد أول متحف عالمي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي تروج له فرنسا في الخارج، وكذلك جامعة باريس - السوربون أبوظبي التي تأسست عام 2006، حيث تمثل الجامعة اتفاقاً تاريخياً يحقق الرؤية المشتركة بين حكومة دولة الإمارات والحكومة الفرنسية لتحقيق أفضل المعايير في مجال التعليم الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط.
علاوة على ذلك، تلتزم الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا بتعزيز روح التعاون الدولي والسعي لتحقيق الاستقرار والأمن والازدهار في جميع أنحاء العالم.
وقد عملت الدولتان معاً على دفع عمليات السلام للمساهمة في تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي.
وعقب وصوله إلى فرنسا ، عقد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قمة جرى خلالها بحث مختلف مسارات العلاقات التاريخية والإستراتيجية التي تجمع البلدين وإمكانيات توسيع آفاقها خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية بجانب العمل المناخي والطاقة والتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي وغيرها من الجوانب التي تعزز رؤية البلدين وتطلعاتهما نحو تحقيق التنمية المستدامة والازدهار.
وتعد تلك القمة الخامسة التي تجمع الزعيمين خلال أقل من 3 أعوام، بينهم 3 عقدوا خلال زيارات الشيخ محمد بن زايد لفرنسا في يوليو/ تموز 2022، ومايو /أيار 2023، وفبراير/شباط 2025، وتخللهم قمتان إحداها عقدت على هامش قمة العشرين في نيودلهي سبتمبر/ إيلول 2023، والأخرى خلال زيارة ماكرون للإمارات في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه للمشاركة في قمة المناخ.