حوار أبوظبي للفضاء.. الإمارات تجمع العالم لخدمة البشرية
فوائد ومكاسب بالجملة ستجنيها الإمارات والمنطقة والعالم من النسخة الأولى من "حوار أبوظبي للفضاء" الذي تنظمه الإمارات نهاية العام الجاري.
الحوار ينطلق تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وتنظمه وكالة الإمارات للفضاء، بالعاصمة أبوظبي يومي 5 و6 ديسمبر/ كانون الأول 2022.
تعكس استضافة هذا الحوار المهم المكانة الدولية المرموقة للإمارات على مختلف الأصعدة، وسعيها الحثيث لقيادة مشاريع علمية وتنموية وسياسية كبرى تخدم الإنسانية جمعاء، بما يتوافق مع رسالتها في تعزيز الأخوة الإنسانية.
أيضا تعد استضافة مؤتمر مهم من هذا القبيل هو إنجاز في حد ذاته، كما إنه يأتي تتويجاً للإنجازات الإماراتية التاريخية في قطاع الفضاء، وشهادة دولية بحضورها القوي ومكانتها الرائدة ودورها المميز والمؤثر في قطاع الفضاء العالمي.
رعاية محمد بن زايد
ويستمد "حوار أبوظبي للفضاء" أهمية خاصة لأكثر من سبب، أبرزها أنه سينطلق تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الذي يسعى بخطى حثيثة وطموحة لترسيخ مكانة بلاده المرموقة في مجال الفضاء، عبر تحقيق إنجازات تاريخية واستضافة فعاليات مهمة تسهم في تقدم البشرية والعلم، من خلال تعزيز التعاون الدولي في هذا القطاع المهم.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا الصدد: "تستضيف الإمارات (حوار أبوظبي للفضاء) ديسمبر المقبل بهدف صياغة سياسات دولية جديدة في مجال الفضاء وقيادة حوار عالمي حول أهم التحديات التي تواجه هذا القطاع.. نسعى إلى جعل الإمارات وجهة عالمية رئيسية في علوم الفضاء ومشاريعه".
النسخة الأولى.. ملهمة
السبب الثاني الذي يبرز أهمية هذا الحوار العالمي أنه النسخة الأولى من نوعه، وسيشكل هذا الحوار العالمي الذي يشارك فيه عدد من القيادات السياسية والعسكرية وصناع السياسات في مجال الفضاء، منصة عالمية استثنائية يتبادل خلالها الخبراء وصناع القرار الآراء ويناقشون التحديات والفرص التي يحملها مجال الفضاء.
أيضا سيسهم حوار أبوظبي للفضاء في تعزيز التواصل بين القوى الفاعلة والمؤثرة في قطاع الفضاء حول العالم، من خلال توفير منصة تفاعلية دورية تجمع كبار القادة وصناع السياسات والقرارات في صناعة الفضاء على مستوى العالم، وعبر طرح حوار دولي تحدد من خلاله أبرز الاحتياجات العالمية اللازمة بما يشمل الإمكانات الاستراتيجية والأطر القانونية والتشريعية، والبنى التحتية المطلوبة، لتطوير هذا القطاع وتحقيق مستهدفاته بما يخدم الإنسانية ويساهم في تعزيز جودة الحياة على الأرض.
كما تواصل الإمارات باستضافة تلك المؤتمرات الدولية المهمة في قطاع الفضاء قيادة العرب نحو مستقبل واعد ونهضة غير مسبوقة، وخصوصا في مجال الفضاء، حيث توفر الإمارات من خلال استضافة هذا الحدث فرصة لدول المنطقة للتعاون مع الشركاء الدوليين وتأهيل جيل جديد من خبراء الفضاء العرب ليعملوا من أجل الإنسانية.
كما أن استضافة دولة عربية لهذا الحدث المهم يعد بمثابة حافز جديد لدول المنطقة للاقتداء بها والاستفادة من تجربتها.
استثمار رئاسة "كوبوس"
السبب الثالث لأهمية الحوار، أنه يجسد استثمار الإمارات لإنجازها برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي "كوبوس" لصالح البشرية.
وفازت دولة الإمارات مطلع يونيو/ حزيران الماضي برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي "كوبوس"، أحد أكبر اللجان في الأمم المتحدة، والتي تضم في عضويتها 100 دولة، وذلك في إنجاز جديد للدبلوماسية الإماراتية يعكس نجاح سياستها الخارجية.
ويكتسب فوز الإمارات بهذا المنصب خلال المرحلة الراهنة أهمية استثنائية، باعتبارها مرحلة مهمة في وضع السياسات الفضائية، حيث تنافس دول العالم في إطلاق أعداد كبيرة من الأقمار الاصطناعية، وسيكون دور اللجنة محورياً في بناء السياسات لضمان استدامة الفضاء وتشجيع تبني الأطر التنظيمية الداعية لتبني السلوك المسؤول.
ويسهم "حوار أبوظبي للفضاء" في تعزيز مساهمة دولة الإمارات في سياسات الفضاء الدولية وقيادة الحوارات العالمية حول التحديات الرئيسية التي تواجه الفضاء، انطلاقاً من التزامها الكامل في المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية في هذا المجال.
وتولى عمران أنور شرف الهاشمي، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ منصب رئيس لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي "كوبوس".
ودعما لدوره الجديد، أصدر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، أمس الأربعاء، مرسوماً اتحادياً للعام 2022، بتعيين عمران أنور السيد محمد شرف الهاشمي، عضواً في السلك الدبلوماسي والقنصلي بدرجة سفير، ومساعداً لوزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة.
وبحسب النظام المعمول به في المؤسسة الأممية، تستمر رئاسة دولة الإمارات للجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي "كوبوس"، التي تأسست لأول مرة العام 1959، وتتبع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي، لمدة عامين 2022-2023.
إنجازات تاريخية
أيضا تعد استضافة الإمارات لحوار مهم من هذا القبيل هو إنجاز في حد ذاته، كما إنه يأتي تتويجا للإنجازات الإماراتية التاريخية لها في قطاع الفضاء.
وضمن سلسلة إنجازات مهمة، حققت الإمارات إنجازات عديدة على مدار الشهرين الماضيين فقط، رسخت ريادتها العالمية في قطاع صناعة الفضاء واستكشافه، والذي بات أولوية رئيسية في الخطط التنموية المستقبلية للدولة.
وكان أحدث الإنجازات الإماراتية قبل نحو أسبوع، عبر إعلان مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، أول مهمة فضائية لاستكشاف الكواكب تقودها دولة عربية، نهاية أغسطس/ آب الماضي، عن تسجيل ملاحظات هي الأولى من نوعها عن نوع جديد من الشفق البروتوني حول المريخ.
وقد توفر ظاهرة الشفق البروتوني المتقطع التي تحدث في أماكن متغيرة فهماً جديداً حول تغيّرات غير متوقعة في سلوك الغلاف الجوي للمريخ.
وقدم "مسبار الأمل" منذ وصوله إلى مدار كوكب المريخ في 9 فبراير/ شباط 2021، مساهمات علمية غير مسبوقة ومعلومات هي الأولى من نوعها حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات مختلفة.
جاء هذا الإنجاز بعد نحو شهر من إعلان مركز محمد بن راشد للفضاء 25 يوليو/ تموز الماضي اختيار رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي للمشاركة في أول مهمة طويلة الأمد على متن محطة الفضاء الدولية ضمن بعثة وكالة الفضاء الامريكية "ناسا" و"سبيس إكس "Crew-6، التي ستنطلق في ربيع عام 2023، ليكون النيادي أول رائد فضاء عربي في مهمة طويلة الأمد في محطة الفضاء الدولية.
وبتلك المهمة ستصبح الإمارات الدولة الـ 11 في التاريخ التي تشارك في مهمة طويلة الأمد في الفضاء.
وسيقضي النيادي 6 أشهر على متن محطة الفضاء الدولية، يجري خلالها العديد من التجارب العلمية المعمقة والمتقدمة، ضمن "برنامج الإمارات لرواد الفضاء" لتدريب وإعداد فريق من رواد الفضاء الإماراتيين، وإرسالهم إلى الفضاء لتنفيذ مهام علمية مختلفة.
وجاءت مهمة النيادي بعد توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية في أبريل / نيسان الماضي بين مركز محمد بن راشد للفضاء وشركة "أكسيوم سبيس"، الشركة المتخصصة في رحلات الفضاء المأهولة وتطوير البنى التحتية الفضائية في الولايات المتحدة لاستكشاف الفضاء.
إنجاز جاء بعد نحو أسبوع من إطلاق الإمارات يوم 17 يوليو / تموز البرنامج الوطني للأقمار الاصطناعية الرّادارية "سرب" لتطوير سرب من الأقمار الرّادارية، والذي يعد أحد البرنامج النوعية والأولى عربياً في القطاع الفضائي.
وسيسهم البرنامج في رصد المتغيرات التي تطرأ على كوكب الأرض بسبب التغيرات المناخية والعمل على إيجاد حلول مبتكرة للاستدامة البيئية والموارد على سطح الأرض.
وبالتزامن مع إطلاق البرنامج أعلنت الإمارات تأسيس صندوق استراتيجي متخصص لدعم قطاع الفضاء في الدولة، يعمل على توفير الموارد المالية وحوكمة إدارتها وبما يتواءم مع توجه الدولة نحو إيجاد حلول بديلة ومبتكرة لتمويل المشاريع وتنمية القطاع.
وسيسهم تأسيس الصندوق- الذي سيكون تحت مظلة وكالة الإمارات للفضاء والبالغ قيمته 3 مليارات درهم- في تعزيز الاستثمارات من المهتمين من رواد الأعمال والشركات الخاصة، والعمل على تمويل وتسهيل تطوير الأنشطة والمشاريع الفضائية المستقبلية.
وفي 3 يوليو / تموز من الشهر نفسه، أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء انتهاء "المهمة رقم واحد" من مشروع الإمارات لمحاكاة الفضاء وتحقيق أهدافها بنجاح كبير وذلك ضمن برنامج البحث العلمي الدولي في المحطة الأرضية الفريدة "سيريوس21" والتي انطلقت 4 نوفمبر / تشرين الثاني 2021 وامتدت 8 أشهر بهدف دراسة التأثيرات الطبية الحيوية والنفسية لدى البشر الناجمة عن العزلة في الفضاء.
وشارك في المهمة رائد محاكاة الفضاء الإماراتي صالح العامري من مركز محمد بن راشد للفضاء.
وتأتي مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في المهمة لدعم المجتمعات العلمية ومراكز الأبحاث محلياً وعالمياً حيث ستنعكس مخرجات المهمة إيجاباً على جهود البحث العلمي خاصة أن العامري أجرى 70 تجربة خلال مدة المهمة بينها 5 مشاركات من أربع جامعات إماراتية تغطي مجالات علم وظائف الأعضاء وعلم النفس وعلم الأحياء.
يأتي هذا فيما تستمر الإمارات في التحضير لإطلاق أول مستكشف إماراتي وعـربي يهبط على سطح القمر، وكذلك مشروع صنع مركبة فضائية إماراتية لانطلاق في رحلة استكشافية إلى كوكب الزهرة وحزام الكويكبات في المجموعة الشمسية.
مكانة مرموقة
أيضا ترسخ الإمارات عبر استضافة هذا الحوار المهم مكانتها الدولية المرموقة في قطاع الفضاء.
وأكدت سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة رئيسة مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء ورئيسة لجنة حوار أبوظبي للفضاء، الدور الريادي الذي تؤديه دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي رسخت مكانتها عضواً أساسيا في هذه الصناعة وفي وقت قياسي، حيث أصبحت اليوم تمتلك 19 قمراً اصطناعياً مدارياً، و10 مركبات فضائية جديدة قيد التطوير، وأكثر من 50 شركة ومؤسسة ومنشأة فضائية عالمية وناشئة، و5 مراكز بحثية لعلوم الفضاء، إضافة إلى عدد من أهم البرامج الجامعية والشهادات الخاصة في العلوم الفضائية في الدولة، القادرة على تخريج نخبة من الكوادر المؤهلة لقيادة مستقبل هذا القطاع.
وبينت " أن حوار أبوظبي للفضاء، يستهدف خلق منبر عالمي مهمته وضع سياسات نموذجية على مستوى الدول، والتعاون في استخدام الفضاء الخارجي، لما فيه صالح الشعوب وبهدف تطوير البرامج والمبادرات العامة والخاصة في هذا الإطار، بما يعزز دور الإمارات العربية المتحدة الريادي في دعم قطاع الفضاء على المستوى الدولي، ويؤكد التزامها بالمعاهدات الدولية في زمن التكتلات الجيوسياسية والجيواقتصادية".
وأكدت أن دولة الإمارات "تعد سباقة في مشاركتها الفاعلة في المنظمات والمحافل الدولية المعنية بالفضاء الخارجي، وهي عضو في أربع من أصل خمس معاهدات دولية رئيسية للفضاء، بما فيها معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، واتفاقية المسؤولية التي تعود لعام 1972، واتفاقية التسجيل لعام 1975، واتفاقية الإنقاذ لعام 1968".
ويستضيف الحوار مجموعة من أهم القيادات العالمية في مجال الفضاء من الصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وكوريا، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى استضافة عدد من الحوارات الثنائية والمشتركة بين القادة المشاركين، الذين سيناقشون آليات استدامة الأنشطة الفضائية، وأحدث العلوم والتكنولوجيا المتعلقة في الصناعة.