مهمة الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات.. مشروع وطني يعزز اقتصاد المعرفة
تسعى دولة الإمارات لتصبح رابع دولة في العالم تصل إلى حزام الكويكبات، بإطلاقها مركبة فضائية إماراتية في رحلة تقطع فيها نحو 3.6 مليار كيلومتر.
وتستغرق رحلة المركبة الإماراتية 5 سنوات تمتد من عام 2028 حتى عام 2033، وتأتي في إطار أهداف مئوية الإمارات 2071، التي تسعى إلى صياغة الكثير من المفاهيم والنظريات العلمية وتطوير قدرات الإمارات التقنية، إلى جانب الإجابة على تساؤلات ما زالت تستعصي على الحل تتعلق بنشأة الكون والمجموعة الشمسية.
ويعتبر حوار أبوظبي للفضاء الذي ينطلق تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، يوم 5 ديسمبر/كانون الأول المقبل ويستمر ليومين، منصة مثالية تستعرض من خلالها الإمارات مشاريعها النوعية لاستكشاف الفضاء، حيث تلعب دولة الإمارات دوراً فعالاً في مناقشة الاحتياجات العالمية من القدرات الاستراتيجية والخدمات والبنى التحتية والقوانين والموارد الأساسية لقطاع الفضاء لإيجاد الحلول المناسبة لها.
وتواصل دولة الإمارات كتابة فصول قصة إنجازاتها في قطاع الفضاء، والتي بدأتها بحلم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عندما التقى الفريق المسؤول عن رحلة "أبولو" إلى القمر، في عام 1976.
فبعد الوصول إلى المريخ، وانطلاق رحلة الاستعداد للوصول إلى القمر، جاء الدور على استكشاف حزام الكويكبات في المجموعة الشمسية، حيث تسعى دولة الإمارات لتحقيق أول هبوط عربي على كويكب يبعد عن كوكب الأرض بـ560 مليون كيلومتر.
ويعتبر هذا المشروع الوطني الطموح واحداً من مشاريع الخمسين، حيث يتضمن تشييد مركبة فضائية إماراتية للوصول إلى سبع كويكبات ضمن حزام الكويكبات الواقع بين كوكب المريخ وكوكب المشتري، أي ما يعادل 7 أضعاف رحلة مسبار الأمل الذي نجح في قطع 493 مليون كيلومتر في الفضاء، حيث تتوج المركبة رحلتها بتنفيذ هبوط تاريخي على آخر كويكب ضمن رحلتها التي تستمر خمس سنوات تمتد من عام 2028 وحتى عام 2033.
ويشكل مشروع الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات محطة مستقبلية وحقبة جديدة في علوم الفضاء، حيث يجسد نقلة معرفية هائلة في مجال استكشاف الفضاء وتطوير تقنياته وعلومه، ليدخل بذلك أبناء وبنات الإمارات تحدياً واختباراً جديداً لتحقيق طموح الشيخ زايد في ريادة الفضاء.
استثمار في المستقبل
تؤكد المهمة الضخمة للإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات التزام دولة الإمارات بالعمل على استعادة أمجاد الحضارة العربية، وبأيدٍ إماراتية من شباب الوطن، ممن استثمرت دولة الإمارات في تعليمهم وتدريبهم وإكسابهم الخبرات والمهارات اللازمة في مختلف المجالات وعلى رأسها علوم الفضاء، التي ستكتب فيها الإمارات فصلاً جديداً من فصول نجاحها في هذا القطاع الذي ما زال في بداياته.
ويعزز هذا المشروع الفضائي الاستكشافي الخطط الاستراتيجية لدولة الإمارات، حيث تعمل على رفع نسبة مساهمة القطاع الفضائي في الاقتصاد الوطني، باعتباره أحد قطاعات اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا، الأمر الذي يدعم تحقيق قفزات نوعية للاقتصاد الوطني، وهو ما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء، التي تسعى إلى تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة.
بيانات نادرة
يتماشى مشروع استكشاف حزام الكويكبات مع أهداف مئوية الإمارات 2071 والتي تسعى إلى تعزيز مستوى البحث العلمي وتدريس العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، لا سيما في مجالات الفضاء والهندسة والابتكار والعلوم الطبية والصحية، والتي تُعلي من مستوى الاحترافية والمهنية في المؤسسات التعليمية، وتكوين عقول منفتحة على تجارب الدول المتقدمة.
ويتولى فريق إماراتي تنفيذ المهمة ليسطر بذلك تاريخاً من المجد لدولتنا ومستقبلاً مزهراً حافلاً بالإنجازات في مجال العلوم الفضائية، الأمر الذي يعزز من موقع قطاع الفضاء الإماراتي الذي يعتبر الأكبر على مستوى المنطقة من حيث الاستثمارات وحجم المشاريع.
ويكرس المشروع دور الإمارات في توفير بيانات مهمة ونادرة تتيح للمجتمع العلمي العالمي فهماً أعمق وأدق لكشف بعض الألغاز التي ما زالت تستعصي على الحل عن الكون والمجموعة الشمسية، حيث سيوفر المشروع بيانات علمية غير مسبوقة عن 7 كويكبات ضمن حزام الكويكبات داخل المجموعة الشمسية.
كوادر وطنية
يستعين مشروع الإمارات لاستكشاف حزام الكويكبات بالخبرات والكوادر الوطنية الإماراتية التي تعمل في مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، والتي نالت شهادات علمية وتدريبات عملية أهلتها لقيادة هذا المشروع الطموح.
وتحول هذه المهمة الضخمة الإمارات إلى مرجع معرفي دولي في علوم الفضاء، ومختبر مفتوح لبرامجه ومشاريعه وتقنياته المتقدمة، ومركز عالمي للبيانات والمعلومات المتخصصة، حيث تضع الإمارات حصيلة مهامها الفضائية ونتاجها المعرفي في هذا قطاع الفضاء الحيوي تحت خدمة الإنسانية والمجتمع العلمي العالمي.
ويعمل فريق المشروع على تطوير المركبة الخاصة به، حيث ستستغرق هذه العملية منذ إطلاق المهمة في 2021 نحو 7 سنوات، على أن تكون جاهزة للانطلاق في رحلتها الفضائية، ضمن نافذة إطلاق تحدد لها بداية 2028.
إرادة تقهر التحديات
يواجه مطورو المركبة عدداً من التحديات لدى تصميم المركبة الفضائية الإماراتية للمهمة الجديدة والتي سيعملون على تجاوزها من دون أي خسائر تذكر، وذلك نتيجة طبيعة وظروف المنطقة المحيطة بحزام الكويكبات.
وتتزود المركبة الفضائية بتغليف حراري وميكانيكي مختلف، نظراً لتعرضها للإشعاع الشمسي ودرجات حرارة عالية بصورة مباشرة، حيث ستكون أقرب نقطة للمركبة الفضائية من الشمس على مسافة 109 ملايين كيلومتر، إضافة إلى تزويد المركبة الفضائية بأنظمة ملاحة وتوجيه وتحكم خاصة نتيجة عبورها عبر سديم من الأجرام السماوية، مع توفير أنظمة حرارية خاصة لتشغيل المركبة الفضائية بطاقة شمسية قليلة جداً عند ابتعادها في رحلتها عن الشمس بمسافة 440 مليون كيلومتر.
استدامة اقتصاد المعرفة
ويعتبر مشروع الإمارات حزام الكويكبات، الأضخم والأكبر ضمن مشاريع الإمارات الفضائية، إذ سيكون له تأثير كبير على استدامة اقتصاد المعرفة وتعزيز صناعة الفضاء في دولة الإمارات، حيث يشجع الكوادر الوطنية لإنشاء مشروعات متخصصة في العلوم والتكنولوجيا والمجالات المرتبطة بالفضاء كالملاحة الفضائية وأنظمة التوجيه والتحكم، .كما سيقدم المشروع برامج متكامل لدعم تأسيس شركات إماراتية في قطاع الفضاء متخصصة في الصناعات الفضائية وعلومها، سينتج عنه تأسيس شركات متخصصة في هذا المجال تتولى تنفيذ 50% من المشروع.
إضافة إلى ذلك، يستقطب المشروع الكثير من الكفاءات المواطنة التي ستعمل على تدشين مشاريع تدور في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، إضافة إلى عقد شراكات مع الجامعات من أجل تأهيل كوادر قادرة على إنجاز مهمات فضائية مقبلة، فضلاً عن تحول دولة الإمارات لوجهة جاذبة للكفاءات والمواهب العلمية من حول العالم، إلى جانب أن هذه المهمة ستعزز دور القطاع الخاص في القطاع الفضائي، حيث من المتوقع أن يلعب دوراً كبيراً في هذا المجال، الأمر الذي يؤدي بالنهاية إلى تعزيز ريادة الإمارات في القطاع الفضائي.
أجسام فلكية
يقع حزام الكويكبات بين مداري كوكب المريخ وكوكب المشتري، ويتضمن كويكبات وأجساماً فلكية مكونة من الأحجار والمعادن، وتتفاوت أحجام هذه الأجسام الفلكية من جسيمات الغبار وحتى كويكبات بقطر يصل إلى 1000 كيلومتر، ولعبت جاذبية كوكب المشتري دوراً كبيراً في تكوين هذا الحزام.
ويتكون حزام الكويكبات من قرص نجمي دوار يقع بين كوكبي المريخ والمشتري على بعد 300 إلى 450 مليون كيلومتر من الشمس وهو ما يعادل من ضعفين إلى 3 أضعاف المسافة بين الأرض والشمس.
ويعادل حجم حزام الكويكبات 50 تريليون كيلومتر مكعب. ويضم مليارات الأجسام والأجرام التي يتراوح حجمها من أحجار صغيرة إلى كويكبات يبلغ حجمها ثلث حجم القمر.
منصة عالمية
يذكر أن حوار أبوظبي للفضاء يهدف إلى جعل الإمارات منصة عالمية تلتقي فيها الجهود المشتركة بين كافة القطاعات المعنية بالفضاء، حيث يعمل على توحيد الرؤى والأفكار واستعراض أهم التحديات، والخروج برؤية مشتركة وموحدة. وتتمحور أهداف الحوار حول مناقشة الاحتياجات العالمية من القدرات الاستراتيجية والخدمات والبنى التحتية والقوانين والموارد الأساسية، وتوفير منصة عالمية للدول الناشئة والكبرى في قطاع الفضاء لعرض منجزاتها وتطويرها وتقديم رؤى جديدة لإدارة الفضاء وتنميته جنباً إلى جنب مع الدول الكبرى والتي بدأت مسيرتها في قطاع الفضاء منذ فترة طويلة.
aXA6IDEzLjU4LjYxLjE5NyA= جزيرة ام اند امز