تحل اليوم احتفالية يوم الأرض العالمية، التي تستهدف دوماً حشد الجهود العالمية وتعزيز وعي المجتمعات والأفراد.
بأهمية الحفاظ على كوكبنا لضمان استمرارية الحياة، و تركز الاحتفالية هذا العام على قضايا المناخ، واضعة تحدي التغير المناخي كإشكالية رئيسة يجب التعامل معها بوتيرة سريعة لنضمن استعادة صحة كوكبنا.
يأتي هذا التركيز متزامناً مع الاستعداد للدورة الجديدة من مؤتمر دول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ " كوب 26"، والتحضيرات التي انطلقت لتعزيز النقاشات والإجراءات التي ستطرح خلالها، ومنها الحوار الإقليمي حول العمل المناخي الذي استضافته العاصمة أبوظبي بداية أبريل الجاري، وقمة القادة للمناخ التي دعت لها الحكومة الأمريكية بمشاركة 40 دولة.
"زخم في الاهتمام بالعمل المناخي، يقابله تفاقم متسارع في حدة تداعياته"، معادلة تدعو إلى التفكير جيداً في طبيعة العمل المطلوب، هل الاستمرار بنفس الوتيرة يمكن أن يعزز قدرتنا على مواجهة التحدي الأكثر خطورة الذي يواجه كوكبنا، أم لابد من الطموح واستشراف المستقبل ورفع سقف العمل بإدراجه في كافة استراتيجيات وخطط النمو المستقبلية.
إن التوجه الحالي للطموح العالمي في العمل من أجل المناخ يركز على الوصول إلى عالم خال من الكربون، التزماً بأهداف اتفاق باريس للمناخ بخصوص "حيادية الكربون" الذي تحل غدا الذكرى السنوية لانطلاقه والتوقيع عليه، ولفترة كانت الرغبة في النمو الاقتصادي تقف كتحدي أمام إمكانية الوصول لأكبر قدر من خفض الانبعاثات والوصول إلى حيادية الكربون، لكن بفضل التطور التكنولوجي وتوافر الأدوات التقنية الحديثة بات تبني التوجهات الاقتصادية الأكثر صداقة للبيئة يحقق معدلات نمو أفضل ويخفض تكاليف معالجة العديد من القطاعات التي يمكن أن تتكبدها الدول مستقبلاً، لذا بادرت العديد من الدول والمؤسسات إلى تبني سياسات وإجراءات حيادية الكربون.
بحسب تقرير اللجنة العالمية للاقتصاد والمناخ يمكن ان تصل قيمة المكاسب الاقتصادية العالمية المباشرة لرفع سقف طموح العمل المناخي وموائمة الاستراتيجيات المستقبلية بشكل يتماشى مع حيادية الكربون بـ 26 تريليون دولار أمريكي حتى عام 2030.
ووفقًا للتحليل الذي أجرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، بخصوص تحول الطاقة المتوافق مع أهداف اتفاق باريس للمناخ لمواجهة ارتفاع درجات حرارة الأرض أو بمعني أدق الوصول لمعدلات حيادية الكربون خلال النصف الثاني من القرن الحالي، فإن كل دولار أمريكي يتم إنفاقه في مشاريع الطاقة النظيفة سيحقق عائدًا يتراوح بين 3 إلى 8 دولارات في باقي القطاعات وعلى رأسها البيئة والصحة، وستصل وظائف الطاقة المتجددة إلى 42 مليون بحلول عام 2050.
ضمانا لمستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، وتحقيقاً لأهداف مئويتها 2071، تعتمد دولة الإمارات دائما التخطيط الطموح، وتحويل كافة التحديات إلى فرص نمو، نموذجاً رئيساً في رسم استراتيجياتها المستقبلية، بفضل رؤى وتوجيهات قيادتها الرشيدة، لذا اعتمدت العديد من السياسات والاستراتيجيات الداعمة لعمل كافة القطاعات بنهج أكثر صداقة للبيئة وأكثر دعما للعمل المناخي، ومنها التحول نحو الاقتصاد الأخضر، تحول الطاقة، وسياسة الإمارات للاقتصاد الدائري، واعتمدت رفع سقف مساهمتها المحددة وطنياً بموجب اتفاق باريس للمناخ.
وتعزيزاً لخفض الانبعاثات والوصول إلى عالم خال من الكربون، عملت دولة الإمارات على التوسع في نشر واستخدام حلول الطاقة الشمسية لتصل إلى قدرة إنتاجية تقارب 9 جيجا وات بحلول 2030، كما وظفت الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في انتاج الطاقة الكهربائية عبر مشروع براكة الذي سيوفر عند دخوله الكامل للخدمة 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء، ما يساهم في تسجيل معدلات عالية لخفض انبعاثات الكربون، وأطلقت العديد من المبادرات البيئية لزراعة ملايين الأشجار وأهمها أشجار المانغروف ذات القدرة العالية على امتصاص وتخزين الكربون، كما تم إطلاق مشروع "الريادة" والذي يبرهن على أن تقنية التقاط وتخزين الكربون تمثل حلاً تجاريا مجديا للحد من الانبعاثات الصناعية لغاز ثاني أكسيد الكربون.
كما اعتمدت في استراتيجيتها الصناعية توظيف التقنيات الحديثة والطاقة النظيفة كأساس لتحقيق أمن واستدامة الماء والغذاء، وتعزيز النمو الاقتصادي بشكل عام، ما يساهم بشكل كبير في خفض معدلات الانبعاثات الكربونية الناجمة عن أية نشاطات اقتصادية وتعزيز التوجه العالمي نحو حيادية الكربون.
كافة هذه الجهود تؤكد على مدى الطموح واستشراف المستقبل الذي تعمل وفقاً له دولة الإمارات وبالأخص في مواجهة التغير المناخي، وما يميز نموذج الإمارات أنها تحرص دائما على البدء في العمل والتطبيق الفعلي لسياسات وبرامج ومشاريع تدعم ما ستعلن عنه من طموح وتوجه مستقبلي.
لكن يجب التأكيد دائما على أن تحقيق الأهداف لا يعتمد على جهود الجانب الحكومي فحسب، بل يجب أن تشترك كافة مكونات المجتمع في تحقيقها وبالأخص القطاع الخاص، وخصوصا في أهداف حيادية الكربون.
ونرى اليوم أمثلة بارزة على وعي مؤسسات رائدة في الدولة بأن التخطيط للنمو المستقبلي المستدام والاستفادة من الفرص المتاحة لرفع الكفاءة الاقتصادية يرتبط بشكل مباشر بجهود العمل من أجل المناخ وحيادية الكربون، مثل شركة "مصدر"، ومجموعة ماجد الفطيم وشركة الاتحاد للطيران، وما يزال سقف الطموح كبير، خصوصاً وأن نهج دولة الإمارات وتوجيهات قيادتها الرشيدة تؤكد دائما أن القطاع الخاص شريكاً استراتيجياً في إيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة.
نقلا عن موقع وزارة التغيير المناخي والبيئة على الإنترنت
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة