زار جون كيري المبعوث الرئاسي الأمريكي لشؤون تغير المناخ، العاصمة الإماراتية أبوظبي قبل أسبوع.
وكان قد جاء للمشاركة في مؤتمر الحوار الإقليمي الأول للتغير المناخي الذي دعت إليه الإمارات في الرابع من هذا الشهر، وحضره عدد كبير من المسؤولين الدوليين في العمل المناخي.
المؤتمر حظي بمشاركة خليجية، و"شرق أوسطية"، وشمال أفريقية، وبريطانية، وكانت قضية المناخ المتغير وتداعياته في أرجاء العالم هي القضية الحاضرة في كل الجلسات والحوارات والمناقشات.. ولماذا لا تكون حاضرة وهي تؤرق أهل الأرض منذ فترة ولا تزال؟
وعندما قام المبعوث كيري بجولة في عدد من مشروعات الطاقة المتجددة الإماراتية المتنوعة، ومن بينها "محطة شمس 1" التي تعتبر إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية المركزة في العالم، فلا بد أنه قد رأى بعينيه كيف أن الحكومة في الإمارات لا تتحدث عن تغيرات المناخ فقط، ولا تدعو إلى حوار إقليمي واسع من أجلها فحسب؛ ولكنها تفعل في الواقع وتقيم على الأرض من مشروعات الطاقة النظيفة ما يشير إلى أن اهتمامها بالقضية جاد، وإيجابي، وفاعل بالدرجة نفسها.
وربما تكون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد اختارت الرجل المناسب في المكان المناسب، عند قررت أن يكون جون كيري بالذات هو مبعوثها الرئاسي في هذا الموضوع.
فلا نزال نذكر أن كيري كان وزيراً لخارجية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وأنه كان قد ذهب إلى باريس في 2015 لتوقيع اتفاقية المناخ الشهيرة، وأنه وهو يوقع على الاتفاقية قد وضع حفيدته الطفلة الصغيرة على يمينه فوق المائدة، فكانت لقطة فريدة تناقلتها وسائل الإعلام في أثناء التوقيع.
وكان المعنى يومها أن هذه اتفاقية دولية من أجل الأجيال المقبلة فيما بعد، وليس من أجل جيل كيري وحده، وأنها لذلك تستحق أن تحتشد لها مختلف العواصم، وأن تعمل على وضعها موضع التطبيق، وتوفر لها من أسباب النجاح ما تحتاج إليه.
وقد كان من سوء حظ الاتفاقية أن إدارة ترامب هي التي جاءت بعد إدارة أوباما في حكم الولايات المتحدة؛ لأن ترامب ما كاد يستقر في مكتبه البيضاوي في البيت الأبيض حتى كان قد سارع إلى الانسحاب من الاتفاقية، واعتبرها بالنسبة لبلاده وكأنها لم تكن.
وقد كان يؤذي بلده بانسحابه بالتأكيد، قبل أن يُلحق الضرر البيئي بشتى البلاد، لا لشيء إلا لأن المناخ مسألة عالمية، ولأن ضرره لا يستثني بلداً في أركان الأرض الممتدة.
ولا بد من أن المهتمين بالشأن المناخي في العالم قد أحسوا بالتعاسة يوم اتخذ ترامب قراره؛ لأن انسحاب الولايات المتحدة كان معناه أن تفقد الاتفاقية قوة دفع كبيرة كانت ستجدها قطعاً، لو أن واشنطن بقيت في مكانها بين العواصم التي وضعت توقيعها على النص المكتوب في عاصمة النور.
ولكن ما يبعث على شيء من الأمل هو أن إدارة بايدن قد أدركت منذ لحظتها الأولى في مقاعد الحكم، أن قرار الرئيس السابق بالانسحاب كان خطأ، وأن تدارك ذلك الخطأ واجب، وأن على الولايات المتحدة مسؤولية في هذا الملف الحيوي عالمياً، وأن عليها أن تمارس مسؤوليتها هذه كاملة تجاه باقي دول العالم.
وقد جاء مؤتمر حوار أبوظبي الإقليمي حول تغيرات المناخ، وكأنه إشارة البدء في اتجاه إعادة الاعتبار للقضية، ثم جاء بمثابة إعادة الحياة للاتفاقية نفسها.
نقلا عن الخليج الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة