العالم يترقب إنجازا تاريخيا إماراتيا بوصول مسبار الأمل لمدار المريخ
فيما يترقب الملايين في دولة الإمارات والوطن العربي والعالم، الثلاثاء، اللحظة التاريخية لدخول مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط حول كوكب المريخ، غرد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عبر حسابه الخاص عبر "تويتر"
وأضاف: "نحتفي بثمرة عمل زايد وراشد طيب الله ثراهما في بناء الإنسان.. غداً نبدأ الاستعداد للـ50 الجديدة.. غداً نثبت للعالم أن لا شيء مستحيل أمام الإمارات والإماراتيين.. غداً نصل بالعرب لأبعد نقطة في الكون".
وتسود حالة من الترقب الحذر حول العالم في انتظار الأخبار المفرحة بنجاح دخول المسبار لمدار المريخ، مع استعدادات العديد من محطات التلفزيون ومواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي لنقل الحدث عبر بث حي يتوقع أن يستقطب مشاهدات قياسية في تاريخ الوطن العربي والعالم.
وسينظم المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات العربية المتحدة فعالية إعلامية كبرى في محيط برج خليفة بإمارة دبي لمتابعة هذه المرحلة التاريخية في مسيرة دولة الإمارات، وتسليط الضوء على المرحلة الأصعب من المهمة وهي دخول المسبار لمدار المريخ، بحضور وكالات الأنباء العالمية وممثلي وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية المحلية والإقليمية ونخبة من المسؤولين وأعضاء فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل".
كما سيكون هناك بث وربط مباشر مع غرفة العمليات في مركز التحكم الأرضي في الخوانيج بمركز محمد بن راشد للفضاء.
وتقدم سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، رئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، خلال هذه الفعالية الإعلامية شرحاً مفصلاً حول مراحل مهمة مسبار الأمل منذ نشأة الفكرة وحتى لحظة دخول المسبار لمدار المريخ، في حين يتحدث المهندس عمران شرف مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، عن آخر مستجدات مسار مسبار الأمل.
وتشهد الفعالية الإعلامية العديد من الفقرات التي تسلط الضوء على رحلة مسبار الأمل، ورحلة دولة الإمارات مع حلم الفضاء وكيفية تحقيقه بسواعد وعقول أبناء الدولة، كما تتخلل الفعالية عقد لقاءات إعلامية متعددة بين أعضاء فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" وممثلي وسائل الإعلام تتناول مختلف جوانب المشروع والتحديات التي مر بها، وصولاً إلى تحقيق هذا الإنجاز التاريخي.
الرحلة على واجهة برج خليفة
وتتضمن الفعالية الإعلامية الخاصة بوصول المسبار إلى المريخ، عرضاً مبهراً بالليزر على واجهة برج خليفة، أطول بناء من صنع الإنسان في العالم، يتم تنفيذها بتقنية رفيعة المستوى، لعرض رحلة مسبار الأمل والمراحل التي مر بها المشروع وجهود الكوادر الإماراتية التي شاركت في تحقيق هذا الحلم.
ويمكن للجمهور متابعة البث الحي للحظات الحاسمة لدخول مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط حول الكوكب الأحمر عبر الموقع الإلكتروني: www.emm.ae/live
ويصل مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط حول المريخ عند الساعة 7:42 مساءً بتوقيت الإمارات، فيما يبدأ البث الحي لعملية الدخول إلى المدار عند الساعة السابعة مساء.
رحلة مسبار الأمل
منذ انطلاقه في 20 يوليو/تموز 2020 من مركز تانيجاشيما الفضائي في اليابان على متن الصاروخ "إتش 2 إيه"، أتم "مسبار الأمل"، ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، مرحلتين من مراحل مهمته المريخية الـ6، هي:
مرحلة الإطلاق، ومرحلة العمليات المبكرة، وهو الآن على وشك إتمام المرحلة الثالثة وهي "الملاحة في الفضاء" التي استغرقت أطول مدة زمنية في الرحلة، وجرت فيها بنجاح 3 مناورات دقيقة لتوجيه المسبار، ليكون في المسار الأكثر دقة للوصول إلى وجهته، قبل أن تبدأ في 9 فبراير 2021 المرحلة الرابعة والأكثر صعوبة ودقة وخطورة، وهي مرحلة الدخول إلى مدار المريخ.
يعقب ذلك مرحلتين هما: الانتقال إلى المدار العلمي وأخيراً المرحلة العلمية، حيث يبدأ المسبار مهمته الاستكشافية المرصود لها والخاصة برصد وتحليل مناخ الكوكب الأحمر.
وكانت رحلة "مسبار الأمل" فعلياً بدأت كفكرة قبل 7 سنوات، من خلال خلوة وزارية استثنائية دعا لها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في صير بني ياس، في نهاية عام 2013.
حيث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عصفاً فكرياً مع أعضاء المجلس استعرض فيه جملة أفكار استعداداً للاحتفال باليوبيل الذهبي لقيام الاتحاد في العام 2021، وقد تبنت الخلوة يومها فكرة إرسال مهمة لاستكشاف المريخ، كمشروع جريء.
وعلى الإثر، أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، عام 2014 مرسوماً بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء، لبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي إلى كوكب المريخ، أُطلق عليه اسم "مسبار الأمل"، بحيث يتولى مركز محمد بن راشد للفضاء التنفيذ والإشراف على مراحل تصميم المسبار وتنفيذه، بينما تمول الوكالة المشروع وتشرف على الإجراءات اللازمة لتنفيذه.
وشكل هذا الإعلان التاريخي منعطفاً تنموياً في مسيرة الإمارات، عبر دخولها قطاع تكنولوجيا الفضاء، وجعله رافعة أساسية في اقتصادها الوطني، بموازاة العمل على بناء رأسمال إماراتي بشري في مجال علوم الفضاء، وتخصيص الموارد اللازمة للاستثمار في هذا المجال.
ومنذ اليوم الأول للمشروع كان توجيه القيادة واضحاً، وهو أن يتم تصنيع المسبار وعدم شرائه جاهزاً، وكان هذا تحدياً جديداً، تحول إلى فرصة لإلهام جيل من العلماء والباحثين في مجال العلوم والتكنولوجيا لإحداث نقلة نوعية أو المساهمة في بناء اقتصاد مبني على المعرفة، وبناء قدرات الكوادر الوطنية العاملة في المشروع عبر تدريب وإعداد علماء إماراتيين للإسهام في مجال استكشاف الفضاء، بالتعاون مع الشركاء العلميين الدوليين للمشروع، مع تدريب وإعداد مهندسين إماراتيين لتطوير أنظمة الفضاء.
وينتج عما سبق تجهيز للبنية التحتية اللازمة لبرنامج مستدام في دولة الإمارات لاستكشاف الفضاء الخارجي، عبر بناء شراكات مع جهات دولية مختصة في مجال استكشاف الفضاء، بالإضافة إلى إنشاء وتحسين وتطوير البرامج العلمية والهندسية في القطاع العلمي والأكاديمي.
وعمل فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في مركز محمد بن راشد للفضاء على تصميم المسبار وبنائه وتطويره وإجراء الاختبارات اللازمة لأجهزته وأنظمته الفرعية مع شركاء نقل المعرفة العالميين، وتم بالفعل إنجازه وتجهيزه لمرحلة الاختبارات النهائية قبل الإطلاق في فبراير 2020، وتزامن ذلك مع قيام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بحضور عملية تركيب القطعة الأخيرة من المسبار، والتي تشكل الجزء الخارجي الأخير منه وتحمل أسماء أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حُكّام الإمارات، وتواقيع سموهم، وتواقيع سمو أولياء العهود، كما تحمل عبارة "قوة الأمل تختصر المسافة بين الأرض والسماء"، بالإضافة إلى علم دولة الإمارات وشعارها "لا شيء مستحيل".
أول صورة متكاملة لطقس المريخ
وتتضمن أهداف "مسبار الأمل" عند وصوله بنجاح إلى مداره حول الكوكب الأحمر تقديم صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ للمرة الأولى في تاريخ المهمات المريخية، وتكوين فهم أعمق بشأن التغيّرات المناخية على سطحه، ورصد الظروف المناخية للكوكب الأحمر على مدار اليوم وبين الفصول، ومراقبة الظواهر الجوية، كالعواصف الترابية والتغيرات في درجة الحرارة، ودراسة تأثير التغيّرات المناخية في تشكيل ظاهرة هروب غازي الأوكسجين والهيدروجين من غلافه الجوي، عبر دراسة العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي السفلية والعلوية، بالإضافة إلى كشف أسباب تآكل سطح المريخ، والبحث عن الروابط بين طقس اليوم والمناخ القديم للكوكب الأحمر .. ومن شأن تحليل مناخ الكوكب الأحمر مساعدتنا على معرفة ما إذا كانت هناك إمكانية للحياة على سطح المريخ، واستشراف مستقبل كوكب الأرض، وسُبل الحفاظ على الحياة فيه.
وسوف يجمع مسبار الأمل أكثر من 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، بحيث يتم إيداعها في مركز للبيانات العلمية في الإمارات من خلال عدة محطات استقبال أرضية منتشرة حول العالم، وسوف يقوم الفريق العلمي للمشروع بفهرسة وتحليل هذه البيانات التي ستكون متاحة للبشرية لأول مرة، ليتم بعد ذلك مشاركتها مع المجتمع العلمي المهتم بعلوم المريخ حول العالم في سبيل خدمة المعرفة الإنسانية.
مسبار الأمل.. أمل العالم بإنجاز علمي
ويعد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أول مشروع عربي لدراسة الكوكب الأحمر، ومسبار الأمل هو محط آمال مئات الملايين من 56 دولة "عربية وإسلامية"، وهو مشروع طموح لتسجيل حضور علمي وبحثي عربي مشرّف في مجال استكشاف كوكب المريخ، وعند وصول مسبار الأمل بنجاح إلى مدار المريخ ستكون دولة الإمارات خامس دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز التاريخي، ضمن مشروعها العلمي النوعي لاستكشاف كوكب المريخ. وهذا الوجود الإماراتي يمثّل تطلعات وطموحات دولة الإمارات.
ويخدم هذا المشروع البشرية بشكل عام والمجتمع العلمي بشكل خاص، ويضع المعلومات التي يجمعها من خلال أبحاثه في كوكب المريخ من دون مقابل في متناول أكثر من 200 مؤسسة علمية ومركز أبحاث حول العالم.
كما يرسخ مشروع المسبار لاستكشاف المريخ اهتمام شباب الإمارات والعالم العربي لدراسة العلوم والرياضيات والهندسة والتكنولوجيا والتخصص فيها، كما يسهم في بناء كوادر إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء والابتكار والأبحاث العلمية والفضائية.
كما يساعد في إحداث تحولات جذرية في تطوير قدرات دولة الإمارات والعالم العربي في مجال البنى التحتية الهندسية والصناعية والعلمية والبحثية.